أنت وأنا نلاحظ هذا الإصار علي تهميش ما أنزل الله إلي عباده ليتحاكموا به حتي يظل بعيدا في دائرة مغلقة دون العمل به. وأنت وأنا لنا علاقة مؤكدة بخالقنا ويعز علينا ونحن في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ أمتنا أن نعتقد في أنفسنا القدرة علي أن نتحاكم بتشريعات من وضع أيدينا لأنفسنا فنؤثرها ونثق فيها ونري فيها الحكمة والصواب فإذا رفع أحدنا شعارا يدعو إلي العودة إلي الله ثار البعض منا في وجهه، فاتهموه ووضعوه في خانة العملاء والمأجورين وكأنه يخون وطنه وشعبه، نعم كان النظام السابق يفعل ذلك باستمرار وقد تربي المجتمع طيلة 03 عاما علي هذا النمط ، ويبدو واضحا أن آثار الثلاثين عاما مازالت باقية! نعم فما زال هناك إصرارا بأن نضع نحن القواعد والنظم بأنفسنا لأنفسنا وحرصا علي استبعاد ما وضعه الله لنا وكأننا في خصومة مع الله.. فهل نحن في خصومة مع الله؟! وإذا كانت الإجابة بلا.. وهي إجابة صحيحة فعلا لأن الله يريد لنا سعادة الدنيا والآخرة. فلماذا ننبذ ما وضعه الله لنا لنعيش به الحياة المقبولة وهي بلا شك حياة كل فرد منا حياة قصيرة سرعان ما تنتهي وقطعا لا نريد أن نقول عند الموت »ربي أرجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت«. وإنما نفرح بما عملنا في دنيانا، ونسعد بالملائكة وهي تنزل علينا وتزفنا عند الممات بأن لا نخاف مما نحن مقدمون عليه، ولا نحزن بما تركناه خلف ظهورنا ونسعد ببشارتهم لنا بالجنة التي وعدنا الله بها! وفي اعتقادي أن مخاوفنا الواضحة والتي نقرأ عنها صباح مساء في حملات مستعرة بالصحف تعود إلي التجربة الفاسدة التي عاشتها أوروبا طوال القرون الوسطي علي يد الدولة الدينية وكأننا نخشي ان تتكرر هذه التجربة البشعة علينا.. ولكن شتان بين هذه وتلك. فالمؤسسة الدينية الحاكمة في عصور الظلام الأوروبية جعلت من نفسها وسيطا بين الرب وعباده وتدخلت باسم الله في شئون الحكم تحت ستار التفويض الإلهي، واستطاع رجال الدين في ذلك الزمان رمي مخالفيهم في الرأي بالكفر والزندقة وحكموا عليهم بالموت لأن لهم موقفا ورأيا. وعندما بدأت الثورات علي هذا النظام البائد وجاءت الدولة المدنية بفجرها الجديد مضت بقوة نحو الاتجاه المقابل وتخلصت من كل ما يعود إلي السلطة الدينية بصلة. واعتمدت فلسفة الدين لله والوطن للجميع. فأبقت الدين محصورا في زاوية ضيقة ولم تسمح له بأن يمتد خارج نطاق دور العبادة ليكون له أثر في الحياة السياسية، وحققت الدولة المدنية بمقتضي ذلك نجاحات أغرت أصحاب المذاهب السياسية في حياتنا الراهنة ان يأخذوا بها، ولكن المؤسف أنهم دفاعا عن رؤيتهم تمادوا بالمثل في خصومة كل من حمل لواء الدين ودعا للحكم بشرع الله، استغرقوا في معاداة كل من ينادي بالأخذ بما أنزل الله فأتهموه وتآمروا عليه حتي أصبح الدين تهمة في زماننا هذا وتفشت حالة إرهاب فكري مذموم لأصحاب هذه الدعوة، حتي شعر كل من يكتب أو ينادي بشرع الله انه مشبوه يوضع تحت اسمه خطوط حمراء للتحذير منه أو لإبطال مفعول دعوته خاصة وان الدين كامن في قلب كل متدين مصري، بقي أن أوضح بجلاء أن الحكم لله ليس معناه إثارة العداء بين المسلمين والمسيحيين بل هو إشاعة الحب والسلام والوحدة والمواطنة بينهما.. حاشا لله الواحد الأحد ان ينزل علي عباده أحكاما تتناقض مع بعضها البعض. وننزه الله أن تصدر عنه شرائع متعاكسة وكأنها صادرة من آلهة متعددة كل منها يسعي لأن يستحوذ اتباعه علي أكبر مساحة من النفوذ والتملك والسيطرة، فالله واحد وشرائعه واحدة في مجملها.. الأحدث منها يأتي مكملا لما قبلها حتي اكتملت هذه الشرائع في رسالته الخاتمة، حين قال سبحانه قبل 2341 سنة »اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا«.. فهل نحن مع الله يدنا بيده فيأخذ بنا إلي سواء السبيل.. أم أن أيدينا بعيدة عنه فيتركنا لأنفسنا ولأسبابنا لننال عواقب أمرنا!