كلما تابعت ما يحدث في ليبيا وفي سوريا من صدام مأساوي بين القوي المختلفة ومن صدامات دموية يسقط فيها المئات والآلاف من الضحايا أجدني اردد عفويا مدفوعا بالحس الوطني والخوف علي أمن واستقرار وطني مصر أم الدنيا »اتقوا الله يا من تسلكون عن حسن نية أو عن عمد مشبوه طريق الغوغائية من اجل إشاعة الفوضي لمنع عودة التوازن واستئناف البناء ودوران عجلة الحياة في ربوع الوطن«. عليكم ان تدركوا ان ملايين المصريين الذين باركوا وشاركوا في ثورة 52 يناير يتطلعون الي حياة كريمة تقوم علي الحرية والديمقراطية والحوار البناء الذي يستهدف مستقبلا أفضل لنا ولابنائنا واحفادنا . الي هذه العناصر التي لا تقدر نتائج ما تقوم به من اعمال وممارسات غير مسئولة لا تتفق ابدا وروح ثورة 52 يناير وطبيعة الشعب المصري الذي ظهر معدنه في دعمها ومساندتها اقول : ماذا يمكن ان تفعلوا لو كان ما يحدث في ليبيا وسوريا من مواجهات مؤسفة قد تكرر في مصر؟ لا جدال وتوافقا مع التعداد السكاني الكبير فإن عشرات الآلاف من الضحايا كانوا سيسقطون. لابد ان تعوا وان تفهموا ان مساندة جيشكم الوطني للغضبة الشعبية كان وراء ما تحقق من نجاح لها وان هذا الموقف كان وراء تجنب ان نكون نسخة متكررة لما يجري في ليبيا وسوريا. لقد حان الوقت لاعمال العقل والحس الوطني وان يعمل الجميع من أجل تضافر الجهود لإعادة البناء وتعويض ما فات وأدي الي تراجع الدور المصري اقليميا ودوليا . ان قوة مصر وفرص استعادتها لهذه المكانة انما تعتمد علي قدرتها في الوقوف علي أقدامها مرة اخري سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.. ان بلوغ هذا الهدف لا يتم إلا في ظل الامن والاستقرار والبذل والعطاء والعمل والانتاج وليس بالفوضي ولا بالهوجائية ولا بالتخريب والبلطجة والتدمير وتعطيل الحياة العامة واطلاق العنان للاحقاد . لابد من اعطاء فرصة لالتقاط الانفاس والبحث والدراسة القائمة علي الامانة والشفافية والنوايا الصادقة المستمدة من روح ثورة التغيير والاصلاح.. كيف بالله يمكن الاستجابة حتي للحد الادني من المطالب والحياة شبه معطلة حيث لا انتاج ولا عمل في معظم قطاعات الخدمات والانتاج نتيجة حالة الخوف وعدم الاطمئنان والريبة السائدة . كيف في ظل هذا المناخ غير الصحي يمكن العمل وايجاد الحلول والاستجابة لمتطلبات الحياة .. ان مسئولي الدولة لم يعد يجدون وقتا للبحث او التحرك علي طريق هذا الحل. ان المظاهرات والتجمعات والاعتصامات وتعطيل حركة المرور بالشوارع لا يمكن ان تسمح بأي فرصة للعمل من اجل توفير الامكانات المادية للدولة لتحقيق الاماني والآمال والتطلعات. بالطبع وفي ظل هذا الوضع لا يمكن ان يكون هناك ممولون لايرادات الخزينة. لا معني لهذا سوي الخراب والدمار لكل مقومات الحياة ويكفي دليلا.. تلك الخسائر التي منيت بها البورصة المصرية خلال الشهور الاخيرة والتي بلغت 88 مليار جنيه وفقا للبيانات المعلنة .. كما لا ننسي في هذا المجال التأثير السلبي المدمر علي حركة السياحة الوافدة الي مصر والتي كنا نحصل من ورائها علي أكثر من 21 مليار دولار.. اضافة الي ما توفره من فرص عمل تبلغ حاليا 5.2 مليون عامل مهددون بالانضمام الي طابور البطالة . ان ما يحدث من مظاهر فوضي وبلطجة تعطل مسيرة الحياة في مصر يتعارض ويتناقض تماما مع كل الايديولوجيات السياسية والاجتماعية التي تقول من لا يعمل لا يجد قوت يومه . ليس من طريق امامنا لبناء هذا البلد وضمان توافر لقمة العيش الكريمة لكل فرد فيه سوي تهيئة المناخ للاجتهاد والعمل والانتاج وان يراعي كلا منّا وطنه وضميره في كل ما يقوم به.. من المؤكد ان الشهور والايام الضائعة والتي اعقبت الثورة والتي استهلكناها في جدل وصراعات ومظاهرات وتجمعات سو ف تسقط من حسابها مزيدا من الجهد لتعويضها . انه ولا جدال وقت ضائع ومحسوب علينا كان من الامكان استغلاله في تحقيق طفرات تضاف ضمن انجازات ثورة الشعب التي تأتي في مقدمة اهدافها.. حياة حرة كريمة وآمنة لكل المصريين.