السيسي يشهد حفل تخرج جديدة من طلبة أكاديمية الشرطة    أسعار الذهب اليوم الأحد 29-9-2024 في مصر    خبير علاقات دولية: دور مجلس الأمن في حفظ السلام معطل    حدث ليلا.. كواليس اغتيال حسن نصر الله وانقطاع الكهرباء عن 3.5 مليون أمريكي بسبب الإعصار «هيلين»| عاجل    مسئول أمريكي كبير يرجح قيام إسرائيل بتوغل بري محدود في لبنان    3 شهداء فى قصف الاحتلال الإسرائيلى شمال ووسط قطاع غزة    عاجل.. سقوط أمطار وتحذيرات من شبورة مائية على الطرق.. اعرف حالة الطقس اليوم    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى العياط    تفاصيل الحالة المرورية على الطرق والمحاور الرئيسية «فيديو»    شيرين توجه رسالة لشقيقها: «آسفة بعتك بأرخص تمن».. والأخير يرد    ريهام عبدالغفور تنشر صورة تجمعها بوالدها وتطلب من متابعيها الدعاء له    مجدي عبدالغني: الأهلي يحتاج لعودة خالد بيبو.. وتقدمت ببلاغ للنائب العام    حديد عز يتجاوز 43,000 جنيه.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 29-9-2024    صدمة إسعاد يونس من ابنها بسبب علاقة غير مشروعة.. أحداث الحلقة 6 من مسلسل «تيتا زوزو»    فخري الفقي: 30% من الدعم العيني يذهب لجيوب غير المستحقين ويزيدهم ثراءً    المندوه: ركلة جزاء الأهلي في السوبر الإفريقي «غير صحيحة»    محمد طارق: السوبر المصري هدف الزمالك المقبل..وشيكابالا الأكثر تتويجا بالألقاب    مصر تسترد قطعا أثرية من أمريكا    أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه اليوم الأحد 29 سبتمبر    إسرائيل تمهد لعمل بري في لبنان، وإيران تطالب بإدانة "العدوان الإرهابي"    قفزة في سعر الكتكوت.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024    بحضور السيسي، الداخلية تحتفل بتخريج دفعة من كلية الشرطة، اليوم    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: «احترم نفسك أنت في حضرة نادي العظماء».. تعليق ناري من عمرو أديب بعد فوز الزمالك على الأهلي.. أحمد موسى عن مناورات الجيش بالذخيرة الحية: «اللى يفت من حدودنا يموت»    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 29 سبتمبر    داعية إسلامي يضع حلًا دينيًا للتعامل مع ارتفاع الأسعار (فيديو)    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    كتابة الاسم العلمي للدواء يقلل المشكلات الطبية.. تفاصيل    نشوي مصطفي تكشف عن مهنتها قبل دخولها المجال الفني    طائرات الاحتلال تشن غارة جوية على مدينة الهرمل شرقي لبنان    لصحة أفراد أسرتك، وصفات طبيعية لتعطير البيت    الجيش الأردني: سقوط صاروخ من نوع غراد في منطقة مفتوحة    إصابة ناهد السباعي بكدمات وجروح بالغة بسبب «بنات الباشا» (صور)    أمير عزمي: بنتايك مفاجأة الزمالك..والجمهور كلمة السر في التتويج بالسوبر الإفريقي    المنيا تحتفل باليوم العالمي للسياحة تحت شعار «السياحة والسلام»    موعد مباراة ريال مدريد ضد أتلتيكو مدريد في الدوري الإسباني والقنوات الناقلة    لافروف يرفض الدعوات المنادية بوضع بداية جديدة للعلاقات الدولية    حكاية أخر الليل.. ماذا جرى مع "عبده الصعيدي" بعد عقيقة ابنته في كعابيش؟    أول تعليق من محمد عواد على احتفالات رامي ربيعة وعمر كمال (فيديو)    "حط التليفون بالحمام".. ضبط عامل في إحدى الكافيهات بطنطا لتصويره السيدات    مصر توجه تحذيرا شديد اللهجة لإثيوبيا بسبب سد النهضة    «غرور واستهتار».. تعليق ناري من نجم الأهلي السابق على الهزيمة أمام الزمالك    الصحة اللبنانية: سقوط 1030 شهيدًا و6358 إصابة في العدوان الإسرائيلي منذ 19 سبتمبر    أسعار السيارات هل ستنخفض بالفترة المقبلة..