أفقيا : (1) "أقر أنا المواطن المصري الموقع أدناه (طرف أول) انني قد تعاقدت مع مصر(طرف ثاني) علي أن أؤجل جميع مظاهراتي ووقفاتي الاحتجاجية وإعتصاماتي وإضراباتي الخاصة بمطالب فئوية اومادية او طائفية لمدة 6 أشهر حتي يتم انتخاب برلمان جديد بالاقتراع الحر المباشر. والي أن يتم إنتخاب رئيس جديد بنفس النهج، علي أن تحفظ مصر حقي في الاحتجاج بكافة أشكاله السلمية في حالة عدم إستجابة او رفض البرلمان أو الرئيس الجديد لمطالبي". أعتقد ان كل سنتيمتر من المليون كيلو متر مربع من أرض مصر تستصرخ أبناء هذا البلد الطيب أن يوقع هذا العقد مع مصر قبل أن يخرب هذا المليون كيلو متر ونراه قفارا، لن يسمن فيه مسلم او مسيحي من جوع ولن يغنيهم من خوف. المجلس الاعلي للقوات المسلحة تعاقد معنا صباح السبت 12 فبراير علي أن يسلم الحكم خلال 6 أشهر الي رئيس منتخب بشكل حر بعد انتخابات برلمانية ديمقراطية، دون رغبة من القوات المسلحة في الحكم او حتي البقاء خارج الثكنات لاكثر من 6 أشهر. وجاء الان دور الشعب المصري في التعاقد مع مصر لتنحية الاحتجاجات مؤقتا لنتفرغ لنقديم الوجه المضيء لثورة 25 يناير، فاليد التي ثارت بالامس والحناجر التي هتفت ضد النظام طوال 18 يوما، عليها اليوم الا تنشغل الا بالانتاج والصدح بالحق في وجه كل من يريد أن يجهض الثورة . مصر اليوم في حاجة الي مزارعين ومصنعين،لا الي متظاهرين او محتجين، وفي كل خير، لكن واجب الوقت يحتاج الي زيادة الانتاج وإستتباب الامن الذي سيؤدي الي عودة السائحين لإنعاش إقتصاد البلاد. واستطيع أن أقطع بأن كل من إحتشد في مظاهرة فئوية او طائفية او مادية بعد الثورة، لم يشارك ولو لساعة واحدة في أيامها ال 18 لان كل ثوار يناير لم يرددوا اي مطلب فئوي او طائفي. هتف الجميع: "عيش.حرية.كرامة إنسانية". (2) الثورات تغير أنظمة ولا تغير أخلاق. تتصدي لحاكم مستبد وتخلعه، ولا يمكنها وليس من مسئولياتها أن تواجه مستبد صغير يسير بسيارته عكس الاتجاه، او سائق ميكروباص ديكتاتور يقف وسط الشارع لينزل الركاب. لقد شاع الطغيان في مصر علي مدي 30 عاما ولم يقتصر فقط علي الاستبداد السياسي ولكن إمتد الي الاقتصادي ممثلا في المحتكرين وناهبي المال العام ، وشمل ايضا الاستبداد الديني كبعض الشيوخ والقساوسة الذين يحاولون فرض ارادتهم علي الجميع ثم الاستبداد البوليسي الذي إنهار مع سقوط الرئيس، الا اننا لا زلنا نعاني الان من أثاره الجانبية واهمها الانفلات الامني وأخيراً الاستبداد الاجتماعي. واذا كانت الثورة قد تمكنت من القضاء علي المستبد الاكبر الذي أشاع كل هذه الانواع من الطغيانات، فأنه ليس من واجباتها أن تتصدي لباقي هذه النماذج للاستبداد التي ترسخت في عقول المصريين حتي انها اصبحت اسلوب حياة، فالزوج المقهور والمغلوب علي امره في العمل، يمارس هذا القهر علي أهل منزله أو جاره او مرؤوسه في العمل وكل من يقدر علي قهره ولذلك فأن كل مظاهر الفوضي المجتمعية المستشرية الان مثل سد الكباري بمخلفات البناء، وركن السيارات صف ثان وثالث وفي بعض الشوارع رابع، وتحويل أرصفة كوبري اكتوبر الي كافتيريات ومقاهي وحتي غرز، كل ذلك هو رد فعل غير مسئول علي سنوات القهر التي رفع غطاؤها، فأبرزت اسوأ ما في الشخصية المصرية . أي اننا تخلصنا من المستبد الاكبر ليظهر لنا الملايين من المستبدين الصغار الذين رباهم ورعاهم في حضنه هذا المستبد الاكبر، وبفضله أصبحوا لا يدركون الفارق بين الحرية والفوضي لانهم لم ينعموا في حياته ولو بلحظة حرية واحدة، كما اصبحوا لا يفرقون بين الالتزام بعدم إيذاء الاخر سواء كان أخ لك في الدين او قرين لك في الخلق او جار في السكن او مار في الطريق، وبين فلتان السلوك الذي يطيح بقيم وتقاليد المجتمع وينسي معه الجميع ان الإضرار بالناس يتساوي مع الشرك بالله. رأسيا: (3) كنا نتمني أن يكون مبارك كنزا إستراتيجيا لمصر، لا لاسرائيل كما وصفه وزير الصناعة الصهيوني.. يدخل الغاز الطبيعي الي كل بيت في مصر قبل أن يتمتع به كل مواطن اسرائيلي، لا يصادق بن اليعازر الذي اعترف فيلم"روح شاكيد" انه قتل 250 اسيرا مصريا في حرب 1967.. ليت مبارك كان مصريا عروبيا مسلما مخلصا وليس "صهيونيا مخلصا" كما يعتبره الشعب الاسرائيلي. "بوكورتوف ادون مبارك". (4) هل يتفضل الرئيس بشار الاسد ويعامل السوريين كما يعامل الشعب الاسرائيلي، فالاسد(الاب والابن) لم يخدش أصبع فرد من الاسرائيليين طوال 38 عاما، وقتل حتي الان أكثر من 1000 سوري في المظاهرات، وكأنه قد تعهد بالحفاظ علي حرية وسلامة وأمان واستقلال الاسرائيليين. الي هذا الحد اصبح الدم الوطني أرخص من المستورد. الواضح أن النظامين السوري والاسرائيلي قد إختلفا في كل شيء واتفقا فقط علي أمر واحد هو قتل الشعب السوري ففي نفس اليوم الذي ذبح فيه بشار ابناء بلده في مظاهرات حمص، قتلهم نتنياهو خلال مظاهرات يوم النكبة في الجولان . أي أن مأساة الشعب السوري تتلخص في انه يقع بين جزارين ونصلي سكين، فأي جزار سيختار: الديكتاتور المحلي أم المحتل الصهيوني؟ الحل هو ان التخلص من الاول لابد وان يؤدي الي القضاء علي الثاني.