رئيس جامعة الأزهر: توحيد الحد الأدنى للقبول في الكليات العملية بين البنين والبنات وشعب القانون    منال عوض: "حياة كريمة" أكبر مبادرة تنموية تشهدها الدولة المصرية في تاريخها    السفير الروسي بالقاهرة: التصعيد العسكري الروسي يعتمد على خيارات الغرب واستمرار دعم كييف    مفاجأة.. فيفا يهدد منتخب مصر بالاستبعاد من تصفيات كأس العالم 2026    السيسي يتابع مشروعات الربط الكهربائي مع دول الجوار واستراتيجيات العمل مع القطاع الخاص    النائب ياسر الهضيبي يطالب بإصدار تشريع خاص لريادة الأعمال والشركات الناشئة    الاتحاد الأفريقي لمقاولي التشييد: صادرات ب50 مليار دولار حال وجود تيسيرات    الرئيس السيسى يتابع خطط تطوير منظومة الكهرباء الوطنية وتحديث محطات التوليد وشبكات النقل والتوزيع ومراكز التحكم ورفع مستوى الخدمة المقدمة للمواطنين بشكل عام.. ويوجه بمواصلة جهود تحسين خدمات الكهرباء بالمحافظات    كامل الوزير: تشكيل جمعية للمستثمرين بكل منطقة صناعية تتولى أعمال الصيانة والتأمين    مشاركة منتدى شباب العالم في «قمة المستقبل» تتويج لجهوده.. منصة تبادل الأفكار والرؤى حول قضايا التنمية والسلام العالمي    استشهاد 6 فلسطينيين فى قصف للاحتلال استهدف مدرسة تؤوى نازحين بغرب غزة    دورات تدريبية مجانية للتعريف بالمزايا الضريبية وتيسيرات قانون تنمية المشروعات    انجاز تاريخي لهاري كين مع بايرن ميونخ في الدوري الألماني    "عايزة الريتش يعلى".. اعترافات طالبة نشرت فيديو ادعت فيه تعرضها للسرقة    سقوط أمطار في برج العرب بالإسكندرية.. فيديو وصور    ضبط8 عصابات و161 قطعة سلاح وتنفيذ 84 ألف حكم خلال 24 ساعة    طعام ملوث.. الصحة تكشف سبب إصابة أشخاص بنزلات معوية في أسوان    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى العياط    صناع مسلسل تيتا زوزو يهدون العمل لروح المنتجين حسام شوقي وتامر فتحي: ستظل ذكراكم في قلوبنا دائمًا    في ذكرى رحيل هشام سليم.. محطات فنية في حياة نجم التسعينيات    أونروا: مخيمات النازحين تعرضت اليوم لأول موجة أمطار فى خان يونس جنوب غزة    تفاصيل مسابقة الأفلام القصيرة والتصوير الفوتوغرافي ب"الكاثوليكي للسينما"    بسمة وهبة تعلق على سرقة أحمد سعد بعد حفل زفاف ابنها: ارتاحوا كل اللي نبرتوا عليه اتسرق    وجعت قلبنا كلنا يا حبيبي.. أول تعليق من زوجة إسماعيل الليثي على رحيل ابنها    الانتهاء من نقل أحد معالم مصر الأثرية.. قصة معبد أبو سمبل    الجامع الأزهر يتدبر معاني سورة الشرح بلغة الإشارة    موسم الهجوم على الإمام    اعتزل ما يؤذيك    صحة المنيا تستعد لتنفيذ قافلة طبية مجانية بدءا من غد الاثنين بقرية عزاقة ضمن مبادرة «بداية»    «الصحة»: إنارة 24 مستشفى ومركز للصحة النفسية تزامناً مع التوعية بألزهايمر    الصحة تنظم ورشة عمل لبحث تفعيل خدمات إضافية بقطاع الرعاية الأساسية    فرصة لشهر واحد فقط.. موعد حجز 1645 وحدة إسكان ب8 مدن جديدة «التفاصيل»    شقيق زوجة إمام عاشور يثير الجدل بسبب الاحتفال بدرع الدوري.. ماذا فعل؟    