كعادتي عندما أحتار في أمر ألجا إلي أي صديق يكون صاحب دماغ كبيرة، لذا ذهبت إلي صديقي المثقف سيد عبدالستار وهو خبير دولي في شئون المعابد والآثار طالبا التعرف علي رأيه فيما حدث من هرج ومرج والضجة التي صاحبت استخراج تمثال الملك رمسيس الثاني من المكان الذي عثر عليه في سوق الخميس بالمطرية. في البداية فوجئت بسيد يقول: اولا اسمه بسماتيك وثانيا هو إيه إللي وداه هناك؟ فرددت مندهشا: هو مين وراح فين؟ فقال: بسماتيك كان رايح سوق الخميس في المطرية ليه أصلا؟ فقلت: لا ياعم سلامو عليكو واضح انك مش معانا في الدنيا، فقال بسرعة وهو يقهقه: باضحك معاك يا جدع مال دمك بقي تقيل كده ليه من ساعة ما امك وأبوك اتوفوا؟ وقبل أن أرد قادني إلي الغرفة التي اقتطعها من شقته ليحولها إلي مكتبة عامرة بكل أصناف الكتب والمراجع العربية والأجنبية حيث وقف سيد مزهوا فخورا وهو يشير إلي مكتبته قائلا: انت جيت للمكان الصح يا عزيزي، أي مشكلة في الوجود تلاقيلها حل هنا (يقصد في الكتب) ومن حظك لسه واصل المكتبة مجموعة من المراجع الافرنجية في شتي الموضوعات من الإبرة لو عايز تخيط زرار مقطوع للصاروخ لو عايز تطلع القمر فقلت متلهفا: يابو السيد يا فاهم أخوك مش ناوي يطلع القمر ولا حاجة وكمان مراتي كتر خيرها بتخيطلي الزراير المقطوعة أول باول، أنا بس عايز اشوف حل للمصيبة إللي احنا واقعين فيها دي، أكيد مكتبتك مليئة بكتب تشرح كيفية استخراج التماثيل من بطن الأرض بأقل خسارة ممكنة.. فمط شفتيه بطريقة توحي بتحول مفاجئ من قمة التفاؤل إلي قمة التشاؤم وقال في نبرة أسي: للأسف معظم إللي عندي كتب عن الموت والدفن لكن ولادة واستخراج متلاقيش، وقبل أن يتمكن مني الإحباط قال سيد وهو يشعل سيجارا: استني كده يمكن نلاقي في المراجع الجديدة حاجة تلبي طلبك، انت غالي عليا يا إتش ومش عايز أردك من عندي وانت حزين وزعلان كده! عدت للجلوس من جديد في الوقت الذي سحب فيه سيد مرجعا ضخما قال لي وهو ينفخ دخان السيجار في وجهي أنه لمؤلف فرنسي الجنسية يدعي بيير الفيل.. اندهشت من أن يكون فرنسي اسمه الفيل فقال إن اسمه في الاصل ألفي لكنه أطلق عليه الفيل من عنده مؤكدا أن اسم الكتاب: »امسك مناخيري من فضلك» وقبل أن أقول لسيد إذا كنت تسخر مني لعدم اجادتي الفرنسية فمن فضلك بلاش تضيع وقتك ووقتي فوجئت بسيد يقول: طبعا انت مش عاجبك اسم الكتاب وفاكرني باشتغلك لكن ممكن تقولي إيه هي الحاجة إللي ناقصة من تمثال أبو الهول؟ فقلت بثقة: ودي عايزة سؤال يا سيد؟ مناخيره طبعا.. فقال وهو يربت علي جلدة الكتاب: أهو أخونا الفيل الفرنساوي ده عامل الكتاب ده كله عن مناخير أبو الهول واختار عبارة بليغة علي لسان أبو الهول نفسه بيستغيث وبيصرخ للعالم كله ويقول: امسك مناخيري من فضلك!، لم أتمالك نفسي فصفقت وأنا أقول: تصدق اقنعتني يا سيد؟ بس هل معني كده إن المصريين وهما بيطلعوا تمثال ابو الهول باللودر كسروا مناخيره زي ما حصل لتمثال رمسيس في سوق الخميس بالمطرية؟ فقال سيد متأففا: يا إتش القدماء كانوا ناس متقدمين مش ممكن ابدا يطلعوا التمثال باللودر لكن مناخير أبو الهول بيقولوا نابليون كسرها بالمدافع علشان كان غيران منه وفيه ناس بتقول أن نابيلون بريء وإن الجريمة تمت عن طريق ممثلة اغراء فرنساوية زارت أبو الهول زمان ووقعت في غرامه وعاشت معاه في الهرم وفي مرة استدرجته وهي بتبوسه بالليل ماستحملش ووقعت منه مناخيره، ضربت كفا بكف وأنا اقول يا جدع عيب عليك هو فيه بوسة توقع المناخير ليه يا عم هي شفايفها كانت شاربة مية نار مثلا يا سيد قول كلام معقول، فقال انت أصلك معندكش فكرة لما الست تحب تستدرج الراجل مننا لازم يقع حتي لو كان تمثال! قلت لسيد: طيب من فضلك انسي الست الفرنساوية دي شوية وركز معايا هل موجود في كتاب الفيل الفرنساوي ده أي سيرة عن فن استخراج التماثيل؟ فقال: الكدب خيبة أنا لسه ماقرتش الكتاب لكن لفت نظري في مقدمة المؤلف الفرنساوي عبارة بيقول فيها: احترس وأنت تنتشل التمثال فقد يكون من نوعية تماثيل التي إذا لمستها تنور ،فأوشكت أن أنفعل علي سيد ضربا هذه المرة وقلت له: يا عم ده مؤلف بتاع كتب عن الآثار ولا بيعمل اعلانات عن البوكسر إللي بينور، ما تحترم نفسك يا سيد وتشوفلنا حاجة مفيدة ياخي باقولك عايزين طريقة مأمونة نقدر نستدرج بيها تمثال رمسيس ونخرجه من الحفرة المدفون فيها من غير ما يتعور فقال وهو يخرج تليفونه: يبقي مفيش غيرها لازم أطلبها دلوقتي.. فقلت مستبشرا: تطلب مين يا سيد خبيرة أجنبية متخصصة في النوع ده من الاكتشافات الأثرية؟ فقال: لا هاطلب كارمن فقلت وقد بدأ صبري ينفد: كارمن مين يا سيد انت لسه بتلعب بديلك وانا إللي فاكرك عقلت من زمان؟ فقال وهو يدوس علي أرقام الموبايل: يابني صدقني كارمن دي لوز فقلت مندهشا معتقدا أن سيد قد أصابته حتما لوثة عقلية مفاجئة: كارمن مين يابني اللي لوز دي مش عيب عليك تعاكس بنات الناس؟ ثم هو ده وقته أساسا؟، فقال وهو يرمقني بنظرة استعلاء: طول عمري أقولك يا اتش ان مشكلتك انك مش مطلع ولا بتحاول تقرا كتير، يابني »كارمن دي لوز» ده اسم الممثلة إللي استدرجت ابو الهول لغاية لما جابت مناخيره الأرض !