يعتقد 75٪ من الفرنسيين أن »دومينيك شتراوس كان« المتهم بالاعتداء الجنسي علي موظفة تنظيف في فندق »سوفيتيل« بنيويورك هو الضحية في تلك »المؤامرة« وليست الموظفة! أما ال23٪ الذين أدلوا بآرائهم في استطلاع رأي أعلنت نتائجه أمس فقد نفوا أن يكون مدير صندوق النقد الدولي هو الضحية في القضية. الإعلام الفرنسي بأنواعه وأشكاله وألوانه المتعددة انتقد النظام القضائي الأمريكي الذي يسمح بفضح المتهمين في قضايا لم تحسم بعد، ونشر صورهم وهم مكبلو الأيدي خلف ظهورهم، وهي الصورة التي ظهر فيها مدير صندوق النقد الدولي بعد القبض عليه وإنزاله من الطائرة التي كانت علي وشك الاقلاع به من مطار نيويورك إلي باريس! الطريف.. أنه في الوقت التي استهجن فيه السياسيون والإعلاميون الفرنسيون عرض ونشر هذه الصور المهينة لرجل شهير كان ومايزال بريئا لحين اثبات ادانته، فوجئت بكل قنوات التليفزيون الفرنسية تعيد وتزيد في عرض هذه الصور كما احتلت في اليوم التالي غلاف معظم المجلات وتصدرت الصفحة الأولي لكل الصحف اليومية! أي أن الذين نددوا بالنظام القضائي الأمريكي وفجاجة إعلامه، هم أنفسهم الذين يتنافسون حاليا علي عرض ونشر صور »شتراوس كان« مكبل اليدين في طريقه إلي قسم الشرطة، ثم داخل المستشفي لأخذ عينة من حمضه النووي ثم أخري وهو في طريقه إلي قاعة المحكمة وأثناء انعقادها وتظهره حزينا، بائسا، وضائعا وهو يستمع إلي هول الجرائم التي ينسبها إليه ممثل الادعاء! »كيف ننتقد الآخرين علي ما فعلناه ونفعله حتي الآن؟!«. سؤال بديهي لم تهتم قنوات وصحف وإذاعات فرنسا بالرد عليه، أو علي الأصح تجاهلته لأن إجابته معروفة وتدينها في الوقت نفسه! والأطرف، والأغرب، من تناقض الإعلام الفرنسي مع نفسه، كان موقف بعض رموز الأحزاب السياسية، يمينية كانت أو يسارية أو بين بين، الذين سارعوا فور الإعلان عن »الخبر الجلل« إلي مطالبة أنفسهم وغيرهم ب»ضبط النفس« و»الالتزام بمبادئ النظام القضائي الفرنسي الذي يحمي حقوق المواطن أي مواطن، وأية مواطنة وحظر نشر صوره أثناء التحقيق معه في قضايا لم يحسمها القضاء بعد.. وأبرز هذه الحقوق أن المتهم برئ إلي أن تثبت ادانته«. كما ناشد هؤلاء السياسيون من أنصار دومينيك كان أو من منافسيه وخصومه الرأي العام الفرنسي بانتظار اعلان الحقائق القانونية حول ما نُسب للزعيم الاشتراكي ومدير صندوق النقد الدولي قبل التعليق عليها: بإدانة »دومينيك شتراوس كان« أو التشكيك فيها. »كلام جميل، كلام معقول.. ما أقدرش أقول حاجة عنه« علي رأي الفنانة الراحلة التي لا تنسي: ليلي مراد لكن المذهل أن أصحابه سرعان ما فاجأونا وصدمونا بتطوعهم بالادلاء بتصريحات تالية وبمعلومات كثيرة تصب كلها في ادانة المتهم الذي يصر علي براءته وقبل أن نسمع منه أو من محاميه كلمة دفاع واحدة حتي الآن! المثال الصارخ علي ذلك ما سمعناه، وقرأناه، وشاهدناه، من أحدهم نائب في البرلمان ومن الحزب اليميني الحاكم متطوعا بالتأكيد علي أن »دومينيك شتراوس كان« لم يكتف بتقمص شخصية ال»دون جوان«، »محطم قلوب النساء«. وإنما أصبح في السنوات الأخيرة متحرشا، مطاردا، لمن تعجبه من بين الفتيات والسيدات اللاتي يشاء سوء حظهن الاقتراب منه أو المرور من أمامه! ليس هذا فقط.. بل أضاف النائب البرلماني الموقر زاعما أن »شتراوس كان« سبق أن تحرش بعاملات وموظفات في نفس الفندق »سوفيتيل نيويورك« لكن إدارة الفندق الفرنسية كانت تجامله وتمنع ضحاياه من الابلاغ عنه(..) وهو ما نفته إدارة شركة »آكور« الفرنسية صاحبة فنادق »سوفيتيل«. .. وللحديث بقية.