المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: تحركات السنوار كانت بين خان يونس ورفح    الجيش الإسرائيلي يقصف جنوبي لبنان بقنابل فوسفورية    واشنطن غيّرت موقفها من مسألة انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو    وزير الرياضة يهنئ الأهلي بذهبية أفريقيا لليد والزمالك بالبرونزية    الاتحاد السكندرى يستعيد الشيمى بعد تعافيه من ارتجاج بالمخ    تعادل مثير بين ضمك والتعاون في غياب طارق حامد    بسبب الرعونة.. ضبط سائق التجمع    بعد تأخر ساعة كاملة.. إيناس عز الدين تطرب جمهور تاسع أيام مهرجان الموسيقى العربية    صلاح عبد الله عن كلب الأهرامات: تريند    رئيس مؤتمر جراحة العظام بأسيوط: نجحنا في تحقيق شراكات علمية مع خبراء العظام في العالم    أزمة الإيجار القديم على طاولة حزب الاتحاد.. صقر: الدولة قادرة على حل المشكلة.. منصور: مليون شقة مغلقة ولابد من قانون جديد.. شيحة: مضاعفة القيمة الإيجارية.. الجعار: المستأجر يدافع عن قضيته    آخر تحديث في أسعار الذهب اليوم السبت بختام التعاملات    محمد مهران ينضم لأسرة مسلسل فهد البطل مع أحمد العوضي    أحمد موسى ينفعل على الهواء: «محدش شهيد غير اللي دافع عن بلدي مش اقتحم حدودي»    بالصور.. احتفالية لتكريم حفظة القرآن الكريم بالمنيا    نوة رياح الصليب تبدأ غدًا.. تحذيرات من أمطار غزيرة واضطرابات تضرب الإسكندرية ومدنًا اُخرى    حملة 100 يوم صحة.. تقديم أكثر من 124.7 مليون خدمة مجانية خلال 79 يوما    القبض على سائق ظهر في فيديو أثناء السير برعونة في التجمع    رئيس وزراء الأردن: أمن واستقرار المملكة فوق كل اعتبار ولن نسمح بأي تجاوز    درجات الحرارة غدا الأحد 20-10-2024 فى مصر    آخر موعد لتقديم التظلمات على نتيجة مسابقة 30 ألف معلم 2024 .. الحق خلال ال48 ساعة المقبلة    إعلام إسرائيلي: بلينكن يصل إسرائيل الثلاثاء لبحث تطورات صفقة التبادل    بنزيما يقود هجوم الاتحاد لمواجهة القادسية بالدوري السعودي    أمين «البحوث الإسلامية»: شرف العمل الدعوي يتطلب الإخلاص    أكسيوس: وزير الخارجية الأمريكي يزور إسرائيل «الثلاثاء»    جيش الاحتلال: مقتل جنديين وإصابة ضابطين بجروح خطيرة في معارك بشمال قطاع غزة    نائباً عن السيسي.. وزير الأوقاف يصل إندونيسيا للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الإندونيسي الجديد    المؤبد و المشدد 15 سنة لشخصين تاجرا في المواد المخدرة بالخانكة    أستاذ حديث بجامعة الأزهر: صحيح البخاري يمثل الركن الأول من السنة النبوية    رمضان عبد المعز: أعظم نعمة من ربنا على الإنسان الإيمان ثم العافية    "الستات مايعرفوش يكدبوا" يرصد مواصلة حياة كريمة تقديم خدماتها للعام الخامس    عباد الشمس تزين صحراء جنوب سيناء.. نجاح زراعة مستدامة في قرية الوادي    وزير الشباب يضع حجر الأساس للمدرسة الرياضية الدولية بالمركز الدولي للتنمية بالغردقة    وزير الكهرباء: من طلبوا تركيب العداد الكودي قبل شهر أغسطس ليسوا مخالفين    في تصنيف QS Arab Region.."