كالعادة في كل صباح.. استقلت الطفلة »زينة« سيارة أسرتها في طريقها إلي مدرستها. غير المعتاد.. أن السيارة في هذا اليوم أرغم قائدها علي تغيير طريقها، بعد أن اعترضتها سيارة سوداء بداخلها عدد من الملثمين المسلحين الذين قاموا فيما بعد بخطف الطفلة، وانطلقوا بها إلي المجهول! لسنا في حاجة لسماع رد فعل والد ووالدة الطفلة وكل الذين يعرفونها والذين لا يعرفونها. فالصدمة زلزلت قلوبهم، وكادت أن تفقدهم البقية الباقية من صوابهم.. وهو ذات المشاعر والأحاسيس المنتظرة من أية أسرة تعرضت أو يمكن أن تتعرض لمثل هذه الصدمة. مرت الدقائق كسنوات ثقيلة، بطيئة.. قبل أن يتلقي الأب مكالمة من ابنته »زينة« تبلغه بأنها اختطفت، ثم سمع الأب صوت أحد الخاطفين يطالبه بدفع5ملايين جنيه فوراً كفدية، وإلاّ فإنه أي الأب لن يري طفلته، فلذة كبده، بعد الآن! قد نتصوّر أن الأب سارع بحمد ربه وشكره علي أن »زينة« لا تزال علي قيد الحياة، بدليل سماعه صوتها. أما رده علي طلب الفدية فقد قرأناه في التحقيق الصحفي الشامل الذي كتبه أمس في »الأخبار« الزميلان:جمال حسين و فايزة الجنبيهي وجاء فيه أن الأب: د.عفت السادات، قال لخاطف ابنته: »ليس لدي سيولة مالية الآن. لكنني أستطيع تدبير 2مليون جنيه فقط، أو في استطاعته أن يكتب لهم شيكاً مصرفياً بالمبلغ المطلوب«. وجاء الرد منطقياً بالرفض. فالمجرمون ليسوا بالبلهاء الذين يتقدمون بالشيك لصرفه من البنك! قال المتحدث باسمهم إنهم يريدون الفدية نقداً وفوراً. وأسقط في يد الأب. فالمبلغ الضخم لا يستطيع توفيره في يوم وليلة. ومعني ذلك أنه لن يري ابنته كما أكدوا له. فماذا يفعل؟! هل يلجأ للشرطة رغم أنهم حذروه من إبلاغها حتي لا يُحرم من ابنته إلي الأبد؟! ومن الواضح أن الأب فكر ألف مرة ومرة في مخاطر عدم التزامه بتنفيذ أمر التحذير، قبل أن يحسم رأيه ويحدد قراره ويغامر كحل وحيد لا ثاني له أمامه بالاتصال بالشرطة والثقة في رجالها رغم تراجع الأمن في الشارع المصري. قرار خطير اهتدي إليه والد »زينة«، واستعد لتحمل مسئوليته كأي أب غيره يجد نفسه فجأة أمام هذه الكارثة التي ما بعدها كارثة. ثقة الأب في الشرطة كانت لحسن حظه وحظ ابنته المخطوفة في محلها. فها هي الشرطة المصرية تثبت قدراتها، و تنجح خلال ساعات معدودة في تحرير »زينة«، وإعادتها سالمة إلي أسرتها. فشكرا لله.. وشكراً لشرطتنا المصرية علي ما قامت به.. وفي أسرع وقت مستطاع. بقي شيء.. ليست هذه هي أول مرة نسمع فيها عن جريمة اختطاف في القاهرة. سبق أن سمعنا منذ أيام قليلة ماضية عن اختطاف طالب جامعي وطلب الخاطفون سائق سيارة المختطف من بينهم فدية مليون جنيه، ونجحت الشرطة المصرية أيضا في إنقاذ الشاب والقبض علي المختطفين المجرمين. لكننا لم نسمع حتي الآن عن محاكمة المختطفين وتوقيع أقسي عقاب عليهم الإعدام طبقاً وتنفيذاً لتغليظ الأحكام التي أقرتها القيادة العليا للقوات المسلحة. إن جريمة خطف المواطنين جديدة علي مجتمعنا، والإسراع في معاقبة مرتكبيها بأقسي العقوبات هو أفضل الحلول للحد من تكرار هذه الجريمة البشعة.