كلمة الرئيس السيسي بمناسبة ذكرى ثورة 30 يونيو    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأحد 30 يونيو 2024    حسام هيبة: حزمة إصلاحات استراتيجية لتحول مصر لمركز إقليمي للاستثمارات    تحذيرات من هطول أمطار غزيرة على نيودلهي    إحصائية مميزة للأرجنتين في بطولة كوبا أمريكا 2024    نتائج أولية.. الغزواني يتصدر نتائج الانتخابات الرئاسية في موريتانيا    ظهور نتائج البكالوريا 2024 سوريا حسب الاسم ورقم الاكتتاب عبر موقع وزارة التربية السورية    ميتا تبدأ اختبار برامج المحادثة الآلية التي يطورها المستخدمون عبر استديو ميتا أيه آي على إنستجرام    محمد رمضان يكشف عن عمل سينمائي جديد مع سعد لمجرد    قناة MBC مصر تحصد 4 جوائز في المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون    الجيش الإسرائيلي: سلاح الجو ضرب البنية التحتية والهيكل العسكري لحزب الله في جنوب لبنان    30 يونيو.. الرائد محمود منير سيرة عطرة لرجال الشرطة الشهداء    بعد تراجعها.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الأحد 30 يونيو 2024    منتخب الأرجنتين ينتظر الإكوادور أو المكسيك لمواجهة أحدهما في ربع نهائي كوبا أمريكا    درجات الحرارة اليوم الأحد 30-6-2024 فى مصر    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأحد 30 يونيو    «زي النهارده».. ثورة 30 يونيو تطيح بحكم الإخوان 30 يونيو 2013    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 بعد آخر ارتفاع الأحد 30 يونيو 2024    شاهد محمد أبو تريكة يصنع الحدث في مواقع التواصل بعد احداث مباراة المانيا والدنمارك ... خالد منتصر يسخر من تصريحات محمد أبو تريكة    ياسر أيوب: اتحاد الكرة يعاني من تهديد الأهلي والزمالك في قرارات الانسحاب    إعادة ضخ المياه إلى منطقة الدقى وإستئناف تسيير حركة السيارات (تفاصيل)    هشام يكن: الزمالك أخطأ لخوضه مباراة سيراميكا كليوباترا    رهينة إسرائيلية مطلق سراحها: هل يمكننا أن نتعلم الحب وليس الكره    مدحت صالح يطرب جمهور الأوبرا بأروع أغانيه على المسرح الكبير    نجوم العالم العربي يطلوّن في البرنامج الجديد «بيت السعد»    محمد كمونة: هدف الاتحاد السكندري صحيح 100%.. وعلينا تعيين حكام خبرة على تقنية ال VAR    "أبو الغيط": مبارك رفض التصدي للاتصالات الأمريكية مع الإخوان لهذا السبب    تفاصيل جديدة عن زواج نجوى كرم    هل يجوز التهنئة برأس السنة الهجرية.. الإفتاء توضح    الصحة: مرضى الاكتئاب أكثر عرضة للإصابة بالسرطان    ملف يلا كورة.. مصير الشناوي.. انتصار الزمالك.. ونهاية مشوار موديست مع الأهلي    «السيستم عطلان».. رابطة مصنعي السيارات تكشف أسباب تكدس العربيات في الموانئ    وزير خارجية اليمن: هجمات الحوثيين هدفها كسب تأييد شعبي والهروب من مشكلاتها    7 معلومات عن الأميرة للا لطيفة.. حزن في المغرب بعد رحيل «أم الأمراء»    أسعار ومواصفات بيجو 2008 موديل 2024    حظك اليوم برج القوس الأحد 30-6-2024 مهنيا وعاطفيا    عصام عبد الفتاح يكشف فضيحة تلاعب كلاتنبرج بالخطوط لصالح الأهلي    ما هي أول صلاة صلاها الرسول؟.. الظهر أم العصر    من هو أول من وضع التقويم الهجري؟ ولماذا ظهر بعد وفاة الرسول؟    عاجل.. لطلاب الثانوية العامة.. الأسئلة المتوقعة في امتحان الإنجليزي    عاجل.. فيروس "حمى النيل" يهدد جنود الاحتلال الإسرائيلي.. وحالة من الرعب    اعرف وزن وطول طفلك المثالي حسب السن أو العمر    متحدث التعليم: شكلنا لجنة للوقوف على شكوى امتحان الفيزياء والتقرير في صالح الطلاب    عمرو أديب: مستقبل وطن يمتلك كوادر تنظيمية تستطيع تخفيف الأزمة الاقتصادية| فيديو    حكم الشرع في الصلاة داخل المساجد التي بها أضرحة.. الإفتاء تجيب    حقيقة تأجيل الضمان الاجتماعي المطور لشهر يوليو 1445    "طعنة بالصدر".. ننشر صورة المتهم بقتل سباك الوراق بسبب المخدرات    الإجازات تلاحق الموظفين.. 