بعد انقطاع دام ربع قرن تقريبا عن رئاسة الاتحاد الأفريقي ، عادت مصر لتتولي دورها الريادي من جديد داخل القارة السمراء ، وجاء انتخاب قادة الدول الأفريقية لتولي مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي عام 2019 ليؤكد هذا التوجه ، ويدعم المجهودات التي يقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسي من أجل تعزيز العلاقات وسبل التعاون مع الدول الأفريقية.. استعادة هذا المنصب بعد غياب لسنوات كثيرة منذ عام 1993 ، تحمل دلالات عديدة ، وتضع العديد من الالتزامات علي كاهل القيادة السياسية ، ترصدها »الأخبار» مع عدد من الدبلوماسيين ، الذين ذكروا أبرز الملفات التي يجب أن تضعها مصر علي قمة أولوياتها خلال فترة رئاستها للاتحاد. في البداية يري السفير جمال بيومي مساعد وزير الخارجية الأسبق أن تولي مصر رئاسة الاتحاد في 2019 ، خطوة غير مفاجئة ، في ظل المجهودات والزيارات التي يقوم بها الرئيس السيسي داخل القارة الأفريقية ، حيث أعاد الاهتمام الرئاسي بدول القارة من خلال مشاركته في كل القمم الأفريقية ، والزيارات المتبادلة مع بعض الدول ، ويضيف: جاء هذا الاهتمام بعد فترة من العزوف الرئاسي عن العمل الأفريقي ، واقتصار العمل في هذا الملف علي السفراء ووزراء الخارجية فقط ، وقد أدي اهتمام الرئيس السيسي بالقارة إلي تطور كبير في العلاقات خلال ال 4 سنوات الماضية ، وحتي خلال السنوات التي لم تهتم فيها الرئاسة بالبعد الإفريقي لم تغب مصر عن أفريقيا ، والدليل علي ذلك تضاعف حجم التجارة مع دول القارة 3 مرات خلال ال 10 سنوات الأخيرة ، وتحقيق فائض في الميزان التجاري معها ، كما أن حجم الصادرات المصرية إلي أفريقيا أكبر من صادرتنا للولايات المتحدة التي تعد أكبر سوق في العالم ، ويري بيومي أن كل هذه المؤشرات الطيبة تشجع علي استثمارها ، بعودة الوضع لمساره الطبيعي من خلال اهتمام الرئيس الشخصي بالملف الإفريقي ، خاصة أنه يتمتع بالقبول في القارة وكثير من المناطق الأخري ، كما أن تولينا لرئاسة الاتحاد دلالة علي نجاح السياسة الخارجية المصرية. ويضيف أن تولي مصر رئاسة الاتحاد لمدة عام ستجعلها ممثلة لأفريقيا في أي اجتماع دولي ، وستكون محط أنظار العالم وهذا هو الاستثمار الأكبر ، كما ستتم استشارتنا في كل المؤتمرات الدولية ودعوتنا في مجموعة العشرين ومجموعة الدول الصناعية السبع ، وعند استشارة الأمين العام للأمم المتحدة لمجموعة من الدول في بعض السياسات ستكون مصر إحداها ، وهو الأمر الذي سيجعلها تتحمل مسئولية ملفات دول القارة بأكملها وعرضها بالشكل المناسب.. ومن أبرزها علي المستوي الأمني الإرهاب والمخدرات وغسل الأموال والهجرة غير الشرعية التي تؤرق أفريقيا بشكل كبير ، أما علي المستوي السياسي فسنهتم بكيفية إقامة علاقات حميدة مع كل الدول ، والعمل علي التنمية في دول القارة ، ومحاولة تحفيز الاقتصاد الدولي علي العمل لصالح إفريقيا. ويلقي بيومي الضوء علي ضرورة الاهتمام بتوفير أنظمة تسهل انتقال رجال الاعمال وكل من يريد أن يعمل في أفريقيا ، لأن التأشيرات والدخول لدول القارة عقبة كبيرة جدا ، هذا بجانب ضرورة توافر بنوك من الدرجة الأولي في الدول الأفريقية لأن عدم تواجدها يعطل التجارة. ويوضح السفير علي الحفني نائب وزير الخارجية السابق للشئون الأفريقية أن تأييد تولي مصر لرئاسة الاتحاد للعام القادم يعكس الثقة الممنوحة للدبلوماسية المصرية وبصفة خاصة للرئيس عبد الفتاح السيسي ، ويؤكد اجتيازنا لمرحلة التباعد التي أعقبت ثورة 30 يونيو بسبب سوء الفهم للتطورات التي شهدتها مصر في 2013.. وأضاف أن هذا المنصب نتاج لما استثمرته الدبلوماسية المصرية من تنمية العلاقات المتبادلة خلال ال 4 أعوام الماضية.. ويقول: لا شك أن مصر سوف تتحمل مسئولية كبيرة وأعباء جساما خلال توليها رئاسة الاتحاد ، سواء فيما يتعلق بمتابعة النزاعات الإفريقية ومحاولة حلها أو تمثيل القارة السمراء في الأممالمتحدة والعديد من المحافل الدولية ، وهو الأمر الذي سيمثل فرصة لاطلاق بعض المبادرات التي سوف تجد صدي طيبا في كافة الأوساط الأفريقية الشعبية والرسمية.. ويؤكد الحفني ضرورة البدء فورا في الإعداد لهذا الملف ، بحيث تحقق رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي صدي يليق بها إفريقيا ودوليا ويعزز من مكانتها في القارة.