أصبح مؤكدا سقوط النظام الذي كان يحكم مصر علي مدي ثلاثين عاما ولم يعد هناك أي شك علي اننا وبعد ثورة 52 يناير علي أبواب مرحلة جديدة في حياتنا السياسية. كل الأمل في ان تُقدر جميع قوي الشعب أهمية العمل علي تخطي اشواك ومطبات هذه المرحلة وان تتحمل المسئولية عن جدارة للعبور بالوطن إلي بر الأمان. ان مقياس النجاح في هذه المهمة مرهون بتوافر الأمن والاستقرار وعودة عجلة الحياة إلي الدوران دون أي معوقات وأن توضع في الاعتبار الصالح الوطني قبل أي شيء آخر. في هذا الاطار وعلي ضوء ما حققته ثورة 52 يناير وثقة في الدور الذي تضطلع به قواتنا المسلحة في حماية هذه الثورة وأمن مصر خارجيا وداخليا وضمان استقرار الاوضاع الدستورية لدولة مصر.. فقد اسندت للمجلس الأعلي للقوات المسلحة وبتفويض دستوري كل السلطات العليا بما يسمح له بكل مسئوليات ادارة الشئون العليا للوطن. وفقا لهذه السلطات كان لابد من التصدي الحازم لأي تجاوز في ممارسة الحقوق المشروعة الي الحد الذي يهدد أمن واستقرار الوطن. ولقد رأي المجلس وبعد مضي ستة شهور علي الثورة وفي اطار السلطات الدستورية المكفولة ضرورة ان يرتفع الجميع إلي مستوي المسئولية الوطنية خاصة بعد ان بدأت الأمور تدخل الي مرحلة جديدة من الفوضي والتسيب اللذين يتعارضان ويتناقضان مع متطلبات الانضباط اللازم لانطلاق مسيرة الاصلاح والتحول نحو الديمقراطية الحقيقية والحكم المدني الدستوري. انطلاقا من تصاعد السلوكيات السلبية التي توحي بوجود سلطة اخري غير دستورية تحاول ان تقبض علي السلطة في البلاد كان لابد وأن ينبري المجلس الأعلي للقوات المسلحة لوضع الأمور في نصابها والتحذير من مثل هذه الممارسات من جانب أي جهة كانت. كان اللواء محسن الفنجري مساعد وزير الدفاع وعضو المجلس الأعلي للقوات المسلحة وفي نبرة القائه للبيان حازما في التأكيدعلي التمسك بالسلطة الدستورية المخولة للمجلس. وفي هذا الجانب فأنه يهمني ان اقول إن هذا الحزم من جانب المجلس الأعلي للقوات المسلحة قد جاء متأخرا واتسم بالبطء في التفاعل والتعامل مع هذه الممارسات التي تزيد من الشكوك والاضطرابات مما ينعكس سلبا علي الأمن والاستقرار الذي أصبحنا نعاني منه حاليا. المهم الان ان يكون المجلس علي قدر المسئولية بالصمود أمام الضغوط وان يواجه بكل الحزم عمليات الخروج عن النظام والقانون وكل ما يهدد مصلحة هذا الوطن. أشار البيان شديد اللهجة الذي اخذ طابع فراغ الصبر الي انحراف البعض بالتظاهرات والاحتجاجات بعيدا عن النهج السلمي وجنوحا إلي الاضرار بمصالح الوطن والمواطنين وتعمد تعطيل مرافق الدولة.. وقد فُهم من التحذير واسلوبه ومضمونه النية في التصدي لهذه السلوكيات غير المسئولة والتي تستهدف التخريب والتدمير لمقومات الحياة العامة. وحرص البيان علي التأكيد بعدم السماح بالقفز علي السلطة أو تجاوز الشرعية الدستورية وانه سيتم المجابهة بالاجراءات اللازمة لدرء الاخطار التي تهدد الأمن القومي. ومع اعلان المجلس الأعلي للقوات المسلحة اضطلاعه بكامل مسئولياته فإنه حرص في نفس الوقت علي التصميم علي السير علي طريق استكمال الكيان الدستوري للوطن وان يجري إعداد وثيقة مباديء حكيمة لاختيار جمعية تأسيسية لإعداد دستور جديد علي أن يتم ذلك وفقا لإعلان دستوري تتوافق عليه كل القوي السياسية. لم ينس البيان التأكيد علي سياسة الحوار مع جميع القوي والاطياف السياسية من أجل تحقيق المطالب المشروعة وهذه المشروعة تحتها عدة خطوط. لا جدال ان هذا البيان الجديد والمهم للمجلس الأعلي للقوات المسلحة والذي طال انتظاره من جانب جموع الشعب القلقة علي مستقبل هذا الوطن والتي فاض بها الكيل نتيجة تطورات الأحداث وتصاعد خطورتها فإنه من المتوقع ان يشيع ما جاء فيه احساسا بالاطمئنان من الغالبية الكاسحة التي اصابها ما يجري.. بالصدمة والضجر وعدم الراحة. ان الرد الطبيعي لمردود هذا البيان هو وقوف هذه الغالبية الشعبية صفا واحدا وراء المجلس الأعلي للقوات المسلحة من أجل تأمين هذا الوطن والقضاء علي كل مصادر الفتن واللعب بأمنه واستقراره. علينا جميعا المشاركة بكل قوانا من اجل تهيئة المناخ المناسب لبناء هذا الوطن علي أسس سليمة من الديمقراطية والحرية وليس بالفوضي والضياع وهز الاستقرار.