الشعبة تعلن المفاجأة    «التنمية المحلية»: انطلاق الأسبوع التاسع من الخطة التدريبية الجديدة    راعي أبرشية صيدا للموارنة يطمئن على رعيته    ورود وهتافات لزيزو وعمر جابر ومنسي فى استقبال لاعبى الزمالك بالمطار بعد حسم السوبر الأفريقي    برج السرطان.. حظك اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024: عبر عن مشاعرك بصدق    "100 يوم صحة" تقدم أكثر من 91 مليون خدمة طبية خلال 58 يومًا    «شمال سيناء الأزهرية» تدعو طلابها للمشاركة في مبادرة «تحدي علوم المستقبل» لتعزيز الابتكار التكنولوجي    «الداخلية» تطلق وحدات متنقلة لاستخراج جوازات السفر وشهادات التحركات    سيدة فى دعوى خلع: «غشاش وفقد معايير الاحترام والتقاليد التى تربينا عليها»    ضبط 27 عنصرًا إجراميًا بحوزتهم مخدرات ب12 مليون جنيه    وزير التعليم العالى يتابع أول يوم دراسي بالجامعات    عيار 21 بعد الارتفاع الأخير.. أسعار الذهب اليوم الأحد في مصر تثير دهشة الجميع «بيع وشراء»    باحثة تحذر من تناول أدوية التنحيف    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    أحمد عمر هاشم: الأزهر حمل لواء الوسطية في مواجهة أصحاب المخالفات    في اليوم العالمي للمُسنِّين.. الإفتاء: الإسلام وضعهم في مكانة خاصة وحثَّ على رعايتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفكر المصري الكبير والفقيه القانوني والدستوري الدكتور محمد نور فرحات في حوار مع الأخبار لا تنقصه الصراحة:
التوريث.. هدفه التستر علي فساد النظام السابق والإخوان المسلمون أعلنوا تأييدهم للفكرة!
نشر في الأخبار يوم 07 - 07 - 2011

د. محمد نور فرحات اثناء حواره مع الزميل حنفى المحلاوى
لا مانع من استخدام قانون الطوارئ لمواجهة الانفلات الأمني
أطالب بتخصيص دوائر متفرغة بمحاكم
الجنايات خاصة برموز النظام!
وجود مثل هذا المفكر بيننا يجعلك في حالة اطمئنان علي مستقبل مصر لما يتمتع به من أفق واسع وأفكار بناءة.. واستعداد للتضحية مهما كان ثمنها!. وأنا هنا أحسده علي عطائه المتجدد في كل المجالات والميادين التي شرفت به وبعلمه وبأفكاره وبكلماته سواء المكتوبة أو المسموعة أو المرئية.. ورغم المجهود الذي بذله الأستاذ الدكتور نور فرحات طوال أمس من اجتماعات ولقاءات وأحاديث.. إلا أنه لم يرفض أن أجري معه هذا الحوار إيماناً منه بدور الإعلام خاصة في هذه المرحلة بعد ثورة 52 يناير، ليس ذلك فقط، بل كان دائماً يتابعني بخطواته هنا وهناك كي أطمئن علي ما وعدني به. وليس سراً إذا ما قلت إن هذا الحوار قد ظل معلقاً بين السماء والأرض نظراً لتغير الظروف التي ارتبطت به منذ اللحظة التي اتفقنا فيها علي موعده!. هذه الظروف التي امتدت إلي ما بعد منتصف ليلة أمس، حيث كان علي الأستاذ الدكتور نور فرحات أن يسافر بعد عدة ساعات، وكان عليه وفاء لما وعد به أن يتم إجراء هذا الحوار. واتفقنا علي أن يكون اللقاء في منزله العامر الذي يقع بالقرب من مطار القاهرة، وبعد منتصف الليل، بعدما كان المكان في مكتبه، وعندما تقابلنا.. رأيت علي وجهه ابتسامة عريضة تنم عن تفاؤل كبير وترحيب أكبر بي وبزميلي المصور.. ونظراً لتأخر الوقت فقد طلبت منه أن نبدأ هذا الحوار علي الفور حرصاً علي الوقت المتبقي له كي يستريح فيه قبيل سفره المنتظر بعد ساعات. وأعيد وأكرر أنه لولا كل هذه الظروف لطال وقت إجراء هذا الحوار ولتطرقنا إلي موضوعات أخري مهمة، ولكن علي أي حال، لم نخسر كثيراً لأن كل ما قاله الدكتور فرحات وما صرح به للأخبار في هذا الحوار لن يقل أهمية عما أشرت إليه.. فتعالوا إلي التفاصيل:
دعني أبدأ هذا الحوار بسؤالك عن أسباب انشغالك اليوم كله.. حتي الساعات الأولي من الليل.. فماذا كنت تفعل؟!
