تردد أن الدكتور عصام شرف سيعيد خلال أيام تشكيل المجلس الأعلي للصحافة.. وذلك إجراء مهم للغاية وإن كان قد تأخر كثيرا. ولكن الخوف كل الخوف أن يأتي التشكيل الجديد أسوأ بما لا يقاس من التشكيل القائم المسئول عن الكثير من الكوارث ومظاهر الفساد التي عانت منها المهنة طوال السنوات الماضية..ولكي لا يحدث ذلك فإن من واجبنا تنبيه رئيس الوزراء الي أنه بصدد إتخاذ أخطر قرار بعد ثورة 25 يناير وخاصة أن الثورة لم تصل بعد الي الصحافة والإعلام ..وهذا رأيي الذي أكدته أكثر من مرة ..بل إنني أزعم أن تطهير مصر بعد الثورة لا بد وأن يبدأ بالصحافة والإعلام لأنه لو كان هناك صحافة حرة حقا وإعلام مستقل فعلا في عهد الرئيس المخلوع ، لما حدث وتراكم وتفاقم كل هذا الفساد والقمع والنهب والهدر للمال العام..ومن هنا فإن أي تطهير حقيقي لا بد وأن يبدأ بالصحافة والإعلام ..وكنا نود أن تنجح التغييرات التي شملت بعض المناصب القيادية في الصحف والتلفزيون بعد الثورة في زحزحة جبال الفساد والخراب ..ولكن إسناد هذا الملف الحساس للدكتور يحيي الجمل كان كارثيا بكل المقاييس إذ أثبت الرجل جهلا فاضحا وفادحا بشئون المهنة ..وتداخلت العلاقات الشخصية مع المصالح وأصابع رجال النظام البائد في المجلس الاعلي للصحافة لتصير الامور الي ما صارت اليه ..كما نرجو أن تطول يد العدالة كبار وصغار بارونات الصحافة الذين سرقوا ونهبوا المليارات..ويجب محاكمة هؤلاء واسترداد أموال الشعب منهم لأنهم خانوا الامانة مرتين ..مرة عندما زيفوا الحقائق وروجوا أكاذيب النظام وسكتوا عن الفساد ..ومرة اخري عندما شاركوا في الفساد واستحلوا المال العام واقتنوا القصور والفيلات والاراضي في البحر الاحمر والساحل الشمالي وغيرهما ..وأرجو بل أُطالب بأن يُسِند الدكتور عصام شرف تشكيل المجلس الاعلي للصحافة الي أهل الإختصاص والي تيار الاستقلال النقابي بالذات ، وخاصة رموز هذا التيار وعلي رأسهم الاستاذان جلال عارف ورجائي الميرغني..وأرجو أن يعلم رئيس الوزراء ، إن كان لا يعلم ، أن جلال عارف هو الذي دشن مرحلة الحراك السياسي التي توجت بقيام ثورة 25 يناير..فقد أحدث جلال عارف أول إنقلاب سياسي في عهد حسني مبارك عندما نجح في إسقاط المرشح الحكومي لمنصب نقابة الصحفيين عام 2003 ..وقاد جلال معركته المشهودة علي رأس تيار الاستقلال النقابي تحت شعار " التغيير".. ولم يسفر نجاحه عن تغييرات جذرية في العمل النقابي فحسب ولكنه فتح الباب واسعا أمام تغيير أعمق في المجتمع ككل عندما حرر سلم النقابة ليصبح قِبلة ومصدر إلهام للحركات الاحتجاجية المتصاعدة ..من زلزال "كفاية" الي إنتفاضة القضاة..مرورا بحركة 6 أبريل وإنتهاء" ب"الجمعية الوطنية للتغيير " التي قادت المعركة الاخيرة ضد نظام مبارك ولا زالت تقود النضال ضد بقايا وذيول هذا النظام..وأري أنها الاحق بأن يُعقد لها لواء قيادة الثورة التي باتت مهددة نتيجة عشرات الإئتلافات العشوائية التي ظهرت وتحاول إنتزاع زعامة غير مستحقة وإدعاء أدوار نضالية لم يجرؤ علي إدعائها مناضلون حقيقيون كبار تحدوا نظام مبارك القمعي منذ سنوات طويلة ، وخاصة منذ انتفاضة الصحفيين في 2003 وحتي الآن، ونتيجة تكالب بعض القوي السياسية التي كانت معارضة للثورة حتي يوم 28 يناير علي إقتسام مغانم الثورة!!.. وبما أن جلال عارف ورجائي الميرغني هما الرقم الصعب في ملف إصلاح الصحافة ، فإنني اتصور أنه من الإنصاف لهما وللمهنة ألا يبتعد منصب رئيس المجلس الاعلي للصحافة في تشكيله الجديد بعد ثورة 25 يناير عن أي منهما..وإن كنتُ أميل بل إنني اطالب بإلغاء المجلس الاعلي للصحافة وإسناد كل مهامه وصلاحياته الي نقابة الصحفيين..ولكن بعد تطهير النقابة من بقايا و"فلول" أمن الدولة ولجنة السياسات الذين تحالفوا مع ممثلي الاخوان وظلوا يديرون النقابة بشكل غير شرعي منذ قضت المحكمة الدستورية العليا في الثاني من يناير الماضي ببطلان القانون 100 الخاص بالنقابات المهنية والذي جرت علي اساسه إنتخابات مجالس النقابات الحالية..ولم تكتف "أغلبية" أعضاء المجلس بتجاهل حكم الدستورية العليا فقط ، ولكنهم إنتهكوا القانون مرة اخري عندما ظلوا متمسكين بكراسيهم والإصرار علي إغتصاب السلطة بعد إستقالة خمسة من زملائهم من عضوية المجلس مطالبين بإجراء انتخابات مبكرة بناء علي حكم البطلان الصادر من الدستورية العليا وهو ما أخذت به جميع النقابات المهنية واضطر مجلس نقابة الصحفيين غير الشرعي أن يأخذ به مؤخرا بعد أن اسقط في يده ، وحاصرته صفة اللامشروعية إثر تأييد المحكمة الادارية العليا حل مجلس نقابة المحامين وإجراء الانتخابات..وكان الزميل يحيي قلاش عضو مجلس نقابة الصحفيين المستقيل قد رفع دعوي قضائية ببطلان مجلس النقابة بناء علي نفس الحيثيات..والآن وقد أعلن مجلس النقابة غير الشرعي عن إجراء الانتخابات فيجب أن يرفع يده فورا عن إدارة النقابة ويترك هذه المهمة للجنة مستقلة من الجمعية العمومية ..وذلك لأنه فاقد للشرعية ولمنع تضارب المصالح طبقا للتقاليد والاعراف النقابية..وأخيرا فإنني أكاد اجزم بأن ثورة 25 يناير العظيمة لن يكتمل نجاحها إلا بتطهير الصحافة ، وتطهير الصحافة يبدأ بتطهير النقابة من آثار ومخلفات ومخالفات مجلس غير شرعي يجب أن تحاسبه الجمعية العمومية حسابا عسيرا علي أنه لم يحترم القانون ولم يدافع عن المهنة كما يجب.. ويكفي الاعلان عن قيام أكثر من نقابة مستقلة أو عشوائية ، مما يهدد بتقويض النقابة الشرعية ، دون أن يطرُف لهذا المجلس جفن!!.