الشعوب مثل الأفراد تكون في أفضل وأقوي حالاتها في فترات وأوقات التحدي، وعند مواجهة الشدائد أو المهام الكبري والانجازات الضخمة واللحظات المصيرية،...، مثل الحروب ومعارك التحرير، والثورات، ومراحل الانتقال والمتغيرات المصيرية. ويؤكد اساتذة علم الاجتماع، وعلم النفس، أن من طبائع البشر وطبيعة الجماعات والأفراد، استنفار واستحضار جميع قواهم الكامنة في مواجهة المخاطر، والتحديات، وكذلك أيضا عند توافر الرغبة الصادقة والطموح الواعي للوصول لهدف من الأهداف الكبري، أو تحقيق إنجاز من الانجازات الضخمة علي المستوي القومي أو الوطني أو حتي الشخصي والذاتي. وأساتذة الطب لايختلفون مع الأساتذة والمتخصصين في علم الاجتماع وعلم النفس بل يضيفون إلي رأيهم ما يؤكد أن الإيمان النفسي والعقلي بفكرة ما أو هدف محدد والسعي لتحقيقه والإصرار علي ذلك، يدفع الجسد البشري لتوظيف كل طاقاته وقواه للسير في هذا الطريق ومساعدة صاحبه للوصول إليه، والتغلب علي جميع مظاهر الضعف الجسدي والإنساني التي يمكن أن تعوقه أو تؤثر بالسلب عليه. ويتفق هؤلاء جميعا علي أن ذلك هو التفسير الاجتماعي والعلمي والسيكولوجي لما نراه ونلمسه من تصرفات شجاعة وجسورة وسلوكيات منضبطة ومثالية علي المستوي الجمعي والفردي في جميع الملمات والشدائد، وكذلك اللحظات الفارقة وبالغة الأهمية في حياة الشعوب والبشر. ويؤكدون أن ذلك هو التفسير لما جري من الشعب المصري كله خلال حرب أكتوبر العظيمة، سواء في ميدان القتال وما تم فيه من تضحيات شجاعة وأداء فائق التميز أذهل العالم كله، لجنود وضباط وقادة قواتنا المسلحة الباسلة، وكذلك أيضا ما تم في الجبهة الداخلية من وحدة الشعب، ووقوفه صفا واحدا خلف جيشه العظيم، واختفاء جميع المظاهر السلبية في سلوك الناس والمجتمع مثل حوادث العنف والسرقة وغيرها طوال أيام الحرب. ويقولون إن ذلك التفسير انسحب أيضا علي سلوكيات الناس وتصرفات جموع الشباب في ميدان التحرير طوال الأيام الثمانية عشر الأولي لثورة يناير والأسابيع القليلة التي تلتها، وما اتسمت به هذه التصرفات وتلك السلوكيات من تضحية وانكار ذات، ونبل المقصد، وسمو الغاية وإجماع علي وحدة الصف ووحدة الهدف. ولكن.. ماذا حدث بعد ذلك؟! »نواصل غدا بإذن الله«.