كنت أحضر الاجتماع الثاني الذي نظمه المجلس الأعلي للقوات المسلحة برئاسة الفريق سامي عنان، مع ممثلي الأحزاب السياسية، في اجتماع الأمس شمل مجموعة من القيادات السياسية. واجتماع اليوم أنا حضرته كممثل لحزب مصر الديمقراطي الاجتماعي.
وهل أنت عضو في هذا الحزب الجديد؟!
أيوه.. أنا عضو مجلس أمناء الحزب، وفي هذا الاجتماع حضر مجموعة كبيرة من ممثلي الأحزاب الأخري.. كالتجمع ورئيس حزب الحرية وممثل حزب المصريين الأحرار.
وهل كان هدفه استكمال حوار الأمس؟
لم نكن طرفاً في حوار الأمس، لأننا مجموعات من قيادات الأحزاب السياسية، وقد استمر هذا الحوار من الساعة الثانية عشرة ظهراً حتي الثامنة مساء.
وبماذا خرجت من هذا الاجتماع الطويل؟!
السادة أعضاء المجلس العسكري صدرهم واسع للنقاش ويتقبلون كل الآراء وكل وجهات النظر.
وماذا عن وجهة نظرك كممثل لهذا الحزب؟!
كانت لدي وجهات نظر كثيرة، منها علي سبيل المثال وجهة نظر خاصة بالمحاكم الجنائية التي تشمل رموز النظام السابق والتي يتم التعامل معها بأسلوب تقليدي، وتنظر هذه القضايا مع بقية القضايا التي تنظرها المحاكم! وكما لو كانت قضايا عادية.. وبالتالي يتم تأجيلها.
وهل سيادتك ضد أو مع هذا التعامل التقليدي في مثل هذه القضايا؟
إن وجهة نظري تقوم علي ضرورة تخصيص عدد من الدوائر بمحاكم الجنايات، تتفرغ تفرغاً كاملاً لمحاكمة رموز النظام السابق، سواء كانت محاكمات خاصة بقضايا قتل المتظاهرين أو قضايا الاعتداء علي المال العام.
اقتراح مهم
وما الدافع الذي جعلك تتقدم بهذا الاقتراح؟!
لأنه يتم التعامل مع هذه القضايا كما لو كانت قضايا عادية يجري تأجيلها بالأشهر الطويلة.. الرأي العام أعصابه أصبحت لا تتحمل مثل هذا التعامل مع هذه القضايا، أضف إلي ذلك أن هذا البطء يؤدي إلي آثار غير صحية.
وهل في تصورك أن الاحتقان الموجود في الشارع المصري الآن هو من أسباب هذه المحاكمات البطيئة؟!
إنه أحد الأسباب، لأنه ليس لنا أن نطلب من الناس البسطاء أن يكونوا علي إلمام بمبادئ الإجراءات الجنائية وإجراءات المحاكم وسلطة المحكمة في تأجيل الدعوي أشهر طويلة. نحن أمام قضايا تهم كل المصريين، ونحن لا نطالب باللجوء إلي القوانين الاستثنائية أو القضاء الاستثنائي، وكل ما نطالب به أن يتم تخصيص دوائر داخل محاكم الجنايات العادية للنظر في هذه القضايا دون أن تكون منشغلة بقضايا أخري.
وماذا عن ردود أفعال المجلس الأعلي العسكري؟!
إنه يستمع، ثم بعد ذلك يتداول، وبعدها يتخذ القرار المناسب.
ولماذا في رأيك كأستاذ قانون يتم تخصيص مثل هذه الدوائر في هذه القضايا؟!
حتي لا يكون عبء القضايا الأخري التي تنظرها المحاكم سبباً في تعطيلها وهي قضايا تهم الرأي العام.
وهل أنت مطمئن قانونياً من ناحية التعامل جنائياً مع رموز النظام السابق؟!
إن القاضي يحكم بما هو تحت نظره من أدلة، والأدلة هنا تقسم إلي أدلة فنية مثل الفحوصات وتقارير الطب الشرعي والأدلة الجنائية والمعامل، ثم أدلة قولية وهي شهادة الشهود، أنا مطمئن لقضاء القاضي.. لأن في مصر قضاء نزيه، وإنما ما قبل هذا القضاء من صناعة الأدلة عليه بعض التساؤلات، مثال ذلك التقارير التي قُدمت والخاصة بأسباب قتل المتظاهرين والتي أعلنها مجلس حقوق الإنسان، التي أدانت تقارير الطب الشرعي. أما المسألة الثانية التي أثرتها أيضاً هي الخاصة بالإفراج عن الضباط المتهمين بارتكاب جرائم قتل المتظاهرين.