10 أيام عطلة رسمية في شهر يوليو بعد ثورة 30 يونيو (تفاصيل)    5 علامات تدل على خلل الهرمونات بعد الحمل.. لاتتجاهليهم    مصطفى بكري: إعلان تشكيل الحكومة الجديدة 3 يوليو    يورو 2024 - مدرب جورجيا: مؤخرا كرة القدم كانت مثل كرة تنس طاولة بين رونالدو وميسي    رئيس لجنة الصناعة ب«الشيوخ»: 30 يونيو ثورة شعب ضد قوى التطرف والتخلف استجاب لها قائد عظيم لتحقيق طموحات الشعب    أستاذ علوم سياسية: الدول المنادية بحقوق الإنسان لم تقم بدور مهم حول غزة    بالتزامن مع بداية امتحاناتها.. 14 معلومة عن برامج الماجستير والدكتوراة المهنية بجامعة الأقصر    «الزنداني»: هجمات الحوثيين في البحر الأحمر هدفها كسب تأييد شعبي    إصابة 4 أشخاص بينهم طفل بلدغات سامة في الوادي الجديد    رمضان عبد المعز: الصلاة على النبى تنصرك على آلام وأحزان ومصاعب الدنيا    مجلس جامعة الأزهر يهنئ الرئيس السيسي بالذكرى ال 11 لثورة 30 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
نشر في الأخبار يوم 01 - 03 - 2017

من الضروري » أن يتخلي الغربُ عن سوء الظن المسبق لديه ضد الحضارة الإسلامية
تحل السيدة أنجيلا ميركل مستشارة ألمانيا ضيفة بمصر، وإذا كان السادات قد قال إن 99% من أوراق الحل في يد أمريكا، فإنني أري أن الدولة القادرة علي حل القضية الفلسطينية هي ألمانيا بجانب أمريكا، فقد كان للألمان تاريخ طويل مع إسرائيل من الممكن توظيفه في الحل، كما أننا لا ننسي المبادرة الألمانية القديمة لحل الصراع العربي الإسرائيلي التي طرحها السيد فيشر وزير خارجية ألمانيا الأسبق - قبل عدة أعوام - التي جاءت تكفيراً عن غياب الدور الألماني في الشرق الأوسط، واستعادة دور ألمانيا بعد هدم جدار برلين والتخلص من تبعات قيود الحرب العالمية الثانية، جاءت تتمة لوثيقة برلين 1999 التي دعت إلي قيام دولة فلسطينية مستقلة، ولا ننسي دور ألمانيا في الوساطة بين حزب الله وإسرائيل، فهي الآن تقود الاتحاد الأوربي وهذا يجعلها قادرة علي أن تقوم بدور فعّال في المنطقة.
الاستشراق والاستغراب
أري أن العلاقة بين الحضارتين العربية والألمانية واقعة تحت تأثير إشكاليات متعددة؛ منها:
إشكالية الاستشراق والاستغراب إذ يعد الاستشراق الألماني من أهم الاستشراقات في العالم فقد انتهج الاستشراق الألماني في معظمه منهجاً علمياً غايته البحث العلمي الذي يقود أحياناً للحقيقة بينما غاب الاستغراب تماماً، وأسهم المستشرقون الألمان في حفظ المخطوطات العربية والإسلامية وتصنيفها وتحقيقها لكن عدم فهمِ المصطلحات أنتج عدمَ فهمِ الظروف التاريخية إذ أن معظم المستشرقين الألمان الذين كانوا أكثر تسامحاً مع العرب والمسلمين وفهماً لقضاياهم دخلوا في تحقيق التراث وهذا جانب محمود لهم، بيد أنهم تركوا القضايا المعاصرة لإعلاميين لم يقرأوا عن العرب والمسلمين إلا ما كُتب عن الشرق المتخَيَّل ككتابات كارل ماي الذي كتب معظم رواياته دون أن يزور بلدا عربيا واحداً وتعد رواياته من أكثر الكتب مبيعاً أو قرؤوا كتب المذاهب المتشددة ؛ وفي ظل قلة الأدب العربي المترجم إلي الألمانية مازال الغرب يجهل الشرق ونسوا القصة الطريفة التي أوردها الشاعر جلال الدين الرومي عن طفل جاء أمه باكيا شاكيا من أن شيئاً مجهول »‬الهوية»‬ أفزعه فنصحته الأم أن يحاوره حتي يعرف كينونته؛ وفي ظل عدم الحوار ستظل صورة الشرق المتخيَّل تُبني عليها نظريات تُرضي جمهور الغرب، وربما كان فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل 1988 عاملا نحو ترجمة أعمال عربية إلي الألمانية.
