قد يكون اسر شهداء ثورة 52 يناير في مصر غاضبون من بطء اجراءات محاكمة الضباط الذين اطلقوا النار علي الثوار.. غضبهم مشروع.. فقلوبهم تشتعل بنيران الرغبة في تحقيق العدالة والقصاص لابنائهم الشهداء.. ولكن ماذا لو عرفوا ان محاكمة 4 من قيادات الخمير الحمر، الباقون علي قيد الحياة، والمتهمون بإبادة 2 مليون من شعب كمبوديا، بدأت منذ ايام قليلة، بعد اكثر من 3 عقود من ارتكاب جريمتهم البشعة من ابادة جماعية وجرائم حرب واستعباد شعب بأكمله وتعذيبه وتجويعه وانهاكه بالعمل في الاراضي الزراعية حتي الموت. كظم اهالي ضحايا نظام بپول پوت، مهندس »حقول الموت« وزعيم الخمير الحمر غيظهم طوال 23 عاما، في انتظار هذا اليوم.. لا يعني هذا اني ادعو اهالي شهداء الثورة لعدم التعبير عن غضبهم واستيائهم ولكني اطلب منهم قليلا من الصبر.. فالسفاحون سيدفعون ثمن جرائمهم مهما طال الزمن وها هما السفاحان كرازاديتش رئيس صرب البوسنة السابق وقائد جيشه ميلاديتش يمثلان امام محكمة لاهاي بعدما يقترب من حوالي 02 عاما علي ارتكاب جريمتهما البشعة التي اودت بحياة 002 الف من مسلمي البوسنة وشردت الملايين. في كمبوديا مثل 4 من زعماء الخمير الحمر وهم الرجل الثاني في دولة الخمير نوان شييا »48 عاما« وخيوسامغان »97 عاما« رئيس الخمير الحمر ولينج ساري وزيرة خارجيته وزوجته لينج ثريث »97 عاما» وكانت وزيرة للشئون الاجتماعية. السفاحون الكمبوديون مثلوا امام محكمة دولية انشأتها الاممالمتحدة في عام 5002 لمحاكمة الخمير الحمر وهم متهمون بالمساهمة في تحقيق حلم بپول پوت بانشاء مجتمع زراعي ماوي متطرف. وكان نظام بپول پوت قد الغي المدارس والجامعات والدين والوظائف والنقود وساق الشعب بأكمله من علماء واطباء ومهندسين ورجال دين الي الحقول واجبرهم علي العمل الشاق لساعات طويلة مع طعام قليل.. فمات منهم من مات وتم اعدام من وصفهم النظام بالخونة واعداء الدولة. فابادوا بذلك ربع السكان. محكمة الاممالمتحدة للكمبوديين حاكمت واحدا فقط هو كينج ايڤ المعروف باسم داتش وحكمت المحكمة عليه العام الماضي بالسجن 53 عاما تم خفضها الي 91 عاما مما اثار غضب شعب كمبوديا لليونة الحكم. كان داتش يعمل مديرا لاحد سجون نظام بپول پوت.. وكان السجن يضم 61 ألفا من السجناء بقي منهم علي قيد الحياة 71 فقط.. تعرض المساجين للتعذيب الوحشي حتي اعترفوا بجرائم لم يرتكبوها وحكم عليهم بالاعدام وامروا بحفر قبورهم وتم قطع رقابهم بالفؤوس او الضرب بعصا غليظة. طوال هذه السنين عاش المجرمون الاربعة طلقاء بدون عقاب وبين الضحايا الذين دمروا حياتهم ويخشي الكمبوديون الا تتحقق العدالة.. فالمتهمون الذين تتراوح اعمارهم بين 97 عاما الي 48 عاما.. في حالة صحية مزرية.. كما ان تقدمهم في السن لن يسمح لهم بالتركيز وتذكر الماضي بوضوح.. ولن يمكنهم من الرد علي السؤال الذي يتردد كثيرا منذ 23 عاما لماذا ارتكبوا هذه الجريمة؟ وماهي دوافعهم والايديولوچية وراء الابادة الجماعية التي ارتكبها الخمير الحمر ضد شعب كمبوديا؟. فما الذي ستصل اليه العدالة من »انقاض« رجال.. فهذه المحاكمة لن توفر العدالة للضحايا الذين كانوا قد فقدوا الامل واحترقت قلوبهم من طول انتظار هذا اليوم.. وربما سقط عدد من الذين يحاكمون اموات قبل الحكم عليهم. وكان الخمير الحمر قد حكموا من عام 5791 وحتي 9791 عندما غزت ڤيتنام كمبوديا لانهاء الابادة الجماعية، الحكومة الكمبودية اعلنت انها ترغب ان تكون هذه المحاكمة هي الاخيرة وتأمل ان تؤدي المحاكمة لاغلاق ملف الخمير الحمر للابد.. وانهاء هذا الفصل المظلم من تاريخ البلاد. المحاكمة بمثابة رسالة للاخرين الذين يرتكبون جرائم مماثلة.. انه سيكون هناك دائما عواقب لاعمالهم.