إذن أنت ضد الإفراج عنهم؟!
أنا لست في موضع يجعلني مع أو ضد. وإنما في موضع أستاذ قانون أستطيع أن أقول إن المتهم المفرج عنه خصوصاً إذا كان صاحب وظيفة وسلطة قد يتمكن من التأثير في الأدلة.
العدالة والأخلاق
لقد قرأت لك أنك من بين أساتذة القانون في مصر المشغولين بالقانون والعدالة والأخلاق والحرية.. نريد أن نعرف منك لماذا، وما تصورك لدور كل من هذه المبادئ.. الأربعة؟!
لأنني وبصفتي أستاذ فلسفة القانون أتعامل مع نص القانون من موقع نقدي، هذا التخصص الخاص بي والقائم علي تقييم النص القانوني وليس تحليل النص القانوني. أي التساؤل عما وراء هذا النص القانوني، وما بواعثه وما غاياته؟!
وهل ذلك يرتبط بالأخلاق؟
بطبيعة الحال.. لأن النص القانوني يصبح فعالاً كلما أصبح منسجماً مع أخلاقيات المجتمع.
انحرافات تشريعية
وهل القانون كان غائباً في فترة الحكم السابق؟!
لقد كان القانون موجوداً، إنما العملية التشريعية سواء علي مستوي الدستور أو علي مستوي التشريع العادي شهدت انحرافاً لتوجيه نصوص القانون لخدمة أغراض، قد تكون أغراضاً غير أخلاقية، مثل المادة 67 الشهيرة من الدستور والتي فصلت ووضعت كي ينتقل الحكم من الأب إلي ابنه!. وعلي مستوي التشريع العادي، فهناك العديد من التشريعات التي وافق عليها مجلس الشعب ولا تخدم إلا أشخاصاً معدودين. من هنا نستطيع أن نقول إنه كان هناك انحراف في استخدام القانون والسلطة التشريعية، إلي جانب ذلك فإن تفعيل القانون بصفة عامة كان يقوم علي التمييز، وأصبح ينطبق علينا الحديث الشريف إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. وعايز أقول لك انه من المبادئ الأساسية لأي نظام قانوني، أن يطبق علي وجه العموم وبلا استثناءات.
ومن المسئول عن هذا الانحراف التشريعي الذي أشرتم إليه؟!
إن المسئول عن هذا الانحراف التشريعي في قول واحد هم زمرة من رجال القانون وهبوا أنفسهم لخدمة نزوات وتوجهات الحاكم!
وما الهدف من وراء ذلك؟!
أقول لك ان الاشتغال بمهنة القانون تقرب أصحابها كثيراً من السلطة، لأن القانون هو الإفصاح عن توجهات السلطة العامة في تنظيم العلاقات الاجتماعية، فرجل القانون بحكم هذه المهنة وهذا الموقع.. يصبح قريباً من السلطة، فإما أن يراعي ضميره، ويصبح مستقلاً وناقداً للسلطة ولقانون السلطة ولتعامل السلطة مع القانون، وإما أن يراعي مصالحه الشخصية فيطوع القانون الذي يقوم بصناعته لخدمة أهداف السلطة.. سواء كانت أهدافاً مشروعة أو غير مشروعة.
وماذا عن النسبة المئوية الخاصة بهؤلاء القضاة؟!
أنا ألقيت محاضرة في مكتبة الاسكندرية، منذ عامين وأهديها لقادة الإخوان المسلمين الذين لا يتحرجون عن مهاجمة من يختلف معهم، حتي بمحو تاريخه المهني، والمحاضرة كانت بعنوان »الثقافة والقانون« وتحدثت فيها عن صور الانحراف التشريعي الذي مارسه مجلس الشعب الذي كان يرأسه الدكتور أحمد فتحي سرور في ذلك الوقت. صور الانحرافات التشريعية التي أدت إلي تفصيل نصوص قانونية معينة لخدمة نزوات الأفراد.
ردود الأفعال
وهل كانت هناك ردود أفعال من جانب رموز النظام علي موضوع هذه المحاضرة؟!
إن نظام مبارك كان من إحدي خصائصه أنه مادام كان حديثك لن يؤدي إلي حركة عملية في الشارع المصري، كان يتسامح. وذلك بناء علي الشعار المرفوع في ذلك الوقت: »دعهم يقولوا ودعنا نفعل ما نشاء«.
وأين كان مفكرو هذه الأمة وفقهاء القانون بها، حين كان يتم هذا الانحراف؟!
