قال المتحدث باسم مجلس الوزراء: »إن حق التصويت في الانتخابات مكفول للمصريين في الخارج، غير أن مشاركتهم في العملية الانتخابية تحتاج لمزيد من الدراسة والنقاش.. إلاّ أنه من الممكن تنفيذ عملية مشاركتهم في الاستفتاء علي الدستور، أو انتخابات الرئاسة لأنه من الصعب في الوقت الحالي مشاركة المصريين في الخارج في الانتخابات البرلمانية المقبلة نظراً لتشابكها وتعدد مراحلها«! أتصوّر أن هذا التصريح قد يرضي أقلية من ملايين المصريين المغتربين باعتباره بداية وليس نهاية، لكنه لن يرضي أغلبيتهم. فمنذ عقود عديدة ماضية وهم يطالبون بحقهم في المشاركة وإبداء الرأي في كل ما يجري داخل وطنهم.. وأولها حق الترشح والانتخاب، خاصة الانتخابات البرلمانية. وهذا الحق ليس بدعة، ولا من الصعوبة ليحتاج إلي »مزيد من الدراسة والنقاش«. فكل الدول الديمقراطية تساوي بين شعوبها، سواء المقيمون فيها أو المغتربون عنها. الغربة لا تقلل من الانتماء. علي العكس فإنها تزيده، خاصة بعد سهولة تدفق المعلومات فضائيات، وإذاعات، و مواقع إلكترونية تصلهم، علي مدار الساعة، بكل ما جري ويجري في وطنهم. والاغتراب ليس تفضيلاً للإقامة في بلد أجنبي، وإنما في معظم الحالات اضطرار للبحث عن فرص عمل مناسبة لم يجدها في بلده، ومنح دراسات وتخصصات نادرة، أملاً في تحقيق مستقبل أفضل مما كان معروضاً عليه. تصريح المتحدث باسم مجلس الوزراء، صدر في أعقاب لقاء مهم تم بين الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء والدكتور حسن لاشين رئيس مجلس إدارة صندوق رعاية المصريين في السعودية وضم الاجتماع وزراء المالية والخارجية والصناعة والتجارة والتضامن والعدالة الاجتماعية والقوي العاملة، كما حضره لأول مرة العديد من ممثلي شباب ثورة25يناير. لم يأت رئيس مجلس إدارة صندوق رعاية المصريين في السعودية لمجرد تكرار المطالبة بحق المغتربين المصريين في الترشح والتصويت في كل الاستفتاءات والانتخابات التي تجري في وطنهم، وإنما تقدم د. حسن لاشين عارضاً العديد من المشروعات التي يقترح صندوق رعاية المصريين في السعودية إقامتها في مصر، مثل إقامة 42 صومعة لتخزين الحبوب والغلال بطاقة تصل إلي 250ألف طن في سبع محافظات، ويلحق بها مشروع متكامل للمطاحن علي مستوي الجمهورية بتكلفة إجمالية تصل إلي نحو نصف مليار جنيه، ومشروع آخر يتمثل في إقامة مراكز للتدريب الفني والتقني الراقي لتأهيل العاملين للعمل في مصر أو خارجها حيث يشترط في العامل مستوي عال من التدريب والخبرة.. وغيرها من المشروعات التي وافق الدكتور عصام شرف والوزراء علي معظمها. هكذا يفكر المصريون المغتربون في وطنهم وفي تقديم كل ما في استطاعتهم للمشاركة في دفع الاقتصاد المصري إلي الامام، والمساهمة في توفير فرص تدريب، و عمل، للآلاف من شباب مصر في بلدهم أو في خارجها. تشجيع الحكومة لمثل هذه المبادرة سيشجع الجاليات المصرية في الخارج علي تكرارها وانتشارها في كل المحافظات.. التزاماً بانتماء المغتربين لوطنهم وإحساساً قوياً في قلوبهم بواجب المساهمة في حل مشاكل أهلهم وناسهم. أناس علي هذا المستوي العالي من الوفاء والنقاء.. هل نحن في حاجة فعلاً إلي »مزيد من الدراسة والنقاش« كما تحجج المتحدث باسم مجلس الوزراء قبل أن نعيد إليهم أبسط حقوقهم المحرومين منها، مثل: حق التصويت في الانتخابات؟! .. لا أظن.