هي ليست حربا تقليدية تستخدم فيها مدافع ورشاشات، لكنها حرب من نوع خاص .. ميدانها الإنترنت وآلياتها هي الفيديوهات.. والمتنافسان هما أنصار عمرو موسي ود. محمد البرادعي المرشحان المحتملان لمنصب رئيس الجمهورية بمصر. فكرة هذه الحرب هي " التقليب في الماضي " للحصول علي فيديوهات قد تبدو " ساذجة " بالنسبة للمثقفين وأصحاب الرأي، لكنها مؤثرة ومؤثرة جدا بالنسبة لقرار الرجل البسيط وهو يدلي بصوته أمام صناديق الاقتراع. وتأخذ هذه الفيديوهات اتجاهين، أولهما سياسي، والآخر ديني، لكن الأخطر والمؤثر جدا في قرار المواطن البسيط - كما تقول د.عزة كريم الخبيرة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية - هي الفيديوهات ذات البعد الديني، لأن الشخصية المصرية تميل إلي التدين بطبيعتها. وبدأت هذه الحرب مبكرا بالفيديوهات السياسية، واستغل مؤيدو د. محمد البرادعي مقطعًا للقاء تليفزيوني أعلن فيه موسي بشكل قاطع تأييده للرئيس مبارك إذا خاض انتخابات الرئاسة المقبلة، وذلك لإثبات الاتهام الذي يلاحق موسي، بأنه أحد رجال النظام السابق. ولم يكن الرد صعبا علي أنصار عمرو موسي الذين ردوا بفيديو يُظهر اضطلاع البرادعي بتهيئة الأجواء لحصار العراق، إبان توليه مسئولية رئاسة هيئة الطاقة الذرية. واستمرت اللكمات بين الفريقين بعد الجولة الأولي، حيث استأنف مؤيدو البرادعي وبقوة الضغط علي منطقة تبدو من وجهة نظرهم نقطة ضعف موسي، وهي علاقته بالنظام السابق، حيث روجوا لفيديو يُظهر موسي وهو يصافح أحمد عز أمين التنظيم في الحزب الوطني بمنتهي الاهتمام. وفي رد فعل ذكي علي هذه اللكمة، لعب أنصار موسي علي المشاعر الدينية للشعب المصري وروجوا لفيديو يظهر محمد البرادعي وهو يقبل سيدة علي الطريقة الأوربية عند مصافحتها، متسائلين: هل سيكون ذلك سلوكه عندما يصبح رئيسا لدولة إسلامية؟ غير أن أنصار د.البرادعي فضلوا عدم تشتيت لكماتهم هنا وهناك، وفضلوا الضغط علي منطقة علاقة موسي بالنظام السابق، وروجوا لفيديو يظهر من وجهة نظرهم تأييد موسي لجمال مبارك نجل الرئيس المصري السابق. ويبدو أن نسبة المشاهدات العالية التي حققها فيديو مصافحة البرادعي لسيدة علي الطريقة الأوروبية جعلت أنصار موسي يقررون -أيضا- عدم تشتيت لكماتهم والاستمرار في الضغط علي منطقة المشاعر الدينية للشعب المصري، فروجوا لفيديو آخر يظهر فيه الدكتور البرادعي بإحدي المناسبات وأمامه كأس من الخمر، كما يظهر في الفيديو ابنته وهي ترتدي المايوه. ولم يكن اللعب علي مشاعر العداء لإسرائيل بمنأي عن هذه الحرب، لكسب التعاطف الشعبي، حيث روج أنصار موسي لفيديو للبرادعي وهو يسلم علي شارون، وروجوا في المقابل لفيديو لموسي وهو يجادل بقوةٍ شيمون بيريز في مؤتمرٍ أقيم في الأردن عام 2008 واعتبروه دليلاً علي مواقفه الوطنية التي لا يمكن لأحد أن يزايد عليها .