لقد نبهنا إلي ذلك، وأنا شخصياً كتبت مقالاً أحدث ردود أفعال داخل الشارع المصري وخارجه، وكان عنوانه »المسكوت عنه في حديث الرئاسة في مصر« وعايز أقول لك في هذا السياق، لا يجب عليك أن تستهين بما أحدثه الكُتاب والمفكرون من المخلصين لمهنتهم ولضميرهم وقيم الحرية، كل ذلك أدي إلي توعية الشباب وجعلهم يتساءلون أين الخطأ وأين الصواب. ومظاهر الخطأ وكيفية علاجه، وظل يكبر حتي وصل إلي ذروته أيام 52 يناير وما تبعها من أحداث.. وفي هذا الوقت ومع احترامي لكل القوي السياسية، لدي تصريح منشور للشيخ مهدي عاكف المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين، ذكر فيه أن الجماعة لا يهمها ما يسمي بأمر التوريث!. ولدي تصريح آخر نشر مع بداية ولاية الدكتور محمد بديع المرشد الجديد جاء فيه ان الجماعة لا تمانع في ترشيح جمال مبارك لرئاسة الجمهورية ووضع شرطاً مستحيلاً وهو أن تتوافر للآخرين نفس الظروف والإمكانيات التي تتوافر له، هنا يبرز دور المثقف المخلص لضميره ولمهنته ولفكره ورجل السياسة الذي يناور بالمبادئ في مواقف سياسية معينة تحقيقاً لأهداف سياسية لا علاقة لها بالمبادئ المرفوعة.
بالنسبة لثورة 52 يناير.. هل كانت مفاجأة لك؟!
إطلاقاً.. لم تكن مفاجأة لي ولا لغيري.. لقد كنا جميعاً نتوقع أن هناك شيئاً ما قادماً، وكنا نقول إننا بالفعل كنا نعيش في فترة كانت تماثل الفترة التي سبقت ثورة يوليو 2591.
الانفجار
إذن كانت هناك ملامح توحي بانفجار قريب.. ما هذه الملامح؟!
أقول لك.. عندما تصل أزمات المجتمع إلي ذروتها، وقد أشرت إلي ذلك في أكثر من مقال لي نشر قبل الثورة تحت عنوان »الحزب لوطني شائعة سياسية!«.. لأنه لم يكن هناك شيء يسمي بالحزب الوطني، إنما كانت هناك مجموعة من المنتفعين الذين يلتفون حول السلطة السياسية وإذا ما انهارت هذه السلطة سوف ينهار الحزب الوطني، وقد سألوني في هذه الفترة عن مستقبل مصر، قلت لهم إن هذا المستقبل من الممكن التنبؤ به من علي رصيف مجلس الشعب ومجلس الوزراء. لقد كانت الحركات الاحتجاجية تتصاعد ولا تتوقف علي هذه الأرصفة، والمشكلة لم تكن في هذه الحركات الاحتجاجية وإنما المشكلة في أن النظام لم يكن يملك وسيلة للتعامل مع هذه الحركات الاحتجاجية.. لأن سياسته التي تبناها لا تؤهله لكي يصد هذه الاحتجاجات.
طبيعة النظام
وهل ذلك كان ناتجاً عن خوف من النظام السابق.. أم عدم قدرة؟!
أقول لك عن عدم قدرة.. فهل تستطيع أن تطلب من الذئب أن يكون كريماً ونبيلاً مع قطعان الغنم وهل تستطيع أن تطلب من الدب أن يطير؟ طبعاً لا يمكن.. إنها كانت طبيعة هذا النظام وتركيبته والذي كان يقوم علي تحالف السلطة المستبدة مع رأس المال والفساد وبالتالي لا يمكن أن ينتج إلا هذا التدهور الاجتماعي الذي بلغ ذروته يوم 52 يناير، ومن الغريب أن المصريين قد تحملوا هذا النظام لمدة 03 عاماً.
وكيف تحمل هذا الشعب الثلاثين عاماً.. ولماذا؟
شوف.. حسني مبارك في بداية حكمه لم يبشر بالأمل وهذا ظهر جلياً في الأسلوب المتسامح الذي تعامل به مع المعارضة السياسية. وعلي عكس ما كان عليه السادات في أواخر عصره. ورأيه في فترة ولايته التي صرح بأنها سوف تكون مدة واحدة ثم صرح بعد ذلك كفاية عليّ مرتين، ثم بعد ذلك تحولت المرة والاثنتان إلي أنني سأظل رئيساً مادام في العروق دم ينبض، وعايز أقول لك.. حسني مبارك من الممكن أن يكون قائداً عسكرياً ناجحاً، أما في منصبه فلم يكن له البعد السياسي الذي يستطيع أن يقرأ به تفاعلات الشارع السياسي وما يمكن أن يحدث في هذا الشارع.