طنطا"تحتل المركز 78 من بين 246 جامعة مصنفة    مدبولي: استثمارات العام المقبل موجهة ل«حياة كريمة»    حكم قضائي جديد ضد "سائق أوبر" في قضية "فتاة التجمع"    رسالة أسبوع القاهرة للمياه: الماء حق لكل إنسان.. و"سد النهضة" انتهاك للقانون الدولي    جامعة قناة السويس تنظم برنامجاً تدريبياً لطلاب STEM حول تصميم وتنفيذ كوبري مائي متحرك    تصريحات مثيرة من مدرب بيراميدز قبل مباراة الزمالك بالسوبر المصري    رغم امتلاء بحيرة سد النهضة، إثيوبيا تواصل تعنتها وتخفض تدفق المياه من المفيض    الداخلية تكشف شبكة استخدام برامج عالمية مسروقة    فرص عمل جديدة بمحافظة القليوبية.. اعرف التفاصيل    "صناع الخير" تدعم صحة أطفال مدارس زفتى في حملة "إيد واحدة لمصر"    رئيس حي بولاق أبو العلا: تقديم كل التسهيلات للراغبين في التصالح على مخالفات البناء    بقصد الاستثمار بالبورصة.. التحقيق مع موظف بالنصب على مواطن في الشيخ زايد    «آثار أبوسمبل» تستعد للاحتفال بتعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني    مدبولي: نحرص على متابعة تنفيذ مشروعات تطوير الخدمات الطبية لكونها تأتي على رأس أولويات عمل الحكومة    وزير الخارجية: أخبار سارة قريبا بشأن التواجد السعودي الاستثماري في مصر    لأول مرة.. فيرجسون يكشف سر رحيله عن مانشستر يونايتد    تطورات جديدة بشأن مستقبل جافي مع برشلونة    «معندهوش رحمة».. عمرو أديب: جزء من القطاع الخاص لا يطبق الحد الأدنى للأجور    أفضل 7 أدعية قبل النوم.. تغفر ذنوبك وتحميك من كل شر    تامر عاشور ومدحت صالح.. تفاصيل الليلة الثامنة من فعاليات مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    «اليونيسف»: القصف الإسرائيلي يضر بالخدمات الأساسية ويعرض الأطفال في لبنان للخطر    ليلة لا تُنسى.. ياسين التهامي يقدم وصلة إنشادية مبهرة في مولد السيد البدوي -فيديو وصور    جميل عفيفي: تطابق وجهات النظر المصرية والسعودية في كل قضايا المنطقة    مات بطل| تعليق الإعلامي عمرو أديب على مشهد نهاية السنوار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حالة حوار
الأسد
نشر في الأخبار يوم 01 - 06 - 2011

هذا المقال ليس عن سوريا كما يوحي عنوانه، ولكنه يتناول حادثة مصرية أغرب من الخيال.
إذ غمرتنا شواغلنا السياسية الجديدة: (لماذا لم يذهب الإخوان إلي جمعة الغضب؟
هل هناك انشقاقات في الائتلاف؟ كيف سنصرف فلوس الهبات الأمريكية والسعودية والدعم القادم من الدول الصناعية الثماني؟ هل هناك التفاف حول تعديل الدستور؟ وما كيفية التعرف علي المواطن/الفلول؟).. فلم ننتبه حق الانتباه لواحد من أعجب الحوادث التي احتلت مكانها علي مسرح الوطن في الأيام الماضية، والتي تسعي بأن تغيرا جذريا حدث علي المستويات الاجتماعية والثقافية والمزاجية في هذا البلد، لابل وربما علي مستوي الابداع الانساني فيه.
هذا الحادث يحتاج منا إلي دراسة حقيقية وتقص لمسار سلوك اطرافه جميعا، لانه ربما الاغرب فيما عاصرت طوال عمري، أو فيما استمعت وقرأت من قصص دونها الاولون.