أدعية للأم المتوفاه.. دار الإفتاء تنصح بهذه الصيغ (فيديو)    رودريجو: أنشيلوتي غاضب.. وأشكر مودريتش وفينيسيوس    فنان شهير يعلن الاعتزال والهجرة بسبب عدم عرض أعمال عليه    جامعة حلوان تشارك في المؤتمر الأول لتفعيل القيادات الطلابية الرياضية    محافظ الشرقية يفتتح مدرسة السيدة نفيسة الثانوية المشتركة بقرية بندف بمنيا القمح    السلطات الإسرائيلية تأمر بإغلاق كل المدارس في الشمال    30 غارة جوية نفذها الاحتلال الإسرائيلي على الجنوب اللبناني الساعات الماضية    ضبط 27327 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    تحرير 148 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    أخبار الأهلي: قرار جديد في الأهلي بشأن علي معلول قبل مواجهة الزمالك    مفاجأة بشأن مصير «جوميز» مع الزمالك بعد السوبر الإفريقي    وزير الشباب يشهد افتتاح دورة الألعاب الأفريقية للرياضة الجامعية بنيجيريا    ارتفاع قتلى انفجار منجم فحم في إيران إلى 51    رؤساء التحرير يواجهون وزير التعليم بكل ما يشغل الرأى العام: محمد عبداللطيف: التعليم قضية وطن    أين تكمن خطورة مرض الكوليرا؟- طبيب يُجيب    الأكثر عدوى.. الصحة العالمية توضح كيفية الوقاية من متحور فيروس كورونا الجديد إكس إي سي؟‬    ضبط أكاديمية وهمية تمنح الدارسين شهادات "مضروبة" في القاهرة    لهذه الأسباب.. إحالة 10 مدرسين في بورسعيد للنيابة الإدارية -صور    مقاتلة "سو- 34" روسية تستهدف وحدات ومعدات عسكرية أوكرانية في مقاطعة "كورسك"    «قالولنا يومكم بكرة».. الحزن يكسو وجوه التلاميذ بالأقصر في أول يوم دراسة    «منافس الأهلي».. موعد مباراة العين ضد أوكلاند سيتي في كأس إنتر كونتينتتال والقنوات الناقلة    خطيب المسجد النبوي يُحذر من الشائعات والخداع على وسائل التواصل الاجتماعي    عالم أزهري: الشعب المصري متصوف بطبعه منذ 1400 سنة    حرب غزة.. الاحتلال يقتحم عنبتا شرق طولكرم ويداهم عدة منازل    وزير الخارجية يلتقى المفوض السامي لحقوق الإنسان بنيويورك (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سكان ماسبيرو حائرون بين بدائل التطوير المقترحة من الحكومة

رغم المحاولات الحكومية الجادة لإيجاد حل مرضٍي لسكان مثلث ماسبيرو.. تمهيدا لتطوير المنطقة التي تحتل موقعا متميزا علي شاطئ النيل.. إلا أن خلف تلك المحاولات يعيش السكان حالة من القلق والتردد وعدم القدرة علي اتخاذ القرار المناسب وسط الخيارات التي طرحتها الحكومة كبدائل لهم. »الأخبار»‬ غاصت في نفوس هؤلاء البسطاء للتعرف علي ما يجول في أفكارهم ويختلج في صدورهم.
حكايات إنسانية مؤثرة لأناس وجدوا أنفسهم فجأة أمام خيارات أحلاها مر. فهذه الحاجة سعدية قطب تستيقظ كل يوم من نومها في تمام الساعة السابعة صباحا.. اعتادت أن تصحو في ذلك الوقت منذ ما يقرب من 40 عاما.. تخرج من حارتها الضيقة في مثلث ماسبيرو سعيا للرزق فهي تعمل خادمة في الشركات أحيانا.. وأحيانا أخري تقوم بتنظيف البيوت ولكن بعد أن بدأت تبلغ من العمر أرذله اضطرت في النهاية أن تستسلم للراحة الجبرية معتمدة في قوتها علي مصدرين هما 300 جنيه تحصل عليها من الشئون الاجتماعية بوزارة التأمينات والمصدر الآخر هي مساعدات أهل الخير.. ثم تعود مرة أخري إلي غرفتها الموجودة بساحة صغيرة بجانب 3 غرف أخري يشتركون في مطبخ واحد ودورة مياه واحدة لا تليق بأي إنسان.. تعود إلي غرفتها تنظر إلي بقايا المرآة المعلقة علي حائط اختفت معالمه بين ذلك النمل الأبيض الذي أكلها وبين عوامل الصيف والشتاء التي أضاعت لون ومعالم الحائط تنظر فتجد أمامها كل تلك التجاعيد التي خلفها زمن نسيت فيه هي ومثيلاتها.. وينتهي يومها الطويل وهي تحلم بأنه إذا خرجت من غرفتها الضيقة بحارتها الصغيرة بمثلث ماسبيرو إلي حي الأسمرات كما وعدتهم الحكومة بأن تتملك الشقة التي ستتسلمها بدلا من أن تدفع لها إيجارا 300 جنيه لأنها لن تستطيع أن تدفع لأن كل ما تحصل عليه من الشئون هو مبلغ 300 جنيه فقط.
