أسدل الستار أمس علي أول انتخابات سودانية عامة منذ نحو ربع قرن في حين يستعد حزب المؤتمر الوطني الحاكم للاحتفال بفوزه في الانتخابات بنسبة كبيرة جداً وسط أنباء عن تشكيل حكومة شاملة واسعة التمثيل. ومن المقرر أن تبدأ اللجان الانتخابية اليوم الجمعة في فرز أصوات الناخبين السودانيين. أعلن رئيس المفوضية القومية للانتخابات ابيل اليران أن النتائج ستعلن في مقار اللجان ابتداء من اليوم ثم يتم رفعها للمستوي الأعلي حتي تصل إلي المفوضية ليتم اعتمادها وإعلانها رسمياً. وقررت الحكومة السودانية اعتبار يوم أمس عطلة رسمية تيسيراً علي المواطنين للإدلاء بأصواتهم في اليوم الخامس والأخير من الانتخابات. وكان تدني الإقبال علي التصويت واضحاً أمس الأول حيث خرج عدد من الناخبين أقل من المتوقع للتصويت. وقال سياسيون إن سوء التجهيزات يمنع مئات الآلاف من الناخبين من المشاركة في أول انتخابات كاملة يجريها السودان منذ 42 عاماً حيث بلغت الأرقام المبكرة عن الإقبال علي الاقتراع أقل من عشرة بالمائة. وفي غضون ذلك أعلن الحزب الحاكم أن الجيش الجنوبي قتل تسعة من مسئولي الحزب أثناء الانتخابات. وقال اجنيس لوكودو رئيس مكتب حزب المؤتمر الوطني بالجنوب إنه قبل ثلاثة أيام جاء بعض جنود جيش جنوب السودان إلي منزل رئيس حزب الموتمر الوطني في »راجا« وقتلوه هو وثمانية أعضاء آخرين في الحزب. وأضاف لوكودو أن عمليات القتل ذات دوافع سياسية بسبب الغضب من تصويت كثيرين في المنطقة لصالح حزب الموتمر الوطني. ونفت الحركة الشعبية لتحرير السودان المتمردة سابقاً والتي تسيطر علي حكومة الجنوب مشاركة جيش جنوب السودان في عمليات القتل. وقالت سوزان جامبو رئيسة مكتب العلاقات الخارجية في الحركة إن هذه جريمة عاطفية لها علاقة بزوجة موضحة أن خصومة أدت إلي إطلاق نار بين الزوج والعشيق مشيرة إلي أن هذه ليست مسألة سياسية. وكان الحزب الحاكم قد وجه أمس الأول دعوة إلي جماعات المعارضة بما فيها الأحزاب التي قاطعت الانتخابات للمشاركة في الحكومة المقبلة إذا ما فاز في الانتخابات. وتباينت ردود الفعل علي هذه الدعوة حيث لم ينف زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي احتمال مشاركته في الحكومة المقبلة ولكن بشروط. ووصف المهدي الحزب الحاكم برئاسة البشير بأنه »مصاب بالانفصام«. وقال المهدي إنه سيحاول إيجاد موقف مشترك لمواجهة القضايا والتحديات التي تواجهها البلاد اليوم مضيفاً أن السودان يواجه خمس مشكلات أساسية تتمثل في مشكلة اتفاقية السلام وتنفيذ الاستفتاء وقضية تحقيق وحدة البلاد أو الانفصال الأخوي مؤكداً أن هذا التحدي يتطلب تعاوناً وطنياً بين القوي داخل الحكومة وخارجها إضافة إلي مشكلة دارفور التي ترفض القوي المسلحة بها نتائج الانتخابات بما يستوجب الاتفاق علي حل سياسي للقضية ولا يمكن أن يحدث ذلك إلا بالتعاون بين الجميع. إلا أنه أكد أن التحدي الأكبر الذي يواجه السودان هو المحكمة الجنائية وكيفية التعاون معها موضحاً أنه إذا فاز البشير في الانتخابات فسيكون التحرك الدولي للسودان مشلولاً مؤكداً أن القضية مستمرة لأن القرار هو قرار مجلس الأمن وليس قرار المحكمة الجنائية وحدها. ومن جانبه، انتقد ياسر عرمان نائب الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان دعوة المعارضة الانضمام للحكومة واعتبرها تأكيداً للاتهامات الموجهة لحزب المؤتمر بتزوير الانتخابات. وأشار عرمان إلي أن الحركة سترد عليه في الوقت المناسب داعياً الحزب الحاكم إلي التركيز علي القضايا الحقيقية التي تعاني منها البلاد. وقال إن الاقتراح الذي تقدم به الحزب الحاكم لن يحل أية مشكلة بالبلاد. وأعلن زعيم المؤتمر الشعبي السوداني المعارض حسن الترابي أن الانتخابات شابها الكثير من الأخطاء الفنية الفاحشة لكنه رفض ربط هذه الأخطاء بنوايا مبيتة لدي النظام الحاكم للتزوير بهدف التأثير علي نتائج الانتخابات لصالحه. وعلي الرغم من هذه الأخطاء، أكد الترابي قناعته بأن تأجيل الانتخابات لم يكن الحل الأفضل مشيراً إلي أن التأجيل يعني أن يبقي السودان خاضعاً فترة أطول لهذا النظام الدكتاتوري. ودافع الترابي عن موقف حزبه من المشاركة في الانتخابات مؤكداً أنه بهدف حماية السودان من ثورة تمزقه. وعلي صعيد آخر، شهدت الأسواق السودانية ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار الخراف.. وفسر التجار والمواطنون ذلك بأن المؤتمر الوطني قام بجمع الخراف من الأسواق في إطار استعداداته للاحتفالات الكبري لفوزه بمرحلة رئاسية جديدة في السودان.