((... كانت رشا علي الطرف الآخر من المكالمة تبكي وتبلغ امها بأنها عائدة إلي مصر علي أول طائرة.. وعرفت امينة ان ابنتها حصلت علي الطلاق من زوجها الذي يلح عليها لطلب ميراثها الذي استولي عليه اخوها.. ثارت امينة وهددت ابنتها بالايام السوداء التي تنتظرها بعد الطلاق.. نصحتها بالغفران دون أن تسمع دفاع ابنتها.. طلبت منها ان تنتظرها فهي التي ستأتي اليها علي أول طائرة!..)) • ................... رفضت أمينة ان تكمل حياتها بمشاعر الضعف التي عاشت بها سنوات عمرها.. انتابتها ثورة عارمة شجعتها علي القرار الحاسم..! جلست إلي مائدة السفرة وراحت تكتب طلبا لإنهاء خدمتها بالحكومة قبل عامين من الموعد القانوني.. كان بمقدورها ان تدخل حجرة المكتب وتكتب ما تشاء.. لكنها خشيت ان تؤدي المسافة بين الصالة والحجرة إلي ترددها فتتغلب عليها شخصيتها القديمة ويعود ضعفها عملاقا! أعادت قراءة الطلب بعد ان امهرته بتوقيعها.. انتفضت واقفة كأنها انتصرت في معركة حربية.. خلعت ملابسها وارتدت قميص نومها ثم اسرعت إلي سريرها لترتاح من اعباء ليلة طويلة لم تسهر معها فيها غير دموعها!.. ساعات واشرق النهار.. لأول مرة تتخلف عن موعد السيارة الحكومية التي يضبط سكان الحي ساعتهم بمجرد وصول سائقها في تمام السابعة كل صباح.. استلقت امينة فوق فراشها وقد نست ان سائق السيارة ينتظر اسفل العمارة. ادهشها انها لم تصل إلي لحظة التمرد هذه من قبل.. ندمت علي سنوات الهوان التي منحت فيها انوثتها إجازة مفتوحة وتعاملت مع المجتمع بطبائع الرجال.. لا تنس ابدا يوم طلاقها قبل ثلاثين عاما.. كانت شابة حسناء في عنفوان الجمال والصبا.. لم يكن زواجها قد اكمل عامه الثالث حينما فوجئت بزوجها يخونها في فراشها.. اعماها المشهد المثير عن الحب الكبير الذي ربط بينها وبين زوجها من قبل.. لم تسعفها سنها الصغيرة لتدرك ان لبعض الأزواج نزوات يندمون عليها وتطهرهم منها التوبة.. صرخت أمينة يومها فتجمع الجيران.. تعمدت ان توسع من دائرة انتقامها فتفوز بالطلاق وفضيحة زوجها معا.. وتحقق لها ما أرادت فقررت ان تغلق سفارتها في دولة الرجال!..قطعت كل علاقتها بالحب والزواج والرجال.. قررت أن تهب حياتها لابنتها الصغيرة التي لم تتعلم النطق بعد.. واهتزت امينة بشدة بعد الطلاق بأيام.. اكتشفت انها حامل من طليقها الخائن.. اشتعل الغضب في اعماقها لكنها استسلمت في النهاية لإرادة القدر.. أنجبت عمرو وأغلقت عليها بيتها.. وتواترت الاخبار التي كانت تصلها من طليقها بغير تعمد منها.. أصابه المرض اللعين منذ فضحته زوجته امام الجيران.. وذات ليلة توفاه الله وهو يلعن 'امينة' واليوم الذي اختارها قلبه فيه من بين كل نساء الدنيا.. وكاد عقل اخيه ان يطير وهويري اخاه التوءم يفارق الحياة.. قرر ان يستغل نفوذه وسلطانه وجبروته في تأديب أرملة اخيه وتنفيذ وصيته بأن يتربي عمرو بين أهل ابيه.. وخشيت أمينة من بلطجة العم وتهديداته فمنحتهم عمرو واحتفظت بابنتها رشا.. لم تسأل امينة عن ميراث طفليها من والدهما الثري بعد رحيله.. مارس العم كل سبل الإرهاب ودب الرعب في قلب امينة، فالعم مشهور بين اهالي قريته بقسوة انتقامه.. ابتلعت امينة أحزانها.. التحقت بالعمل الحكومي الذي جعلت منه التحدي الأكبر في حياتها.. تفوقت وتألقت وقفزت من منصب إلي منصب حتي تقلدت مقعد المدير العام. كبرت رشا وتزوجت وسافرت مع زوجها للعمل بالخارج.. وعاشت أمينة وحيدة تخفي ضعفها الشديد خلف شخصيتها الجبارة التي عرفها الناس عنها.. ومرت السنوات بسرعة البرق.. وحياة أمينة 'روتينية' تبدأ كل فجر وتنتهي كل مساء علي وتيرة واحدة.. حتي كانت تلك الليلة وماصاحبها من انتفاضة قررت معها امينة ان تواجه الحياة باسلوب جديد! طرقات فوق الباب.. صعد سائقها.. مدت يدها إلي مائدة السفرة تلتقط خطاب إ نهاء الخدمة.. منحته للسائق وعادت إلي فراشها سعيدة بأنها لم تتراجع عن قرارها! فجأة.. دق جرس التليفون. كانت رشا علي الطرف الآخر من المكالمة تبكي وتبلغ امها بأنها عائدة إلي مصر علي أول طائرة.. وعرفت امينة ان ابنتها حصلت علي الطلاق من زوجها بسبب الحاحه عليها لطلب ميراثها الذي استولي عليه اخوها.. ثارت امينة وهددت ابنتها بالايام السوداء التي تنتظرها بعد الطلاق.. نصحتها بالغفران دون أن تسمع دفاع ابنتها.. طلبت منها ان تنتظرها فهي التي ستأتي اليها علي أول طائرة! وفي بلاد الغربة عادت المياه إلي مجاريها بين رشا وزوجها علي أيدي أمينة التي استوعبت درس الماضي وقررت ألا تجعل التاريخ يعيد نفسه في حياة ابنتها هذه المرة !.. لم تعد إلي مصر إلا بعد ان اقتنعت ابنتها وزوجها بالعودة معها في إجازة تطلب فيها الابنة حقها الشرعي رغم أن ابنها عمرو بعد ان شرب السم من اعمامه نحو أمه قاطعها ولم يعد يتصل بها وقد صار شابا مليونيرا.. ووافقت ابنتها رشا علي ان تطالب بميراثها من ثروة ابيها بعد ان طالت سنوات الجفاء.. واقتنع الزوج ومعه رشا وعادت الابنة لعصمة زوجها وعاد الجميع إلي مصر.! ذهب الثلاثة إلي الشركة الكبيرة التي يديرها عمرو.. احسن الابن استقبال امه واخته بعد ان آلت اليه كل ثروة أبيه فقد مات عمه قبل شهور قليلة.. لكن عمرو فجر المفاجأة حينما قال لامه انه لا حق لاخته في الميراث لمضي اكثر من عشرين عاما علي وفاة والده!! تقول السيدة امينة في نهاية رسالتها : انا خائفة من ان تخسر ابنتي اخاها بعد كل هذا العمر خاصة وانها قد تخسر القضية التي رفعتها لاسترداد ميراث والدها كما يؤكد اخوها.. وفي نفس الوقت أخشي منعها من المطالبة بحقها فارتكب خطأ يصيبني بالندم باقي عمري فقد قررت ألا يعيد التاريخ نفسه معي ايضا.. فكيف اتصرف ؟! أمينة.. سعد.. ل محرم بك.. الإسكندرية