في منزل عم سيد القديم بأحد الشوارع الضيقة.. سلالم متهالكة وحوائط متشققة وسقفه بالكاد يصارع عوامل الزمن، ووسط أكوام القمامة وفي أحد تلك الأدوار كانت شقة عم سيد التي يعيش فيها هو وزوجته وأبناؤهما الأربعة، قال عم سيد إنه ورث العيش في هذا المكان من الآباء والأجداد، ويصعب عليه التفكير في المعيشة في مكان آخر، فهو يشعر أنه سينتقل لعالم مجهول يصعب التأقلم فيه ومع جيرانه وأصدقائه وأقاربه هناك، كما أنه يشعر بعدم الثقة في البدائل التي طرحتها الحكومة علي قاطني ماسبيرو، كما أن الإيجارات تعتبر غالية الثمن علي الغالبية العظمي من مواطني المنطقة حيث إن بعضهم يعمل أرزقية باليومية وجنيهات قليلة تكفي قوت يومهم، بينما البعض الآخر يبحث دائما عن لقمة العيش لكسب الرزق في مناطق قريبة من منطقة وسط البلد مكان سكنهم، لتوفير الأموال التي تصرف علي وسائل المواصلات.
الخوف من المستقبل
وفي نظرة يملؤها الخوف من المستقبل والأيام القليلة القادمة وضع يديه علي كتف نجله الأكبر الذي يسعي ليلا ونهارا لكسب قوت يومه ليتمكن من إتمام زواجه في عيد الفطر، والذي قال إنه يعاني يوميا من غلاء الأسعار ولا يدري ماذا سيفعل بعد أن يكون له منزل وأولاد، كما أن نقل مواطني ماسبيرو لن يجعله يستطيع توفير كافة احتياجات المنزل، لأن الإيجارات بحي الأسمرات ستكون باهظة الثمن، وعمله في مدينة السادس من أكتوبر وبالكاد يتمكن من توفير مبلغ من المال للاستعداد لزواجه، ولكن إذا تم النقل وأضفنا مصاريف المواصلات والكهرباء واحتياجات أسرته فسنجدها تزيد عن راتبه الشهري الذي يصيبه مرض الضمور الجبري نتيجة الارتفاع الجنوني في تكاليف الزواج من إيجارات شقق أو توضيبات أو عفش وما إلي ذلك مما يتطلبه كل شاب في مقتبل حياته الجديدة.
التأقلم بالأسمرات
أما شقيقه عباس الذي لا يتجاوز عمره ال28 عاماً فإنه يخشي المجهول بعد الانتقال من المنطقة التي تربي بها منذ الصغر، كما أنه يعمل بورشة والده لمساعدته في إنجاز المهام اليومية بالورشة بالإضافة إلي توفير جزء من يوميته لتدبير مصروفاته اليومية، وقال إنه لا يدري كيف سيتمكن من التأقلم في الأسمرات والتي تعتبر مدينة سكنية في الصحراء الجرداء، حيث إن المعيشة في وسط البلد لها امتيازات كثيرة فهو يذهب لعمله سيرا علي الأقدام بشكل يومي، ولا يعلم إذا كان سيتمكن من الحصول علي فرصة عمل جيدة هناك أم لا وإذا لم يحدث ذلك كيف سيتغلب علي غلاء مصاريف المواصلات في الذهاب والإياب إلي عمله في وسط البلد يوميا.
أما زوجة الحاج سيد ونجلته التي قاربت علي الدخول بالمرحلة الثانوية فأعربتا عن قلقهما من الأيام القادمة وأنهما تخشيان ألا تجدا الراحة والأمان اللذين تتمتعان بهما في منطقة ماسبيرو، حيث قالت الزوجة إنها لا تقلق أثناء خروج نجلتها من المنزل لأن جميع الجيران من الأهل والأقارب والأصدقاء، لذلك لا يجرؤ أحد من التعرض لها، بينما الانتقال إلي مكان جديد سوف يسرب القلق والخوف إلي قلبها في كل مرة يخرج زوجها وأولادها من المنزل، وهو ما يجعلها ترفض الانتقال من المكان الذي ورثوه أباً عن جد.
وأشار سيد في نهاية حديثه معنا أن المحافظة لابد أن يكون لديها مصداقية مع أهالي ماسبيرو وأن يتم النقل علي مراحل، كما أنه يطالب بأن يتم تمليك الشقق للسكان وليس الإيجار لكي يتحقق مبدأ الاستقرار بالنسبة لهم ولكي يتمكنوا من تدبير أحوال معيشتهم.
