في قلب مدينة الإسكندرية، تتربع في شموخ لتطل علي بحرها الساحر وتشع بنورها ليصل إلي شتي أنحاء العالم، لتصبح رمزا للمعرفة وسراجا يضيء العقول في ظلمات التطرف التي تجتاح العالم. هنا علي ضفاف شاطئ القصور البطلمية.. تبرز مكتبة الإسكندرية.. العلامة الأشهر للمدينة البراقة.. تمثل بمبناها المميز المطل علي البحر مَرسي للباحثين والعلماء والباحثين عن الأسرار.. يتمتع من خلاله حوالي مليون ونصف المليون زائر سنويا بالغوص في بحور العلوم الحديثة والقديمة بأمتع اساليب التكنولوجيا الحديثة بجانب الكتب الورقية التقليدية. تعيد مكتبة الإسكندرية قصة نجاح الماضي القديم.. وكنزها الغالي لذلك دافع عنها أبناء الإسكندرية خلال أحداث الثورة والانفلات الأمني ببسالة لمنع أي اعتداء عليها.. فهي من تسترد أمجاد الثغر القديم منذ قرابة ألفي عام حينما كانت المكتبة مجمعا ثقافيا ضخما في عهد بطليموس الثاني لتعود في 2002كمركز تجتمع فيه الفنون مع التاريخ والفلسفة والعلوم والتكنولوجيا الحديثة. فبعد أن احترقت المكتبة القديمة خلال حرب الإسكندرية بين بطليموس وأخته كليوباترا وحليفها يوليوس قيصرعام 48 قبل الميلاد، قدم العالم السكندري د. مصطفي العبادي رئيس جمعية الآثار بالإسكندرية السابق، مشروعه للحكومة المصرية وهيئة اليونسكو لإعادة إحياء المكتبة وفي نفس الموقع الذي يرجح العلماء انها كانت تقع فيه أي في منطقة الشاطبي بمواجهة الميناء الشرقي. وغالبا ماتزدحم المكتبة بروادها وخاصة الطلاب والباحثين الذين يجدون فيها الملاذ لكتابة أبحاثهم العلمية بسهولة ويسر .. من جانبها تقول سها محمد، طالبة دراسات عليا بكلية الاداب بجامعة الاسكندرية، إن مكتبة الاسكندرية سهلت كثيرا عليهم عملية البحث في المراجع المختلفة، نظرا لما تزخر به من دراسات كثيرة في مجال عملها، لافتة إلي حرصها الدائم علي الحضور والبحث في المكتبة. وقال إسلام سعيد، أحد الرواد إنه يحرص علي حضور الفعاليات الثقافية المختلفة التي تتم بالمكتبة، خاصة مختبر السرديات والذي يعرض الأعمال الادبية بأسلوب شيق، مشيرا إلي أنه يحضر أيضا بعض الحفلات الغنائية التي غالبا لا تكون متاحة إلا في مكتبة الاسكندرية. ولاتقتصر المكتبة حاليا علي كونها ساحة لقراءة الكتب ،ولكنها مجمع للعديد من المراكز الثقافية والتكنولوجية والأثرية المميزة. يقول د. مصطفي الفقي مديرمكتبة الإسكندرية إن المكتبة تولي اهتمامًا خاصًا بمثقفي الإسكندرية وأنها أطلقت برنامج »صالون الإسكندرية»،وتسعي من خلاله لجذب كل العقول وعرض الآراء المستنيرة والأفكار الهادفة..كما أنها بصدد إنشاء مركز الدراسات الاستراتيجية الذي سيقوم بدراسات ميدانية وأبحاث حول ظاهرة التطرف. كما تضع المكتبة في أولوية اهتماماتها جذب الشباب للقراءة والثقافة، والوصول إليهم في جميع المحافظات، وسوف يتم تنظيم مسابقات للشباب، وتقديم جوائز مجزية للفائزين.. اضافة إلي التواصل مع الثقافات المختلفة وخاصة الدول الإفريقية. بدوره استعرض د.خالد عزب، رئيس قطاع المشروعات في المكتبة اقسامها فقال هناك مكتبات متخصصة مثل مكتبة الفنون والوسائط المتعددة والمواد السمعية والبصرية،مكتبة طه حسين للمكفوفين وضعاف البصر،مكتبة الطفل،مكتبة النشء،مكتبة الميكروفيلم، مكتبة الكتب النادرة والمجموعات الخاصة،نسخة محاكية لأرشيف الإنترنت، بجانب المكتبة الفرانكوفونية ومكتبة الإيداع ومكتبة الخرائط توجد 4 متاحف وهي متحف الآثار،متحف المخطوطات، متحف السادات، متحف تاريخ العلوم، القبة السماوية وقاعة استكشاف لتعريف الأطفال بالعلوم. وكشف عزب عن وجود ثلاثة عشر مركزًا للبحث الأكاديمي وهي مركز دراسات الإسكندرية وحضارة البحر المتوسط،مركز دراسات الكتابات والخطوط، مركز الدراسات والبرامج الخاصة، المعهد الدولي للدراسات المعلوماتية، مركز المخطوطات، مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي (ومقره القاهرة)، مركز الإسكندرية للدراسات الهلينستية،مركز دراسات الديمقراطية والسلام الاجتماعي، مركز دراسات التنمية، مركز دراسات البيئة، مركزاللسانيات الحاسوبية العربية، مركز دراسات الحضارة الإسلامية، مركز الدراسات القبطية. كما يوجد خمسة عشر معرضًا دائمًا وهي الإسكندرية عبر العصور مثل مجموعة محمد عوض،عالم شادي عبد السلام،وروائع الخط العربي، وتاريخ الطباعة،والآلات الفلكية والعلمية عند العرب في القرون الوسطي (فرسان السماء). وواصل عزب حديثه قائلا: ليس هذا فقط حيث تستضيف مكتبة الإسكندرية عددًا من المؤسسات مثل أكاديمية مكتبة الإسكندرية ،المجموعة العربية لأخلاقيات العلوم والتكنولوجيا، مؤسسة أنا ليند للحوار بين الثقافات، وهي أول مؤسسة أورومتوسطية تتخذ مقرًّا لها خارج أوروبا.. والمكتب العربي الإقليمي لأكاديمية العلوم لدول العالم النامي، المكتب الإقليمي للاتحاد الدولي لجمعيات المكتبات ومؤسساتها، سكرتارية الوفود العربية لدي منظمة اليونسكو،شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للاقتصاد البيئي، الشبكة العربية للمرأة في العلوم والتكنولوجيا. ومع كل هذه الامكانيات والبرامج والمراكز العلمية تظل المكتبة تلعب دورا حضاريا ليس في مصر فقط بكل في أفريقيا والشرق الأوسط كله.