كم كانت تتكلف رحلات مبارك وسوزان والحاشية في باريس؟ »أخيرا انتهت لعنة السيدة الأولي ورحلت بجبروتها وتسلطها علي الحكم وسيطرتها علي اختيار الوزراء والمسئولين وتنفسنا الصعداء من الديكتاتور زين العابدين بن علي وزوجته الكوافيرة حاكمة قصر قرطاج«! هكذا سمعت من الأصدقاء المعارضين التونسيين الذين إلتقيت بهم أثناء وجودي في باريس- في رحلة علاج طارئة- والذين فضلوا الإقامة في الغربة في فرنسا علي البقاء في تونس تحت حكم ليلي الطرابلسي وكانت نموذجا متجبرا للسيدة الأولي وكانت مظلة الفساد والنهب.. وبلغت ثروتها مليارات اليوروهات.. ومعلومات المخابرات الفرنسية: أنها تمكنت من تهريب طن ونصف طن من السبائك الذهبية من خزائن البنك المركزي قبل مغادرتها إلي دبي في ديسمبر الماضي.. وحسب تقديرات مصادر فرنسية تبلغ ثروة زين العابدين بن علي قرابة خمسة عشر مليار يورو قام بنهبها خلال سنوات حكمه الثلاث والعشرين- بالنسبة لإمكانيات تونس- وتتوزع بين بنوك وفنادق فاخرة وشركات طيران في البرازيل والأرجنتين.. وهو يمتلك أرصدة في بنوك سويسرا ويصعب تقديرها، كما يملك بنايات كبيرة في قلب باريس.. بخلاف الأموال والمجوهرات الماسية التي عثروا عليها مؤخرا في خزائن سرية في قصر قرطاج، ولم يلحق بن علي ان يأخذها معه عندما هرب علي وجه السرعة بطائرة هليكوبتر مع زوجته وأولاده! وكانت ليلي الطرابلسي وأخوتها تسيطر علي معظم قطاعات الاقتصاد في تونس وتتحكم في السياحة والإسكان، وأسرتها مكونة من عشرة إخوة وأخوات والمسئول عن استثماراتهم الأخ الكبير بلحسن، ومن شخصياتها الرئيسية الحاجة نانا ويسمونها »الأم الحاكمة« وقد تضخمت ثروة أسرة الطرابلسي الحاكمة وتشعبت بين بنك تونس وشركات سياحة وطيران وغيرها.. ونهب أراضي الدولة وأموالها.. وفي السنوات الأخيرة كانت ليلي بن علي تسيطر علي الرئيس وتتحكم في قراراته وبدرجة أنها كانت تتدخل في اختيار معظم الوزراء وتقوم بإقصاء المسئولين الذين لا ينفذون طلباتها، وكان زوجها لا يقوي عليها، وكان هناك سيناريو موضوع بأن يترك زين العابدين منصبه في عام 3102 ويعلن التنحي لأسباب صحية، ثم تنظم مظاهرات بواسطة الحزب الحاكم في أرجاء تونس وتطالب باعلان ترشيح ليلي الطرابلسي للرئاسة.. وكان هناك سيناريو آخر للتوريث بالنسبة لزوج ابنة بن علي من زوجته ليلي الذي أقام بنكا إسلاميا وتضخمت ثروته بعد انضمامه إلي حزب التجمع الدستوري وتردد أنه الرئيس القادم لإن ابن زين العابدين مازال صبيا صغير السن! وهناك كتاب يلقي رواجا في باريس عنوانه »حاكمة قرطاج.. يد مبسوطة علي تونس« وتكشف مؤلفته خبايا أسرة بن علي الحاكمة بالحديد والنار ويروي: ان ليلي الطرابلسي هي الزوجة الثانية للرئيس بن علي وتزوجها بعد طلاقه من زوجته نعيمة التي انجب منها ثلاث بنات، وله من ليلي ابن في السابعة من عمره وهو الوحيد مع أختين شقيقتين سرين وحليمة.. وليلي الطرابلسي عمرها 63 سنة وولدت في أسرة متواضعة وكان أبوها وأمها بائعين للخضر والفاكهة وحصلت علي الابتدائية والتحقت بعدها بمدرسة للحلاقة واشتغلت »كوافيرة«.. ثم تعرفت علي