تتصدر مزارع الشمس في الصحاري القائظة المشهد عند الاشارة إلي محطات الطاقة المتجددة، ربما قبل الرياح ومساقط المياه والمد والجزر و.. و.. ولكن ماذا عن تقنية الطاقة الشمسية المركزة؟ ثمة طفرة في التعامل مع الشمس باعتبارها مصدرا مستداما ونظيفا، يدفعها لتحتل مكانة الخيار الأكثر إغراءً في طاقة المستقبل التي لا تنضب، ثم انها تمثل حقلا يتسع للمشروعات المشتركة التي تجمع المُنتج والمستهلك من جهة، ومبتكر التقنية ومستخدمها من جهة أخري، وفي المحصلة النهائية فانها تمثل الوعاء الاستثماري الذي يحقق الرفاهية والانتعاش لكل الأطراف المشاركة فيه. وإذا كانت الطاقة الشمسية -عموما- بمثابة المنجم الذي لا ينضب، فإن التوصل إلي تقنيات تركيزها يضفي عليها مزايا اضافية تجعل منها - في العقود القادمة- الطاقة المتجددة الأكثر قبولا من البشرية التي تتطلع عند تأمين حاجاتها المتزايدة من الطاقة إلي الانحياز في خياراتها للأكثر أمانا ونظافة، مع الوضع في الاعتبار عنصر التكلفة. من ثم فإن الطاقة الشمسية المُركزة، باعتبارها التطور الطبيعي لسابقتها من مشروعات توليد الطاقة بالاعتماد علي الشمس عبر تقنيات متواضعة، قياسا علي تلك الأكثر تطورا، والهادفة إلي تركيز الطاقة الشمسية، تعد بحق رهان المستقبل الذي بدأت ارهاصاته في التنامي بالفعل. وهذا النوع من الطاقة المتجددة الذي يمكن وصفه- أيضا- بالطاقة الشمسية الحرارية يعتمد علي فكرة بسيطة للغاية تقضي بتركيز اشعة الشمس في نقطة صغيرة جداً، بهدف تسخين مادة وسيطة، تمهيداً لنقل الحرارة من تلك المادة مباشرة إلي ما يُراد تسخينه، أو قد يتم وصلها بمولد لإنتاج الطاقة الكهربية، طبقا للاحتياجات المطلوبة. في البداية، يتم تجميع أشعة الشمس من خلال مئات آلاف المرايا العاكسة، أو ما يسمي باللاقطات الشمسية، حيث تتخذ شكل القطع المكافئ، وهي تعكس اشعة الشمس نحو انابيب مركزية مليئة بالزيت، وعندما يتم تسخينه تبدأ عملية استخدام الحرارة الناتجة في دورة بخارية لتوليد الكهرباء من خلال التوربينات البخارية. استطاع الخبراء التوصل إلي تقنية حديثة تتيح تخزين الطاقة الشمسية بعد تحويلها إلي طاقة كهربية، تسمح- بالتالي- بامكانية توليد الكهرباء طوال الوقت، بمعني آخر، فان الحصول علي الكهرباء اللازمة لشتي الأغراض لا يتوقف علي سطوع الشمس اثناء النهار، ولكن يظل الأمر ممكنا حتي اثناء الليل، بل والأهم خلال فصل الشتاء، عندما يقل التعرض لأشعة الشمس! هكذا، تشهد عملية استغلال الشمس في توليد الطاقة أحد أخطر تجلياتها، لتجعل منها بالفعل - لا مجازا- منجما لا ينضب ليل نهار، وفي كل الفصول، مما يعزز خطط استثمار وانتشار الطاقة الشمسية، باعتبارها ليست فقط بديلا اقتصاديا عالي الكفاءة، ولكن أيضا بالنظر إلي ضمان تدفقها طوال الوقت علي مدار الساعة، ولمدة 563 يوما في السنة، وبكميات هائلة، وعلي نطاق واسع بفضل التوصل لتقنيات التخزين الحراري الفعال وبطريقة مباشرة. هل تصبح الشمس مصدر الطاقة الذي يتواري أمامه جميع المنافسين علي صعيد الطاقات الجديدة والمتجددة؟ الزمن الآتي كفيل بتقديم إجابة حاسمة.