فقد قامت قوات الشرطة التي تستجمع نفسها وتحاول بسرعة العودة إلي ممارسة واجباتها الطبيعية بمداهمة منزل تاجر مخدرات في مدينة طنطا وسط الدلتا، وفيما تكأكأ الجنود والأمناء والضباط علي السلم في عجلة لضبط الشقي المطلوب، بوغتوا باطلاقه أسدا في مواجهتهم علي السلالم.. (مرة اخري للتأكيد، الرجل تاجر المخدرات اطلق علي الشرطة اسدا يسعي علي الدرج ويزأر فاتحا فمه مثل شعار مترو جولدن ماير مع نكش لبدته بالطبع لزوم التهويش والتخويف).
وما انكشف بعد ذلك ان الرجل ربي الاسد في شقته مع مجموعة من الصقور لاطلاقهم علي الشرطة لو حاولت الوصول إليه!
وتقول الانباء ان قوات الشرطة اصيبت بخضة حقيقية دفعتها لاطلاق مائتي عيار ناري علي الاسد حتي اردته صريعا، ثم ألقت القبض رغم الصقور علي تاجر لمخدرات الذي كسرت ساقه في المعركة، وأودع المستشفي، إلا انه نجح في الهروب وسط دهشة الاطباء والحكيمات والتومرجية!!
.......................
كل سطر من هذه القصة مدهش إلي ابعد الحدود ومفعم بالدلالات إلي غير ما حدود.
وارجو ان نقلع ولو مؤقتا عن التفاعل مع الجانب الكوميدي في الموضوع، ونطرح عدة اسئلة، استولدتها الواقعة في نفوسنا، وراكم كل منها اضافة في لوحة مصرية معاصرة سريالية جدا.
أولا: كيف واتته الفكرة؟ وطبعا مفهوم ان الرجل هو تاجر مخدرات، وانه ربما جمع بين الاتجار والتعاطي فوقرت في دماغه تلك الترتيبات التي توصف في اللغة الدارجة بانها تحشيشة.
ثانيا: من أين اشتري الأسد؟ وهذا يطرح سؤالا آخر ربما يتجاوز حالة المجرم ذاته وهو: هل بمقدور اي منا ان يبتاع اسدا، ومن اين؟.. هل من سيرك قديم أو من حديقة حيوان؟ وهل تسوق الاسد شبلا صغيرا يسهل نقله؟
ام انه نقل الاسد شاب فتي يافع علي النحو الذي اخبرتنا الواقعة؟ وهل كانت العملية قانونية، أو ان القانون سقط نهائيا علي نحو يفرز لنا كل يوم المزيد من الابداعات اللامعقولة؟!
ثالثا: كيف نقل الرجل أسده إلي شقته؟ يعني هل دخل الحارة بليل ممتطيا صهوة الليث، أو رابطه بسلسلة مثل الكلب ليسحبه إلي الشقة، ثم اذا كان احد الاحتمالين صحيحا فهل تليق معاملة غضنفر معتبر كالحمار حين نركبه، أو كالكلب حين نسحبه؟!
فاذا لم تحدث العملية ليلا، فهل دخل تاجر المخدرات إلي الحارة في النهار فاتحا غازيا ومعه الاسد؟.. ولماذا لم يبلغ الجيران عن الحكاية؟ هل لانهم خافوا ان يطلق الرجل اسده عليهم؟ ام انهم ارادوا الانتقام من الحكومة كالعادة فناصروا كل من يخرج عليها وخصوصا انه كان متسلحا بأسد؟
رابعا: كيف عاش تاجر المخدرات مخالطا الاسد في شقته، هل ألبسه كمامة مثلا حتي لا يفترسه، أو ينهش قدميه الحافيتين في نومته؟ وكيف تحمل رائحة الاسد نفسه داخل شقة مغلقة وبخاصة ان المرء لا يتحملها في الفضاء المفتوح لحديقة الحيوان؟ فكيف يمكن تصور معاشرة اسد في شقة دون اختناق جراء رائحته النفاذة؟ وماذا كان الرجل يقدم من طعام لاسده؟ هل كان يذبح له حمارا كل يومين كما في حديقة الحيوان؟ ومن أني له كل تلك الحمير التي يمكن ان يكون اطعمها له؟ وبالقياس إلي ان الرجل حشاش، أو بأضعف الايمان يكرم زبائنه الحشاشين في بيته، فهل يمكن تصور ان الاسد اعتاد الدخان الازرق، وادمن الانفاس حتي صار مسطولا يقهقه ويسعل حين يستمع إلي النكات التي يتبادلها الحشاشون، أو ربما صار بنفسه ينكت ويخبط بكفه علي كتف احد الزوار صائحا »عسل يا معلم والنبي«؟!
