قديمة جدا لكن لابد أن أذكركم بهذه الحكمة : النقطة السوداء هي التي تظهر في الثوب الأبيض ! ، ومازلت رغم حالة الحزن العام التي تسود الوجوه أحاول أن أصدق هذه الحكمة ، أقول لكل من يسألني عن حال البلد : بخير ، لايهمني سخرية البعض وهم كثيرون ولا عباراتهم السرية التي تتهمني بجنون أو ماشابه ، لست متفائلا .. لكن أحتفظ دائما في قلبي بالأمل ، حتي أعيش ، وأنصح من يريد أن يفوت الفرصة علي موت مبكر أن يخترع الأمل لو من ضوء ضعيف في نهاية نفق ، هذه وصفة مبتكرة ماكرة أن يكون معك فائض من أمل في وقت يشعر فيه الجميع بالخوف والاختناق ، الأمل هو نقطة النور الوحيدة التي سترافقك في زمن يبدو موحشا أو بحر لا شاطئ له ، أحب هذا الإحساس الهادئ بالأمل أن بين لحظتين من يأس وإحباط يولد شيئ ما لاتتوقعه ربما تكون السعادة ، والسعادة غائبة الآن من عيون الناس ، غادرت بكبرياء ، بينما مكانها الأن حيرة ورغبة في إختباء وخوف عام من مجهول ! منذ سنوات طويلة بدأ ضحكنا يخفت ، وسعادتنا بدت شاحبة حتي في المناسبات السعيدة ، والآن .. توقف ، في الصباح أراقب حزن الناس يتمشي في الشوارع متكئا علي هموم لايبدو لها حل ، وجوه طيبة تترقب ماذا بعد ؟ ماذا يحدث ؟ هذه الوجوه رغم حزنها استمد منها شجاعة الحياة ، فليس من بين هذه الوجوه المائلة علي باب الله ، وجه يؤذي عصفور ، فمن يشيع عنها أنها سوف تخرج في ثورة جياع ، لقد جاعوا في المائة عام الماضية علي الأقل بما يكفي ولم يتحولوا إلي مصاصو دماء أو مجرمين من أجل رغيف خبز ، ليس هؤلاء علي الأقل .. مصر بأهلها طيبة ، الأغلبية طيبة ، لاترغب من الحياة سوي الحياة ، مستورة بطريقتها في تدبير حالها وحياتها ، حزنهم هذه الأيام زائد بقلق ، فالإعلام شرس لايرحم بكل صحفه وفضائياته ، يأكلون عيش ، يحملون سيوفهم الورقية والضوئية ، يتكلمون عن الوحش القادم لإلتهام ومصمصة كل مواطن ، فترتعد الامهات علي أطفالهن وأنفسهن ، وتشعر البنات أن القيامة قربت خلاص ، يحزنني اليأس الذي يصدره الإعلام عن عمد ومبالغة من أجل دور أو مجد شخصي ، إعلام فقد عقله ، ويتحرك الأن بغرائزه فقط بحثا عن مجد أو بقاء أو ثروة أو سلطة ، تحول مقدمي مايسمي توك شو .. إلي أغبياء وقتلة ، يشفطون النور والماء والهواء ويتركون حزن لامفر منه ودماء لاسعادة بعدها ! خلاصة الأمر : في وصف الحالة النفسية للمواطن الأن ، يعاني من حالة تشويش متعمدة لمشاعره ، كلما هم أن يفرح .. قبضوا علي فرحته قبل أن تصبح واقع وقتلوها في التو ، ولابد أن تكون هناك طريقة سريعة لإستعادة الروح المعنوية والثقة للقلوب المرتعدة ، أن يحصل كل مواطن علي حقه في الأمل والسعادة والفرح والضحك ، ثورة بدون أمل .. ليست ثورة ، ووطن بدون سعادة .. ليس وطن ، مهما كان ماوراء الكواليس أو تحت الموائد يدار مهما كان السيناريو المرسوم لشخص أو جهة ما .. لايجب أن يكون الثمن موت إجباري للأمل والسعادة في حياة الناس ، يجب أن يحمي الجيش سعادة الناس وآمالهم التي تكاد تكون في النفس الأخير .. كما حماية الثورة والوطن ، المواطن يستحق الحماية .. أن يفهم أكثر ويعرف أن الحاضر صعب لكنه ليس مستحيل ، والمستقبل بعيد لكنه ليس أسود ، يجب أن نقول للمواطن تعالي نتبادل الأمل ، كما نتقاسم الحزن ، أربعة أشهر .. طويلة كثيرة عميقة .. فلماذا تركنا الأسود يسود ، لماذا أصبحنا ونحن في قلب الوطن نغني : مصر وحشتنا ، مصر وحشتني ، مصر التي لم نغادرها .. فلماذا لماذا : تغادرنا !