رغم مرور نحو47عاماً علي اغتيال الرئيس الأمريكي »جون كيندي«، إلاّ أن الناس خاصة في الولاياتالمتحدة ما زالوا يتساءلون، و أحياناً يتندرون ساخرين:»من الذي قتل كيندي؟!«. الجريمة تمت في 22 نوفمبر 1963 أثناء مرور موكب الرئيس كيندي في شوارع مدينة دالاس، مستقلاً سيارة مكشوفة، وإلي جانبه زوجته جاكلين كيندي. وتبين أن القاتل أطلق رصاصاته من خلال شباك أحد الأدوار العليا في مبني حكومي. تم القبض علي »القناص« المدعو: »لي هارفي أوزوالد« الذي لم يكن في حاجة للاعتراف بجرمه، فكل الأدلة ضده كانت متاحة، وموثقة، ومؤكدة. . أو هكذا كان الإحساس العام آنذاك. »القناص« كان يخدم من قبل في البحرية الأمريكية. أي كان يجيد فنون العسكرية، وأبسطها دقة التصويب في إصابة الأهداف الصعبة. و »لي هارفي أوزوالد« كان »مهووساً« طبقاً لتحريات عمالقة مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) بالاتحاد السوفيتي، ومؤمناً بالشيوعية، وناقماً علي الرأسمالية الغربية، ومندداً بالإمبريالية الأمريكية. ولأنه هكذا.. فقد سافر إلي موسكو وتزوج من »رفيقة« مناضلة سوفيتية، ثم عاد بها إلي أمريكا التي يكرهها كراهيته للعمي! تباهي أساتذة التحريات الأمنية في ال (إف. بي. آي) بسرعة الكشف عن هذه المعلومات السهلة، العامة، والمتاحة لمعارف، وجيران »أوزوالد«، وجيران جيرانه أيضاً. ونسي هؤلاء الأساتذة الأمنيون أن يكتشفوا أن نفس هذا المتهم حصل علي بندقية سريعة الطلقات قبل أسبوع واحد من زيارة »كيندي« لمدينة دالاس! والأخطر من ذلك أن عملاء ال (FBI) لم يتنبه واحد منهم إلي مرور هذا الشخص حاملاً هذا الشيء الطويل، الغريب، الذي يشبه البندقية، في نفس الشارع الذي سيمر فيه الموكب الرئاسي بعد دقائق. كما لم يهتم آخر بالتحقق مما يحمله »أوزوالد« تحت ذراعه، كما لم يسأله عن سبب اقترابه من مدخل المبني الحكومي في هذا التوقيت بالذات؟! هذه التساؤلات وجدها عمالقة التحريات الأمنية تافهة، ولا تستحق التعليق، مادام المجرم سقط في أيديهم، واعترف بجريمتهم، وفي طريقه إلي الإعدام علي الكرسي الكهربائي! لكن الأيام أثبتت أن هذه الأسئلة وإن كانت »تافهة«، إلاّ أن العمالقة وقعوا في أخطاء قاتلة إما سهواً، أو عمداً..الله أعلم. ملف خدمة »لي هارفي أوزوالد« في سجلات البحرية الأمريكية يتضمن معلومات كثيرة عن شخصه وكفاءته ، من بينها علي سبيل المثال إنه »لا يجيد إصابة الأهداف المحددة أمامه«. وثبت هذا عندما تبين أن »القناص« الشيوعي، عميل الاتحاد السوفيتي لم ينجح في إصابة الرئيس كيندي، وأن الرصاصات العديدة التي أطلقها من شباك المبني طاشت بعيداً بمائة متر علي الأقل، من السيارة الرئاسية! واتضح أن لجان التحقيق لم تعط أهمية لشهادات العديد من المارة، ولا لفيلم الفيديو الذي صورّه أحد الهواة، وكلهم أي الشهود والفيلم استبعدوا أن يكون »أوزوالد« هو القاتل، وإنما الرصاصة القاتلة جاءت من مستوي الشارع، ومن أمام سيارة كيندي مباشرة، وليس من شباك في الدور العلوي للمبني! وتزداد »الكوميديا« هزلاً علي هزل.. فبعد 48ساعة أمضاها »أوزوالد« رهن التحقيق، وأدلي خلالها بكل ما كان عملاء ال »إف . بي . آي« يريدون سماعه، ويملونه عليه إذا نسي أو تناسي.. وأثناء نقله من مكتب إلي آخر، تحت سمع وبصر رجال الإعلام المقروء، والمسموع، والمرئي.. ووسط حراسة غير مسبوقة من رجال ونساء أكبر عدد ممكن من عملاء ال (إف.بي.آي) و ال (سي.آي.إيه)، فوجيء عشرات الملايين الذين كانوا يشاهدون المشهد علي الهواء مباشرة، باقتراب رجل من »أوزوالد« ويطلق نيران مسدسه عليه ويسقطه قتيلا، »فطيس« ! تبين أن الرجل يدعي: »روبي«، وبرر إقدامه علي قتل »أوزوالد« بأن شدة حساسيته، ورقة مشاعره، فرضتا عليه إنقاذ سيدة أمريكا الأولي »جاكلين كيندي« من العذاب النفسي في حال متابعتها لجلسات محاكمة قاتل زوجها! قتل »أوزوالد« سيمنع محاكمته، وينقذ »جاكلين« مما كان ينتظرها(..). .. وأواصل غداً.