عيب الشخصية
وهل ما تحدثت عنه بخصوص مبارك، عيب في الشخصية أم في ثقافته؟!
تقدر تقول الشخصية، ويمكن أن تقول ثقافة، ويمكن لك أن تقول أيضاً إنه تعالي علي طلب المعلومات الصحيحة، كما التفت حوله مجموعة منعت عنه المعلومات، وقد استمرأ أن يكون غائباً عن مصدر المعلومات.
وهل لك مواقف خاصة مع الرئيس السابق.. عبرت فيها عن رأيك المخالف لما كان يحدث؟!
3 مرات.. الأولي في لقائه السنوي مع المفكرين بمعرض الكتاب وكان ذلك عقب ولايته الرابعة، لقد قلت له: أما آن الأوان من أجل وضع دستور جديد يلبي مطالب الجماهير والتطلعات الديمقراطية للشعب المصري؟.. فسخر مني ومن الدكتور صلاح فضل الذي أيدني فيما قلته.. وكان دائماً يقول عنا كمثقفين الأفندية الأرذال!. كما كان يقول لنا إن همه الأول هو الإصلاح الاقتصادي، وللأسف لم يحقق إصلاحاً اقتصادياً، بل فساداً اقتصادياً. والمرة الثانية عندما التقيت به في مكتبة الاسكندرية أثناء مؤتمر الإصلاح السياسي الذي عقد أوائل عام 5002 الذي أصدر وثيقة الإصلاح السياسي التي حملها معه إلي أمريكا بعد ذلك كي يبرهن لهم هناك وحتي يرفعوا أيديهم عنه، وفي عام 7002 رسب النظام في أول اختبار حقيقي عندما أقبل علي تعديلات الدستور وال43 مادة منه، هذه التي أعدتها النخبة المحيطة، وكانت هذه التعديلات فضيحة دستورية بكل المقاييس.
معني ذلك أنك اصطدمت بمبارك في بعض الأحيان؟!
يعني تقدر تقول صدام في اختلاف وجهات النظر، وظهر ذلك جلياً في اتصاله بي ربما مرتين أو أكثر.
وماذا عن مواقفه التي عرفتها فيما يخص بعض الأحداث السياسية العربية؟!
أذكر لك أن موقفه من غزو العراق للكويت كان موقفاً طيباً.. لأنه حاول إثناء صدام عن هذا الغزو. وبالمناسبة أحب أن أؤكد لك في هذا السياق أنه ساهم أيضاً في الغزو الأمريكي للعراق!! وفي مقابل هذا الموقف تم إسقاط بعض الديون الأمريكية عن مصر!
ومن أين استقيت هذه المعلومات؟!
التفاصيل ليست في ذهني الآن، ولكن يسأل في ذلك الدكتور مفيد شهاب الذي أصدر فتوي أمام مجلس جامعة الدول العربية والذي عقد قبل هذا الاجتياح الأمريكي للعراق.. برر فيها عدم مساندة الدول العربية للعراق في مواجهة الغزو الأمريكي تنفيذاً لاتفاقية الدفاع المشترك، إذن الموقف المصري من تحرير الكويت لكي أكون دقيقاً معك، ثم غزو العراق.. كان بمثابة ضوء أخضر لتدخل الدول الأجنبية في هذه المنطقة ودليل آخر علي حديثي أن مبارك كان يصرح دائماً بقوله أنا الذي أسقط ديون مصر، وطبعاً ده حصل مقابل إغماض عينيه عن غزو العراق من الجانب الأمريكي.
وماذا عن رؤيته للعلاقات الدولية مع مصر؟!
هذه الرؤية كانت تقوم علي ركيزة أساسية هي الولاء للولايات المتحدة الأمريكية. وذلك لم يكن سراً لأنه كان دائماً ما يصرح بأن علاقتنا مع أمريكا علاقة استراتيجية.
وهل كانت هذه الرؤية سبيله لضمان تأييد الأمريكان له؟!
أمريكا كانت تنظر إليه علي أنه حليف استراتيجي.. كما أنه كان وفق تصريحات الإسرائيليين بالنسبة لهم كنز استراتيجي. أيضاً أنا لا أقول إن ذلك صواب أو خطأ.. إنني أقول إنها كانت تصريحات علنية ومعروفة ولكن الذي أدهشني وأصابني بحرج في كرامتي الوطنية أن مبارك عندما ثار الشعب عليه يوم 52 يناير لم يجد من يشكو له همه ويطلب منه النصيحة سوي الوزير الصهيوني بطل أو مجرم وسفاح واقعة الأسري المصريين بن أليعازر، وقد صرح هو نفسه بذلك، مشيراً إلي ما كان بينه وبين مبارك بعد ثورة 52 يناير، كما أعلنت ذلك هذه التصريحات.
