شمال مدينة الاقصر، يوجد »معبد الكرنك» أعظم المعابد التي شُيدت في تاريخ مصر القديم، ولا يزال ما تبقي من اطلاله شاهدًا علي إبداعات حضارتنا القديمة،وتخضع معابده حاليا لواحدة من أكبر عمليات الترميم ينفذها خبراء»المركز الفرنسي للدراسات والأبحاث الآثرية»، بالتعاون مع إدارة ترميم الآثار بالمعبد، بداخل أروقة المعبد الخاص ب»الأخ منو»- صالة الإحتفالات- الذي كانت تُقام به الطقوس الملكية المُقترنة بمراسم عبادة»آمون»،ويلفت الآثري الطيب جابر أحمد، مفتش آثار معابد الكرنك إلي أن هذا المعبد كان قد تم ترميمه في الستينات من القرن الماضي، وإستخدم فيها الطوب الأحمر والأسمنت الأسود، مما جعلها غير مناسبة تماماً مع لون المعبد، ويتم حاليا تطبيق أسلوب ترميم علمي حديث يتماشي مع لون الأثر. ويوضح الطيب أن خطة أعمال الترميم في معبد الأقصر صاحب لقب »قصر ملايين السنين» تتم من خلال التسجيل بالصور الفوتوغرافية علي برامج الفوتوشوب، وإزالة طبقة الأسمنت التي تم بها الترميم القديم، وتقوية الأجزاء الضعيفة بالأعمدة والأسقف، والبدء في عملية تثبيت النقوش الجدارية، بإستخدام مواد حديثة آمنة يقوم بها خبراء متخصصون سواء من إدارة الترميم المصرية أو من الجانب الفرنسي، لحماية وصيانة الآثر،ومشيرا إلي أنه قد تم الإنتهاء من قرابة نصف الأعمال وجاري إستكمال عمليات الترميم للإنتهاء منها تمهيداً لإفتتاحه للزيارة. وتعتبر معابد الكرنك بمثابة سجل حافل للتاريخ، إبتداء من عصر»الدوله الوسطي»و حتي حُكم»البطالمه» لمصر،حيث قام ملوكها بتشييد المقاصير، والبوابات في حرم»الكرنك»، وتقدم صورة واضحة لتاريخ مصر في قوته وازدهاره علي مدار حقبة من الزمن تصل إلي ألفي عام، وتعتبر من أكبر وأعظم ماتم بناؤه من صروح ضخمه خُصصت للعبادة في تاريخ العالم كله،ورغم مساحته الكبيرة التي يشغلها حاليا،إلا أن هناك أجزاء كثيرة من معابد قد اختفت أو تم هدمها،ولاتزال الصروح العشرة لمعبد»آمون رع» بالكرنك، مليئة بأعداد كبيرة من القطع الحجرية التي أستعملت كحشو لها،ومن بين تلك الصروح ستة علي محور شرق غرب، وأربعة علي محور شمال جنوب.. بالإضافة إلي معبد»رعمسيس الثالث»، وحديقة»آمون»، وحجرة الأجداد، والبُحيرة المقدسة، والمتحف المفتوح الذي يضم مقاصير:»سنوسرت الأول، وأمنحتب الأول، وحتشبسوت وتحتمس الرابع، ومجموعة تماثيل للإلهة سخمت، وعناصر معمارية أخري»، كما تقف مسلتان شامختان في معبد الكرنك، إحداهما للملكة حتشبسوت، والأخري للملك تحتمس الأول، بالإضافة إلي أجزاء مكسورة من مسلة»حتشبسوت». ويلفت د. الطيب الي ان صالة احتفالات في اورقة معبد »الأخ منو» قد شيدها الملك»تحتمس الثالث»، في العام الثالث والعشرين من حكمه، ويتقدمها تمثالين له، وكان مدخله يقع في الطرف الشرقي لممر موكب الطواف المُحاذي للضلع الجنوبي لمعبد»آمون»، وإلي الغرب تمتد قاعة كبيرة معروفة بإسم»حرت إيب»، تحتوي علي»32» إسطوانأً علي هيئة»خيمة»، لاتزال نقوشها البارزة تحتفظ بقدر كبير من ألوانها المتعددة الزاهية، تؤدي شمالاً إلي قاعة خاصة بعبادة الشمس، وفي الوسط لمقصورة»آمون».. كما تؤدي جنوباً لقاعات كانت مخصصة لعالم الاله»سوكريس»الجهنمي، وفي الناحية الشمالية يوجد ممر مائل يتيح الصعود فوق السطح حيث كانت تُقام طقوس خاصة بالعقيدة»الهيوبوليتانية».. كما نجد في مؤخرة مقصورة»آمون» مجموعة من قاعات معروفة بإسم»حديقة النباتات» نظراً لنقوشها الطريفة التي تتكون من حيوانات ونباتات غير مألوفة، ويوضح د. الطيب انه منذ إعتلاء الملك»تحتمس الثالث» عرش البلاد عرفت»الأخ منو» باسم قصر ملايين السنيين أي إقامة الطقوس الملكية المُقترنة بمراسم عبادة »آمون» وهذا مايؤكد تصوير تماثيل إبتهالية للعديد من الملوك داخل»حجرة الأجداد»، ويواصل: وخلال العصر المسيحي تحولت لكنيسة تُمارس بها الطقوس الكَنَسيِة هرباً من الإضطهاد إبان عصر»الرومان» في تلك الفترة، حيث تم تقسيم صالة»حرت إيب»، بفواصل خشبية وتحويل جزء شمالي منها لكنيسة نجد أيضاً عليها مجموعة من الرسومات الدينية القبطية والهالات المسيحية، بالإضافة إلي 3 تماثيل علي شكل»ثالوث طيبة المقدس»، بالجانب الشمالي للصالة، ويضيف الطيب صالة حرت إيب بأنها نموذج معماريا مختلفا وفريدا لإستخدام أعمدة مستطيلة الشكل- آي»أوتاد الخيمة»، بينما المثال الوحيد الآخر المعروف يوجد في مقبرة» أمنمحات- سورر» في جبانة طيبة.