خامسا: هل اجبر تاجر المخدرات اسده بالعيش عازبا وحيدا في الشقة، ام جاءه بلبؤة يعاشرها ويتهني في تبات ونبات؟ ثم هل اقامت اللبؤة مع الرجل والاسد بشكل دائم ام كان تاجر المخدرات يأتي بها لتبيت ليلة ثم تمضي إلي حال سبيلها؟ وفي الحالة الاخيرة ألا يلقي ذلك ظلالا اضافية علي اخلاقيات الرجل فيضيف لقب (قواد) إلي سائر صفاته الاخري؟ ثم كيف قبل الجيران علي انفسهم المشاركة في ذلك الوضع الشائن فيما اللبؤة داخلة خارجة في زيارة اسدها؟ ألم تثر ثائرة احدهم أو يغلي الدم في عروقه؟ ألم يشعروا ان تاجر المخدرات وأسده ثبتا قرونا مشرعة علي رأس كل ساكن في تلك الحارة؟!
سادسا: اطلاق الشرطة لمائتي عيار ناري علي الاسد فيه استخدام مفرط للقوة، فهل جاء ذلك من هول الموقف في ذاته، ام ان الشرطة مازالت تحتاج الي فترة هدوء نسبي بعد احداث الشهور الماضية لتستجمع شتات اعصابها؟! ثم هل يؤسس ذلك الحادث لسابقة تدفع إلي اضافة منهج جديد في كلية الشرطة يتعلق بكيفية مواجهة الاسود أو ترويضها؟.. ومن جانب اخر فإن إفتكاسة هروب تاجر المخدرات من المستشفي وسط دهشة الاطباء والحكيمات والتومرجية هي موضوع يفتح الباب واسعا امام مناقشة احتياطات الحراسة لمتهم محتجز وامام بحث وضع تلك المستشفيات التي يدخلها من يشاء ويهرب منها الذي يشاء.. والتي ربما نظر العاملون فيها باعجاب إلي ذلك الرامبو الشعبي الذي اتي في ثماني واربعين ساعة، ما لم ندركه في الاساطير وحكايا الجدات.
سابعا: الموضوع في نهاية النهار يطرح وعلي اوسع مدي ممكن قضيتي (الضبط الأمني) و(الضبط الاجتماعي) اذ غاب المعنيان والقيمتين وعشنا في ظلال ما يشبه اعلان سقوط القانون في الدولة، مشفوعا بتراضي الناس علي اوضاع غير معقولة، وتواطؤهم مع المجرمين والبلطجية والخارجين علي القانون، بالصمت، والتغاضي، أو التشفي في مجتمع اجهدت جدره واساساته الشروخ والشقوق، واوشك علي مشارفه الانهيار، حتي وان جاء السقوط علي ادمغة المتشفين انفسهم.
هذا مجتمع ينتحر من اعلاه إلي ادناه، وان لم ينتبه إلي ظواهر سقوط الاكتراث بهيبة الدولة، والادارة والقانون، فسوف ينتهي إلي ما يشبه وصف الشاعر الشهير تي إس.أليوت: (الارض الخرابThe -waste - Land )!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.