سقوط النظام
نعود ونسألك.. وهل توقعت أن يسقط نظام مبارك؟!
فعلاً توقعت أنه سيسقط هذا النظام، كما توقعت أن النظام سوف يتفسخ وينهار.. ولكنني وللأمانة أقول لك إنني لم أتوقع سقوطه بهذه السرعة، ولم أتوقع أن يتم ذلك من دون مقاومة.. وهنا برز الدور التاريخي والبطولي للجيش المصري الذي ضرب مثلاً علي موقف الجيوش الوطنية في العالم، كما ضرب مثلاً أخلاقياً للقوات المسلحة عن أهمية انحياز الجيوش إلي رغبات الشعوب الثائرة.
وهل كانت هناك بوادر وملامح كنت تلمسها وتشير إلي قرب نهاية هذا النظام؟!
أقول لك.. عندما تصبح الدولة، دولة فاشلة، وبكل مؤسساتها، والمؤسسة الوحيدة المتماسكة كانت القوات المسلحة وهو ما عرف باسم القلب الصلب، كل شيء في هذا البلد كان فاشلاً بدءاً من التعليم إلي غيره، وبالتالي فانتظر السقوط المريع، ليس ذلك فقط وتكون غير قادرة علي التعامل مع حاجات ومطالب الناس فلابد أن تتوقع سقوط هذا النظام.
التزوير
هل تستطيع أن تقول وأنت رجل قانون عظيم، إن تزوير انتخابات مجلس الشعب الأخيرة كانت القشة التي قسمت ظهر البعير.. أقصد ظهر النظام؟!
تقدر تقول إنه كان هناك الكثير من القش الذي قسم ظهر النظام!. وإنما هذا التزوير أظهر للشعب المصري كيف أن هذا النظام وصل به الفجور واللاأخلاقية حداً غير مسبوق. وبالتالي لم يكن للمصريين أن يتسامحوا مع قطاع يكذب عليهم ليل نهار ويزوروا إرادتهم.. ثم يلبس بعد ذلك رداء البطولة ويرفع شعارات كاذبة.
دوافع الاستمرار
وما الأسباب أو الدوافع التي استمد منها هذا النظام وجوده خلال 03 عاماً؟!
السبب الرئيسي أن الله قد أمد في عمر مبارك.. لأن سابقيه قد ماتا وهما في سن ليست كبيرة. بالإضافة إلي ذلك كان مبارك مدعوماً بنظام أمني شديد القمع ومفرطاً في قسوته ضد كل من يتحرك.. مع التسامح الشديد مع كل من يتكلم. هذه التركيبة العجيبة، إضافة إلي المظهر الديكوري للمعارضة السياسية، كل ذلك أدي إلي استمرار النظام في حكمه طوال هذه الفترة، وقد وصل الحال بكل الناس إلي أن أصبح لديها يقين بأن هذا النظام كاذب، وفاسد، ومراوغ، وأن رأس النظام قد أمد الله في عمره وبالتالي كان لديه إحساس بأنه سوف يحكم حتي الرحيل!
وهل من بين هذه الأسباب تركيبة شخصية مبارك.. أم ذكاء ممن كانوا حوله.. أم ضعف الشعب المصري؟!
ليس ذلك كان من نتيجة ضعف الشعب المصري.. ذلك لأن هذا الشعب قد أثبت أنه قادر علي الثورة بذكاء. وقد تجلي ذلك في ثورة 52 يناير باعتبارها ثورة ذكية، لأنها لم ترفع شعار إسقاط النظام إلا بعد فترة. وأنت تعرف أنها في البداية رفعت شعارات الحرية والعدالة والكرامة. ثم بعض المطالب، ثم جاءت شعارات إسقاط النظام عندما وجدت أن النظام يتهاوي. وكما قلت لك.. إن هذا النظام استمد استمراره من وجود 3 عوامل سبق أن ذكرتها لك.. وهي: قبضة الأمن القوية والتنفيس عن مشاعر الناس المكبوتة عن طريق السماح بحرية غير منتجة للتعبير عن وجهات النظر الناقدة، وممارسات سياسة وأحزاب سياسية مشلولة الفاعلية يسمح بها بالتحرك حول النظام وفي إطاره.