ومن بين جحافل القاطنين بين طيات ذلك المثلث المرعب.. وقف هذا الرجل صاحب الوجه الشاحب والذي اخفت التجاعيد معالم وجهه .. وقف الحاج حسن رشدي يتكئ علي عصاه الخشبية التي أكلها السوس محاولا توصيل كلماته إلينا من خلال صوته الواهن بين زحام أبناء المنطقة الذين تجمعوا حولنا ليحددوا مطالبهم للموافقة علي الانتقال للأسمرات من عدمه.. اقترب بخطوات بطيئة أظهرت إعاقة في قدمه اليسري.. وقال إن كل دخله يتمثل في 360 جنيهاً فقط يتقاضاها من الشئون الاجتماعية.. متسائلا كيف أدفع منها 300 إيجار وأعيش باقي الشهر ب 60 جنيها فقط ؟.. وطالب الحاج حسن بأنه يمتلك الشقة التي سيذهب إليها في الأسمرات لأنه لا يستطيع أن يدفع إيجارها والذي يعتبر باهظا بالنسبة له وذلك إذا أرادت الحكومة أن يترك منزله الذي نشأ وتربي فيه منذ صغره والذي يقع في وسط البلد فهو قريب من كل المناطق والمؤسسات علي حد قوله .
حل المشاكل
وعلي أبواب دكان صغير وقديم وضع رشاد عادل كرسياً خشبياً جلس عليه وافترش أركانه الضيقة ببضائع بسيطة يبيعها لينفق من خلالها قوته الضعيف علي زوجته وأبنائه الصغار الذين هم في مراحل التعليم المختلفة.. قال رشاد إنه نشأ في تلك المنطقة وأن أبناءه أيضا ولدوا بين حواري مثلث ماسبيرو.. وأضاف أنه لن يستطيع أن يدفع إيجار الشقة التي تريد الدولة أن تنقله إليها في الأسمرات وليس لهذه المنطقة وسائل مواصلات سهلة وقريبة وستكون الحياه هناك صعبة للغاية.. لذلك قرر رشاد أنه لن ينتقل من منطقته إلا بعد أن تحل الدولة تلك المشاكل من خلال توفير وسائل المواصلات ونشر الأمن في المناطق النائية التي سينتقلون إليها بالإضافة إلي امتلاك الوحدات السكنية التي سيعيشون فيها لأنه غير قادر علي دفع الإيجار الذي حددته الدولة ب 300 جنيه شهريا.
وأمام باب خشبي لبناية ظهرت عليها علامات القدم وداخلها 6 غرف يشتركون في مطبخ واحد ودورة مياه واحدة.. وقفت جمالات سيد تتحدث بكلمات غير مفهومة نظرا لإصابتها بمرض قديم أثر علي أسلوبها وهي تحاول إظهار ما بداخلها.. ومن إحدي جاراتها التي بدأت توضح الكلمات غير المفهومة قالت إن جمالات تحصل علي 400 جنيه فقط من التضامن الاجتماعي ولديها بنت فرحها علي الأبواب وليس لديها من الأموال لتشتري لها جهازها.. وأوضحت تلك السيدة التي توضح كلمات جمالات أنها تخشي أن تتنازل عن غرفتها وتذهب إلي الأسمرات لأنها لن تستطيع أن تدفع 300 جنيه إيجارا لتلك الوحدة السكنية التي ستنتقل إليها وتعيش ب 100 جنيه فقط إلا إذا تملكت الشقة التي ستنتقل إليها.
وفي أحد الأزقة بحواري ماسبيرو الضيقة وجدنا عم صبحي، الرجل الذي بلغ من العمر أرذله، كان واقفا أمام بعض الأطباق والأواني التي ظهر عليها عوامل الزمن، ويستند علي عصاه التي أكل منها الدهر وشرب، يقوم بطهي أطباق المكرونة لأهالي المنطقة ويقف حوله الصبية الذين يقومون بشراء عدد من الأطباق لذويهم أو أصحاب الورش التي يعملون بها.
فيقول إنه ليس لديه باب رزق غير هذه الأطباق التي اشتهر بعملها منذ عشرات السنين ومنذ أن فقد ذراعه اليمني وهو لا يجد ما يتمكن من إنجازه سوي طبخ المكرونة ووضع الصلصة عليها، ويحاول التجديد من طعمها للتنويع وكسب زبائن أكثر بوضع بعض التوابل والخضار عليها، لكي يطلبها زبائنه بشكل مستمر وبذلك يتمكن من تدبير أحوال معيشته هو ونجلته الوحيدة التي تعيش معه في نفس الحجرة وتحاول أن تجد فرصة عمل لتساعده وتسقط عن كاهله مصاريف جهازها وتدبير أحوالها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.