تاجر وتزوجته وعمرها 18 سنة وطلقت منه بعد ثلاث سنوات، بعدما تعرفت خلالها علي وسط رجال الأعمال.. وقامت بالتجارة بين تونس وإيطاليا وكانت تلجأ إلي أساليب غير مشروعة وألقي القبض عليها وسحب منها جواز السفر! وطلبت من أحد معارفها وهو الجنرال طاهر مقراني التدخل لاسترجاع الجواز ومن خلاله تعرفت علي الجنرال زين العابدين وكان وقتها مدير الأمن والذي وقع في غرامها وتزوجها وبدأ صعودها، وبعدما قام بن علي بالانقلاب علي بورقيبة وتولي الرئاسة صارت السيدة الأولي وحاكمة قصر قرطاج وذاع استغلال نفوذها، وتفشي الفساد وكون المقربون من النظام ثروات طائلة.. واستحوذ أقارب ليلي الطرابلسي علي شركة قرطاج للطيران ومجالات الاقتصاد التونسي. وصارت الكوافيرة تمتلك حسابات سرية بالمليارات في بنوك فرنسية والشقق الفاخرة بأرقي أحياء باريس وعددا من الفيلات في الكوت دازور.. وقد رأيت البناية الكبيرة التي يملكها بن علي في باريس وثمنها 37 مليون يورو.. وكما سمعت من المعارضين التونسيين: أن الرئيس المخلوع بن علي فضل الهرب مع زوجته ليلي الطرابلسي واللجوء إلي السعودية حتي لا يتعرض للمحاكمة والسجن.. واتهمت المعارضة التونسية ليلي بن علي بأن سلطاتها كانت تفوق سلطة رئيس الوزراء حيث كانت تقوم بإقالة الوزراء وتعيين السفراء وضربت شبكة الطرابلسي خيوطا عنكبوتية علي جميع القطاعات في تونس. ولذا يطلقون عليها »السيئة الأولي«! وهكذا كانت اللعنة في مصر وتكاد تكون الصورة متشابهة وكان للسيدة سوزان ثابت الوزراء التابعون لها مثل الثقافة والاعلام! شباب الفيس بوك الأربعاء: شاهدت في باريس شريطا تليفزيونيا وثائقيا باللغة الانجليزية- في إحدي الفضائيات- عن مجموعات »شباب الفيس بوك« في مصر قبل الثورة: وكيف يتواصلون سرا؟ وأين يلتقون؟ وكيف كانوا يتبادلون المعلومات والرسائل عبر الانترنت بين خلاياهم تحت وطأة المراقبة الأمنية من جهات مباحث أمن الدولة؟ ويوضح الشريط أنهم مجموعات صغيرة من الشباب الذين أطلقوا علي أنفسهم أسماء مختلفة، وليس لهم مقر ثابت، وإنما يتنقلون باستمرار بين الشقق التي يستأجرونها في مساكن شعبية وفي مناطق مزدحمة حتي لا يسهل مراقبة تحركاتهم واجتماعاتهم.. ولاحظت أنهم يزودون تلك المقار بأجهزة كمبيوتر حديثة وتليفونات محمولة، ويحضرون فرادي حتي لا يثيروا الشبهات، وبينما يقوم واحد باستئجار الشقة يتردد الآخرون عليه كزوار وزملاء في الجامعة أو العمل.. واحد منهم تزوج من زميلته ويقيمان في شقة متواضعة في أحد الأحياء الشعبية، وكانت الأجهزة الأمنية قد اعتقلت هذا الشاب بعد اشتراكه في مظاهرات الاحتجاج وبقيت زوجته وحيدة- وهي تربي القطط في مسكنها وتواصل نشاطها عبر الفيس بوك! وبعد الإفراج عنه وعودته إلي بيته احتفلت المجموعة من شباب »الفيس بوك« بعيد ميلاده، واحضروا التورتة وأطفأوا الشموع! وانهمكوا بعد ذلك في الاتصال بزملائهم عبر المحمول ويبعثون برسائلهم من خلال الانترنت! وكما يستعرض الشريط التليفزيوني: أنهم يجتمعون مثل الخلايا السرية ويتبادلون الأفكار حول الأوضاع القائمة في مصر وكيفية تنظيم المظاهرات الاحتجاجية بين الحين والآخر للضغط علي النظام وإرباكه، وكيفية ضم أعضاء جدد من شباب الجامعات.. وقد تساءل المذيع: من أين ينفقون؟ وقالت العضوة النشطة إن أبويها يعملان في دولة عربية ويرسلان لها مصروفاتها لإكمال دراستها الجامعية، وكذلك أموال زملائها الذين يشتغلون بأعمال صغيرة لتدبير معيشتهم ونشاطهم.. وكلهم من الشباب الذين يؤمنون برسالة التغيير ولا يخشون الاعتقال في ظل حالة الطوارئ ويرفضون سياسات النظام القائم، ورغم صعوبة حياتهم فإنهم ناشطون متحمسون ويرفضون الاستسلام للأمر الواقع..! وما لفت انتباهي أن هذا الشريط الوثائقي تم تصويره بتاريخ 7002 ولم تتم إذاعته في القناة الفضائية إلا بعد الثورة، أي أنهم ظلوا يمارسون نشاطهم سرا، وبعيدا عن المراقبة لمدة أربع سنوات ويتواصلون مع الدكتور البرادعي! شقق الكبار في باريس الأحد: عرفت أن وزراء ومسئولين كبارا ورجال أعمال مصريين كانوا يقبلون علي شراء شقق ومساكن فاخرة في باريس في الفترة السابقة للثورة عندما ساءت الأحوال في مصر ورغم ان ثمنها بملايين اليوروهات.. كما قاموا بتحويل أرصدة كبيرة من أموالهم إلي البنوك الفرنسية، ولم يكن خافيا أنهم يعدون أنفسهم للهروب والإقامة في الخارج.. وقد اصطحبني أحد العاملين بالسفارة المصرية في جولة بسيارته في الأحياء الراقية التي توجد بها هذه المساكن- وبدون ذكر اسماء- اشتري رئيس وزراء سابق شقة فاخرة في بناية يابانية شاهقة بالقرب من مستشفي بومبيدو وتقدر بالملايين.. وشاهدت في »أفينيو فوش« أغلي أحياء باريس شقة ابن مسئول كبير سابق في الحزب الوطني وبينما هناك شقة أخري لأبيه بالقرب من الشانزليزيه، ورغم ذلك تقيم زوجته بالشهور في فندق كونكورد لافاييت الكبير أثناء علاجها علي نفقة الدولة.. ووصلت في جولتي إلي الشقة التي يقيم فيها شقيق زوجة الرئيس السابق والتي اشتراها من عمولات الطيران التي يحصل عليها.. وكذلك اشتري أمين عام مجلس الشعب شقة بحوالي مليون يورو مؤخرا.. وهناك مساكن رجال الأعمال الكبار الذين يترددون علي باريس لعقد الصفقات المشبوهة والتي يستضيفون فيها الوزراء والمسئولين..! وأخبرني أحد الدبلوماسيين من موظفي السفارة: لا يمكن تصور حجم الإسراف والبذخ الذي كانت تتكلفه بالملايين رحلات مبارك المتكررة إلي باريس وخصوصا في الفترة الأخيرة من حكمه وبحجة المباحثات مع الرئيس ساركوزي، ومصاريف السكرتارية والحراسة الخاصة التي كانت ترافقه وتقيم في أفخم الفنادق، وبينما كانت السيدة سوزان ثابت تصطحب معها حاشية من الوصيفات لخدمتها بخلاف السكرتارية الخاصة بها وكذا الحال بالنسبة لجمال مبارك وباقي الأسرة الحاكمة.. وبالإضافة إلي المشتريات من الملابس والأحذية والهدايا من أكبر محلات الموضة الباريسية، وحينما تذهب السيدة سوزان إليها بعد انتهاء ساعات البيع كانوا يفتحون أبوابها خصيصا للسيدة الأولي.. وبينما كان هناك العديد من المرضي المصريين الذين يعجزون عن استكمال العلاج- في حالات السرطان والكبد- لأنهم ذهبوا علي نفقتهم الخاصة ولا يستطيع المكتب الطبي المصري التكفل بذلك ويضطرون إلي العودة!