وهل بهذا المعني كان النظام السابق يتمتع بالقوة، أم كان هشاً؟!
كان نظاماً لا يفترق عن أي نظام في جمهوريات الموز الموجودة في أمريكا اللاتينية. وهي نظم تعتمد علي القمع ومستغرقة في الفساد في ضوء حماية أجهزة الدولة القمعية.
وماذا عن المستقبل؟!
شوف.. المستقبل في مصر مشرق بإذن الله. وأقول إن ما نشكو منه الآن من قلق هو أقل أعراض ممكنة أو أقل ثمن يمكن أن يدفعه المصريون في بناء مصر الديمقراطية وعايز أقول لك.. إن هذه هي المرة الأولي ومنذ عهد مينا موحد القطرين يكتب المصريون دستورهم بأيديهم! وقبل ذلك كانت كل الدساتير تكتب وتملي علينا أو تستطيع أن تقول إنها المرة الأولي التي سوف يقبل عليها المصريون لكتابة دستورهم بأيديهم.. وما حدث الآن علي الساحة لدينا من صراعات هو صراع صحي، إننا مقبلون بحق علي صياغة دستور يبني مصر الديمقراطية، مثل المدنية ومؤسسات حقيقية تعبيراً عن الإرادة الحرة للمصريين.
وهل هذا الحديث أو هذه النظرة تجعلك في طمأنينة علي الغد أكثر مما هو عليه الآن؟!
بطبيعة الحال.
وهل أنت مطمئن علي الثورة وما توصلت إليه من نتائج؟
هناك بطبيعة الحال مخاطر تحيط بالثورة، ولكنني أثق في قدرة شباب مصر علي مواصلة حمايتهم لهذه الثورة.
وهل تخاف مما يحدث الآن داخل الشارع المصري؟!
تجدني قلقاً. ولكنني مؤمن بأنها مرحلة وإلي زوال.
قانون الطوارئ
وما رأيك في الانفلات الأمني؟!
الانفلات الأمني بعضه مخطط وبعضه تلقائي، والنسبة الأكبر للأسف مخطط، لأن هناك قوي قد فقدت مزاياها، هؤلاء يحتاج التعامل معهم شيئاً من الحزم، وعلي فكرة أجهزة الأمن تعرف حالياً من هي العناصر التي تقف وراء هذا الانفلات والتي تحرك عدم الاستقرار في الشارع.. وأيضاً من بداخل التحرير ليسوا جميعاً ثواراً، ومنهم من يقوم بالاعتداء علي هؤلاء الثوار داخل ميدان التحرير نفسه، وإن لم تكن كل هذه الأجهزة لا تعلم فإن ذلك يثير قلقاً شديداً.
ولماذا في رأيك تتباطأ هذه الأجهزة في اتخاذ مواقف حاسمة ضد هؤلاء البلطجية؟!
لا أعرف السبب.. لكن المهم أن هذه الأجهزة هي مطالبة الآن وفوراً باستخدام قانون الطوارئ ضد هذه العناصر، لأن لدينا وطناً أصبح في خطر. والثوار لهم كل التقدير وعلينا لذلك ضمان حق التظاهر السلمي لهم الذي لا يمثل اعتداء علي الأمن العام. ولابد أن نفرد ساحات للمتظاهرين، وفي هذا السياق أقترح أن يتم نقل التظاهرات من ميدان التحرير إلي ميدان عابدين، وهي ساحة تاريخية احتشد فيها من قبل عرابي ووجه ورفاقه تهديداً للخديو توفيق.
وهل استخدام قانون الطوارئ ضد الانفلات الأمني، سوف يثير علينا الرأي العام العالمي؟!
في حالة واحدة فقط، عندما يستخدم في جرائم المال العام، وألا نفرط في استخدامه مثلاً ضد المعارضين السياسيين وهكذا، وضد المتظاهرين.. إنك سوف تستخدمه فقط ضد مجرمين يروعون الآمنين.
التوريث.. التوريث
دعنا نختتم هذا الحوار بسؤال الساعة الذي تقول كلماته: ماذا عن التوريث وما رأيك في هذا الموضوع؟!
هذا الموضوع ليس له إلا تفسير واحد فقط، ألا وهو أن مبارك وجد في تولية ابنه الحكم من بعده.. ضمانه الوحيد للتستر علي ما ارتكب في عصره من فساد! والدليل علي ذلك أنه عندما انهار هذا النظام ومن قبل أن يتم التوريث، فتحت بلوعات الفساد في كل أرجاء مصر، إذن الهدف وكما قلت لك هو التستر علي فساد النظام السابق، وبالتالي ليس هناك تفسير آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.