بقلم : جمال عنقرة [email protected] فكرة المبادرة نبعت من مجموعة من الصحافيين والسياسيين والنقابيين والأكاديميين الوطنيين من الذين استشعروا التحديات التي تواجه بلادنا وهي تقبل علي مرحلة حاسمة في تاريخها. ولقد أطلق المبادرون هذا المشروع لكل أهل السودان، ومن أجل السودان كله. وتدعو المبادرة إلي تكوين هيئة قومية تضم كل الفعاليات السودان بمختلف انتماءاتها الفكرية والسياسية والجهوية وغيرها للعمل من أجل جعل خيار الوحدة غالباً حينما يحين وقت الاستفتاء لتقرير مصير جنوب السودان. وتعمل أيضاً علي مداواة الجراح التي خلفتها الحملات الانتخابية للأحزاب، وإفرازات نتيجتها التي مكنت للحزبين الشريكين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، وأخرجت من الساحة أحزاباً كانت لها أثقال وأوزان. وفي إعلان المبادرة أبان أصحابها دوافع اطلاق مبادرتهم فقالوا (يواجه السودان في هذه المرحلة أهم وأخطر تحد في تاريخه الحديث. فلقد خرجت البلاد من انتخابات عامة هي الأكثر تعقيداً وتوتراً، ذلك أنها جاءت بعد فترة غياب طويل من الممارسة الانتخابية الشاملة التي لايعتزلها أحد ولا يعزل منها أحد. وبرغم أنها كانت متاحة للجميع، وأن الجميع بدا متحمساً للدخول فيها أول أمرها، إلا أن البعض قاطعها في اللحظات الأخيرة، وبعض الذين شاركوا ظلوا يقدمون لها الانتقادات والاتهامات. ولقد صاحبت الحملة الانتخابية للأحزاب السياسية حملات هجوم شرس متبادل من شأنها أن تباعد بين القوي السياسية أكثر مما هي متباعدة، هذا بالإضافة إلي توتر علاقات اجتماعية علي مستويات متعددة خلال الفترة الانتخابية، وهذه أمور تقتضي التدارك والمعالجات العاجلة. وبرغم أنه لم يكن هناك خيار آخر غير أن تقوم هذه الانتخابات، وبرغم أن الذين شاركوا أكثر من الذين قاطعوها، لكن يبقي استيعاب الذين لم يشاركوا أمراً مهماً حتي لا يتطور التنازع بين فرقاء السياسة السودانية إلي ما هو أسوأ من ذلك. وبعد بضعة شهور فقط من انتهاء هذه الانتخابات يدخل السودان المرحلة الأخطر وهي مرحلة الاستفتاء لتقرير مصير جنوب السودان، وهو الاستفتاء الذي يحدد إذا كان يستمر السودان وطناً واحداً كما ورثناه، أم ينقسم إلي بلدين لا يدري أحد كيف يكون مصيرهما إذا صارا، هذا فضلاً عن المشكلات التي يمكن أن تطفو علي السطح إذا اختار الجنوبيون لاقدر الله الانفصال، مثل ترسيم الحدود وتقسيم الموارد وغيرها. وبرغم أن ماتبقي يقل كثيراً عن الذي مضي دون أن يستثمر في جعل خيار الوحدة غالباً، إلا أن الفرصة ما زالت قائمة لاسيما وأن غالب أهل السودان في الجنوب والشمال معاً ينزعون إلي الوحدة ويتمنون أن تتأكد بالاستفتاء. وحدد المبادرون أهدافهم في ثلاثة محاور هي،رتق النسيج الاجتماعي السوداني ومعالجة الآثار السالبة التي نجمت عن العملية الانتخابية وحملاتها الدعائية. ودعم مساعي تحقيق السلام والتوافق الوطني بين القوي السياسية السودانية. والعمل علي جعل خيار الوحدة غالباً وراجحاً. أما الجهات التي دعوها لتكوين الهيئة فهي، شخصيات ورموز وطنية،الأحزاب السياسية، الاتحادات النقابية والمهنية، اتحادات الصحفيين والإعلاميين والفنانين والأدباء والرياضيين وما شاكلها، اتحادات النساء والشباب والطلاب. الجامعات والمعاهد العليا الحكومية والأهلية والإدارات الأهلية ومشائخ الطرق الصوفية والكيانات الدينية الإسلامية والمسيحية. ولقد لاقت المبادرة رواجاً كبيراً رغم أنها ما زالت في مراحل مخاض التكوين الأول. وبوجودي قريباً من أصحابها لاحظت التفاعل الكبير والحماسة الشديدة لها من جميع أهل السودان، واستوي في ذلك الحاكمون والمعارضون، وكذلك المعتزلون للسياسة. ذلك أن هذه القضية قضية وطن ولابد أن يتفاعل معها كل الوطنيين السودانيين في كل مكان.