ما يميز المخرج الكبير محمد فاضل انه في أي عمل يقدمه يتناول شرائح من مجتمعنا بالنقد والتحليل.. اعماله تحمل أحيانا رؤية استشرافية.. وعمقا في التناول وجرأة في الطرح. حينما تحدثت إلي فاضل اسمه المفضل كمخرج بدأ به حياته عام 7691 بأشهر مسلسل في ذلك الوقت »القاهرة والناس« قال لي: ان المفروض كان هذا المسلسل سيتم انتاجه قبل النكسة ولكن ما ان وقعت الهزيمة حتي غيرنا في مسار أبطالنا واحداثنا الدرامية- وكنا مجلس تحرير عاصم توفيق ومصطفي كامل وانا اشاركهم في الكتابة- دون تدخل أي شخص سواء كان رقيبا أو غيره كنا نحن رقباء أنفسنا.. لا أحد يتدخل في عملنا ولو حتي مدير التليفزيون! لكن بعد إذاعة الحلقات تذهب إلي مراقب التمثيليات ليعتمد الميزانية.. والسلام. وحينما قدم محمد فاضل رؤيته عما يحدث في الحزب الوطني وكيف يدار.. وكيف يتم تزوير الانتخابات.. ذهب بعض المستفيدين إلي صفوت الشريف يشكو مما فعله فاضل في مسلسله تجاه الحزب.. فإذا بصفوت يقول لذلك الشخص: »خليهم يتسلوا«!! كان ذلك في المسلسل الشهير »سكة الهلالي« الذي أظهر اقطاب الحزب وما يحدث فيه حينما تبدأ الانتخابات.. سبق ان اختلفت كثيرا مع الرقابة؟ نعم.. كما تعلم معظم أعمالي بها مشاهد رأي.. وحقيقة والرقابة ترفض هذا واختلفت معهم كثيرا.. ذات يوم كنت اخرج مسلسلا وكانت رئيس القناة سيدة محترمة لكنها تنزل إليَّ في الاستديو وتقول لي: كيف تتكلم عن أمريكا بالشكل دا في مسلسلك.. واقعة أخري في مسلسل »أخو البنات« عام 4891 كنت اتناول بنوك الدم وتعرف بنك الدم الذي كان في شارع القصر العيني.. وكانت اكياس الدم تباع للخواجات.. واللي يدفع اكثر ياخد اكثر!! وكانت رقابة التليفزيون يوميا تطلب حذفا واختلف معهم.. أنا رأيي مختلف لماذا؟ من حقي ان اصور ما أراه مناسبا فنيا واجتماعيا.. وهم من حقهم ألا يعرضوا!! وحكايتك مع صفوت الشريف؟ هي ليست حكاية.. بل حكايات.. أولها ولأول مرة اقول لك.. ان مسلسل أم كلثوم كنت انا الذي احضر له وعندي ورقة من لجنة السياسات باتحاد الاذاعة والتليفزيون وموافقتها علي ذلك.. والموافقة بخط أمين بسيوني.. لكن تدخلت أمور أخري واسندوا المسلسل إلي غيري.. ولو عدت إلي غلاف الكواكب في الثمانينيات ستجد أن الناقد الكبير حسن إمام عمر كتب عن أم كلثوم كمسلسل يخرجه فاضل.. رغم هذا لم أيأس.. قررت ان انتجه كفيلم فإذا بصوت الشريف يقول لي: ح تفلس يا فاضل!! لم يهمني ما قاله.. اصررت علي انتاجه.. فقام بتأخير عرضه لصالح مسلسل أم كلثوم . ماذا أردت ان تقول في »السائرون نياما«؟ اثبت ان الشعب لم يكن نائما.. وان اقتناعي بالرواية لم يكن وليد اللحظة أو العام الماضي أنا احضر لها منذ عام 6002. هل كنت تتوقع الثورة؟ كنت اتوقعها يوما ما لكن ليس في التوقيت الذي حدث.. كل المثقفين والفنانين الحقيقيين كانوا في حالة غير مستقرة.. فالله سبحانه وتعالي يمهل ولا يهمل. والذين هاجموا الثورة؟ لن اتعامل معهم ابدا.. هؤلاء علي كل لون.. ما يهمهم هو مصلحتهم وبس.. يجب ان نقف في وجه هؤلاء. كمخرج كيف نتوقف عند الثورة؟ اتوقف بكيفية اعجاب للشباب الذين قادوها.. للثورة الناعمة التي جعلت العالم يتحدث عنها.. انها قوية بنعوميتها واستمرارها بشعبها في مختلف الأماكن والمحافظات في وقت واحد. لك رأي في إلغاء أمن الدولة الذي تحول إلي الأمن الوطني، لنقوله للقراء؟ نعم.. رأيي ان كلمة الوطني تذكرنا بالحزب المنحل.. لماذا لا نطلق عليه الأمن البلدي.. انها كلمة أرق وافضل كثيرا. لك قصة مع أمن الدولة السابق؟ نعم كنت أصور »السائرون نياما«.. وكان لابد من الاستعانة بماكيير أجنبي- قام بعمل العديد من الأعمال العالمية- وهو كندي الجنسية من اصل ايراني.. حاولت اكثر من مرة الحصول علي تصريح له من أمن الدولة قالوا لي استحالة.. انت بتحلم.. قلت انه كندي يعيش هناك.. قالوا لكن اصله إيراني.. طبعا كان هذا بايعاز من ماكيير مصري ربما. وماذا كانت نتيجة ذلك؟ ذهبت واستكملت التصوير كله في سوريا التي وفرت لنا كل شيء أما هنا فكانت العقبات والصعوبات وانت تعلم جيدا ما كان يحدث. كيف نقضي علي فساد الدراما؟ ان يكون المسئول عن الانتاج الدرامي عالما بالدراما وفاهما فيها.. وكان المسئولون عن الدراما في التليفزيون ليسوا بفهم عن الدراما للاسف الشديد. لكن كثيرين قالوا لابد من الاستعانة بالاخوة السوريين لصالح المصريين وانت تصور في سوريا كثيرا؟ وفروا كل شئ.. وانا اهتم بالفنان الذي يضيف وانا شخصيا تعجبت كيف تلعب سولاف فواخرجي دور كليوباترا المصرية، ويقال انها ستمثل شجرة الدر.. لست ضد الاستعانة بهم لكن في حدود ومنطق وعقل.. انا اول مخرج استعين بممثل سوري وكان ذلك عام 5991 حينما جئت بالفنان سلوم حداد في احد مسلسلاتي.. الذي يجب هو ان استعين بهم في اضيق الحدود.. لكن ليس بهذا الشكل الذي نراه.. وليس عمال علي بطال. لنعد إلي الفساد الدرامي؟ كما قلت لك لابد وان يفهم المسئول عن الانتاج الدرامي في الدراما ولابد من وقف انفلات الأجور.. لان هذه هي الطاقة الكبري »ثم يواصل«: يا أخي كيف ننتج مسلسلا لممثلة قالت ان معها محطتين »أو »3« محطات يعني ايه الكلام دا.. هو انا اخرج او انتج لمجرد ان ممثلة قالت ان معها عدد من المحطات التليفزيونية ولهذا اعطي لها 5 ملايين جنيه!.. هل الجماهير في الكويت أو دبي وقفت تقول عاوزين فلانة.. في مسلسل! هل تفكر في عمل يؤرخ للثورة؟ لابد من التأمل أولا.. فرغم ان لدي مسلسلا كتبه عبدالقوي الغلبان يحكي فيه عن ميدان التحرير وشباب الثورة.. إلا ان الدراما عكس الأغنية.. فهي تأخذ وقتا وتأملا.