وجدت من المناسب التقاط الأنفاس بهدنة .. والخروج في مقال اليوم عن الشأن الداخلي والهموم المصرية المتسارعة والمتلاحقة .. خاصة أن هناك فضيحة مدوية باتت حديث العالم ارتكبها القاضي اليهودي جولدستون بمقاله في الواشطن بوست الذي غير فيه مواقفه مائة وثمانين درجة. ومن منا لا يتذكر وثائقه التي هزت العالم وجاءت لتدين جرائم إسرائيل في قطاع غزة عام 2008 .. ولكن من الواضح أن الصهيونية العالمية استطاعت بدعم وتأييد من الولاياتالمتحدةالأمريكية .. الضغط علي جولدستون لتغيير وجهة نظره التي أوردها في تقريره الخاص والذي سجل فيه أن إسرائيل قد ارتكبت جرائم حرب يجب النظر بها بعناية واهتمام حتي تم محاكمتها أمام محكمة العدل الدولية.. غير أن هذه الضغوط التي قامت بها إسرائيل وأيدتها الولاياتالمتحدةالأمريكية وبعض الدول الأوروبية حدت بالقاضي جولدستون إلي تغيير مواقفه و"السعي" لسحب تقريره .. بالرغم من أنه أصبح أحد الأوراق والوثائق الدولية والأدلة القاطعة التي يمكن الاستناد إليها أمام أي قضاء وطني أو دولي لملاحقة المسئولين الإسرائيليين بشأن ارتكاب جرائم حرب وإبادة ضد الفلسطينيين .. الواقع أن ما كتبه جولدستون في مقاله حول هذا التقرير جاء نتيجة الممارسات والضغوط الإسرائيلية والدولية.. وهذا التغيير في مواقفه لا يغير آراء لجنة كاملة اقتنعت بالعدوان الإسرائيلي الهمجي علي الفلسطينيين .. وأنه يعتبر وثيقة دولية اعتمدها مجلس حقوق الإنسان .. المطلوب من السلطة الفلسطينية التحرك مجددا نحو تكريس تقرير جولدستون وقرار محكمة لاهاي حول جدار الفصل العنصري والاستيطان إلي الجمعية العامة للأمم المتحدة .. والمطالبة بصراحة بفرض عقوبات علي إسرائيل وأن أي تهاون أو تراخ في استخدام هذه الوثائق المهمة ستشجع إسرائيل علي شن هجوم مضاد لإلغاء تأثيرها !. فإذا كانت إسرائيل قد اعتبرت المقال نصرا لسياستها القمعية والعدوانية فهذا لا يعني إلغاءه .. فقد سبق وقال جولدستون في تصريحات له أثناء زيارته لغزة أنه صدم باعتباره يهوديا من تعيينه رئيسا لهذه اللجنة لهول ما شاهده من إجرام إسرائيلي علي المواطنين الفلسطينيين عبر هذا التقرير المؤلف من 574 صفحة.. فإن اللجنة بمجملها خلصت إلي الإقتناع الكامل بأن الجيش الإسرائيلي ارتكب أفعالا ومجازر ضد أهالي غزة تصل إلي جرائم حرب وربما تشكل أيضا جريمة ضد الإنسانية. والواقع أنه أمام الانهيارات والثورات التي يشهدها العالم العربي دعت هذه الضغوطات القاضي اليهودي جولدستون إلي دعوته إعادة النظر في التقرير الأممي.. وارتكب فضيحة لا تغتفر .. فهذا التقرير أصبح ليس ملكا له بل وثيقة رسمية دولية ولا يمكن أن يلغي الثوابت وفي مقدمتها التأكيد الواضح للشرعية الدولية في حقوق الشعب الفلسطيني بأراضيه .. وهذا يؤكد أيضا أن للشعب حقا ثابتا وأكيدا في هذا التقرير الذي يدين إسرائيل بارتكاب مجازر ضد الفلسطينيين .. وأنه يتوجب علي الجامعة العربية والسلطة الفلسطينية التحرك السريع بغية رفض أية تعديلات علي هذا التقرير الدولي .. لأنه يمثل أحد الحقوق الواضحة للفلسطينيين والذي لا منحة لأحد فيه ولا منة من طرف حياله .. بل هو تأكيد دولي لا يتم إنكاره جراء انسحاب هذا القاضي اليهودي من التقرير الدولي .. والذي يؤكد علي انتهاك إسرائيل للحقوق الدولية وارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية في غزة! [email protected]