إذا ما بحثت في التاريخ ستجد اسم السويس موجودا في كل فصل وصفحة، فكما قال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر» ما من مدينة ارتبط بها التاريخ كما ارتبطت السويس به». وفي هذه المرة الصفحة دينية ومرتبطة بالمناسبة الأعظم لدي المسلمين في جميع انحاء العالم، وهي موسم الحج، فمنذ دخول الإسلام الي مصر في القرن السادس الميلادي، وحتي نهاية تسعينيات القرن العشرين، كانت قوافل الحجاج في مصر والمغرب العربي تعبر من السويس وفي طريقها الي الأراضي المقدسة. في السويس توفرت لهم سبل الراحة والمتاع، سواء خلال ضيافتهم في قلعة عجرود، أو في مغادرتهم، حتي أصبحت السويس أول عتبة لحجاج المصريين، فضلا عن مرور جمل المحمل الذي كان يتشرف بحمل كسوة الكعبة، وتتشرف السويس بالاحتفاظ بآخر كسوة كانت في طريقها للأراضي الحجازية. ويقول علاء عبد العاطي، مدير متحف السويس القومي، إنه منذ بداية الفتح الإسلامي لمصر علي يد عمرو بن العاص، اتجهت الأنظار الي صناعة النسيج داخل مصر، خاصة نسيج »القباتي»، وبالتالي بدأت صناعة كسوة الكعبة. ويضيف علاء عبد العاطي، أن المتحف يحتفظ في قسم خاص به بآخر كسوة كعبة ومقتنياتها، والمقتنيات الخاصة بجمل المحمل. ويشير مدير المتحف الي أن أول كسوة للكعبة تم حياكتها في مصر، كانت في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، والذي كتب الي عمرو بن العاص لصناعتها في مصر، وكانت تصنع في الفيوم لوجود صناع مهرة هناك، واستمر ذلك الوضع في عهد الدول الاموية والفاطمية والمملوكية. وكشف عبد العاطي، أن محمد علي باشا، أمر بإنشاء دار الخرنفش في عام 1233 هجرية، لتصنيع الكسوة، وبعد إتمام صناعتها يحملها جمل المحمل، الذي كان يتقدم قافلة الحجاج، وكانت القافلة تخرج من أماكن مختلفة، أبرزها مصر القديمة وذلك بعد احتفال بهيج، واحتفاء المصريين بالكسوة باعتبارها مباركة. وعن القائمين علي صناعتها، يقول انهم كانوا من أمهر العمالة، وقبل بدء العمل في غزل نسيج الكسوة لابد أن يتوضأ كل منهم، ويقرأ أذكاراً معينة وثم يبدأ في غزلها بطريقة التقطيب والسرما، وتطعيم الحرير بخيوط من الذهب والفضة. ويوضح ان تصنيع الكسوة توقف عام 1962، بعدما انشأت السعودية أول دار لصناعة الكسوة ونالت شرف صناعته، وتحتفظ السويس بآخر كسوة للكعبة بالمتحف وهي آخر كسوة خرجت، وعليها اسم الملك أحمد فؤاد الثاني الذي كان ملكا شرفياً حتي اعلان الجمهورية. ويضيف أن رحلة القافلة بعد خروجها من القاهرة، كانت تنزل بقلعة عجرود الكائنة بطريق السويس، القاهرة، وعلي مسافة مقدارها 20 كيلو مترا إلي الشمال الغربي من مدينة السويس، لتزويد الحجاج بالمؤن، ولحمايتهم، حتي خروجهم من السويس عتبة الحجاج إلي سيناء ومنها الي العقبة ثم ينبع. كان لقوافل الحج استقبال خاص في السويس، يتحدث عنه، حسن أيوب الرجل الثمانيني، الذي شهد تلك الاحتفالات في صغره، ويقول إن وصول القافلة التي يتقدمها جمل المحمل كانت حدثاً هاما لأهل السويس لا يقل عن استقبال العيد. ويضيف حسن أيوب، ان للقافلة والمحمل استقبالا رسميا عقب وصوله لمحطة القطار، لافتا الي ان جمل المحمل، وقوافل الحجاج كانوا يصلون السويس عبر القطار، مشيرا الي ان حاكم مركز السويس قبل ان تصبح محافظة، كان يخرج ومعه أعيان المدينة والتجار، وعقب وصوله يطوف المحمل شوارع المدينة ويمر علي مسجد الأربعين بشارع الجيش، ومسجد الغريب. وكان الحجاج حريصين علي الصلاة في مسجد الغريب، وقراءه الفاتحة للشهيد يعقوب بن يوسف، الذي خاض أول حرب ضد القرامطة الذين قطعوا طريق الحج، وكانت القوافل يتم تجهيزها بالمؤن والخبز واللحم المقدد، وكانوا يغادرون في مراكب عبر ميناء السويس، متجهين الي الحجاز .