»الزلزال«.. هذا أدق وصف لما حدث ويحدث منذ أمس الأول في فرنسا، فور الاعلان عن انزال »دومينيك شتروس كان« مدير صندوق النقد الدولي من طائرة كان يستقلها في مطار نيويورك وقبل 01 دقائق من اقلاعها إلي باريس، وذلك بناء علي أمر قضائي ب:»القبض عليه واحضاره« للتحقيق معه في اتهامات مشينة، بالغة الخطورة! لا حديث في فرنسا من خلال إعلامها: المرئي، المسموع، والمقروء إلا عن توقيف »شتروس كان« ليس لأنه يشغل منصبا دوليا رفيعا، لكن لأنه أحد أبرز نجوم السياسة الفرنسية، وأكثرهم شعبية إذا ما صدقنا نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة التي أكدت تربع »دومينيك شتروس كان« ممثل الحزب الاشتراكي علي رأس قائمة أفضل المرشحين في الانتخابات الرئاسية القادمة عام 2102، وتليه رئيسة الحزب اليميني المتطرف (FN) »مارين لوبن«، ثم يأتي بعدهما في الترتيب: الرئيس الفرنسي الحالي: »نيقولا ساركوزي«.. الذي فقد الكثير من شعبيته ويتوقع كثيرون عدم التمديد له لفترة رئاسية تالية في مواجهة الشعبية الكاسحة التي كان »شتروس كان« يحظي بها حتي لحظة إعلان خبر القبض عليه في نيويورك بعد أن اتهمته عاملة تنظيف في فندق »سوفيتيل« بالاعتداء الجنسي ومحاولة اغتصابها واحتجازها داخل غرفته! نزل الخبر كالصاعقة علي أنصار ترشيحه للرئاسة القادمة، خاصة من المنتمين للحزب الاشتراكي وغيره من أحزاب المعارضة. ويتفرغ رموز هؤلاء لمطالبة الرأي العام بالصمت والانتظار قليلا لحين مثول »شتروس كان« أمام قاضي التحقيق والاستماع إلي الادعاء والدفاع.. خاصة أن مدير صندوق النقد الدولي نفي نفيا قاطعا نقلا عن أحد محاميه الشهيرين ارتكابه أي شيء من هذه الاتهامات كلها. كما نصحوا غيرهم بضرورة الالتزام بمبدأ: »براءة المتهم أي متهم لحين اثبات عكس ذلك بحكم قضائي ونهائي«. أحد المقربين من »المتهم البرئ« أعلن ان (ما نعرفه عن شخصية، وصفات، وتصرفات، ومبادئ »شتروس كان« يتنافي ويتعارض بالقطع مع ما يتهم به حاليا في نيويورك. وبالتالي فلا استبعد وجود »مؤامرة« من خصومه للايقاع به بهدف إبعاده عن الانتخابات الرئاسية). ورئيسة الحزب المسيحي الديمقراطي »كريستين بوتا« كانت أكثر تعميما عندما قالت: (اعتقد أن »شتروس كان« وقع بسهولة في الفخ الذي نصبه كثيرون لمرشح اليسار الأكثر حظا في انتخابات الرئاسة. لا أستبعد دور الحزب الحاكم، وباقي أحزاب اليمين، في التخلص من المنافس الأول للرئيس »ساركوزي«! ولا أستبعد أيضا أن تأتي المؤامرة من منافسيه اليساريين لترشيح أحدهم لخوض انتخابات الرئاسة بعد ازاحته! كما لا أستبعد أن تأتي الضربة من صندوق النقد الدولي لإقالته من رئاسته واختيار بديل له!). وتحول كثيرون إلي ضباط شرطة وقضاة تحقيق وتسابقوا في دحر الاتهامات والتشكيك في مصداقية الوقائع. أحدهم تساءل: (هل هي مصادفة أن تتم الواقعة في فندق تمتلكه وتديره شركة فرنسية »سوفيتيل«، أم أنها مؤامرة مدبرة استغل أصحابها علاقتهم الوثيقة مع إدارة الفندق الفرنسي؟!). وواحدة أخري تساءلت: (أليس غريبا أن صحيفة تابلويد »نيويورك بوست« هي التي انفردت بنشر الفضيحة، وقبل ال»نيويورك تايمز« و»واشنطن بوست«؟! والأغرب أن صاحب الصحيفة هو الملياردير »ماردوخ« وثيق الصلة باليمين الفرنسي الذي يمثله نيقولا ساركوزي الطامع في الفوز بفترة رئاسة ثانية؟!). .. المؤامرة تزداد اتساعا وانتشارا. إبراهيم سعده [email protected]