وقد عبر السيد مانفريد أوستن الأمين العام لمؤسسة همبولت Humboldt في حديثه لمجلة Deutschland ، عن قلقه لتجاهل الغرب للحضارات الأخري منادياً بضرورة »‬أن نتعلم كيف نفهم بشكل أفضل لغة الحوار مع الأمم الأخري؛ لكن قدرتنا علي الحوار لن تزداد إلا إذا بدأنا بتعلم لغات الأمم الأخري بصورة مكثفة. ولهذا نحتاج إلي سياسة ثقافية تقوم علي فهم طبائع الشعوب بحيث نصبح قادرين علي التعامل مع خصائصها المتميزة في التفكير والشعور؛ لقد خبرتُ خلال إقامتي في شرق آسيا أن الناس هناك طوروا نوعاً من الاعتداد بالنفس يقوم أساساً علي أنهم لن يقبلوا حضارتنا علي المدي الطويل إلا إذا كنا نحن بدورنا مستعدين للاهتمام بحضارات تلك الأمم الحضارية وبطبائعها اهتماماً جاداً وعميقا».
توظيف التديّن سياسياً
كلا الطرفين العربي والألماني لديه مجموعات متشددة دينيا وحزبيا وعنصريا أيضا؛ وقد تم ربط الإرهاب بالإسلام في الإعلام وإذا كان معظم العرب مسلمين فقد صار العربي إرهابيا وهذا أنتج عدم التسامح الذي أذكته كتب دينية تُرجمت من المصادر الفقهية الإسلامية المتشددة في عدائها للغرب حيث كُتب معظمها في فترة الحروب الصليبية، ونسي القارئ أن هنالك عدة مذاهب إسلامية متعددة متسامحة تحترم الآخر، لكنْ وُضِع الإسلام في بوتقة واحدة واكتفي باحثوهم بالإشارة إلي أن معظم بؤر الصراع في العالم أحد طرفيها - علي الأقل - مسلم. وفي المقابل فقد نظر العربُ إلي أمريكا وأوربا علي أنهم »‬الغرب» وضاعت رؤية الفوارق بين أوربا وأمريكا في ظل التوافق بين السياسات تقريباً وعضوية الناتو ووحدة الدين أيضاً. ومما زاد من عدم التسامح وتقبّل الآخر هيمنة قوي ألمانية في العقود الأخيرة علي بعض أجهزة الإعلام الألماني التي لا تود للتقارب العربي الألماني أن ينمو ويتطور، لذا عملت علي توسيع دائرة الخلاف بين الطرفين؛ كما كان لعدم وضوح المصطلحات لدي الطرفين عامل كبير في توسيع هذه الهوّة فصار تباين الرؤي واضحا حول مفاهيم : الإسلام، الجهاد، الإرهاب بحيث بقي كل طرف مؤمناً بامتلاكه الحقيقة المطلقة دون الطرف الآخر. فما الذي يجعل مجموعات ألمانية تذهب إلي أفغانستان؟ ولماذا تُحرق بيوت إسلامية بعوائلها في ألمانيا ؟ وغير ذلك من أسئلة يطرحها المسلمون.
أَنَّماري شِيمل
نسي الغربُ ما ذكرته المستشرقة الراحلة أنّيماري شيمل Annemarie Schimmel في خطابها بفرانكفورت عند استلامها لجائزة السلام : »‬لقد أخذ الغربُ عن العرب أساسيات العلوم الطبيعية خلال القرون التي حكم فيها العرب بلاد الأندلس؛ وإنَّ كتب الطب مثل كتب الرازي وابن سينا كانت تعدّ في أوربا حتي بداية القرن الحديث أعمالاً أساسية. وقد أثمرت كتب ابن رشد عن مناقشات وحوارات دينية وأشارت للغرب نحو طريق التنوير» وما أكدته في كلمتها الافتتاحية بمؤتمر المستشرقين الألمان في بمدينة Leipzig وكنتُ أحد المشاركين به أن من الضروري »‬ أن يتخلي الغربُ عن سوء الظن المسبق لديه ضد الحضارة الإسلامية وأنه من الخطر تعميم الأحكام بشكل سطحي؛ فالإسلام أوسع من أن تستطيع أن تصف شخصاً في 5 دقائق، وأن نِصْف الخطأ أسوأ من الخطأ الكامل. إن الحقيقة تنعكس بأشكال كثيرة »‬الماء يكتسب لون الكأس».
عُقدة الذنب وعُقدة الاضطهاد
حتي نفهم الألمان فلابدّ أن نفهم إشكالية عقدة الذنب لدي الألمان تجاه إسرائيل وعقدة الاضطهاد الغربي للعرب، حيث كانت ألمانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية منشغلة بإعادة التعمير واندماجها اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً بالغرب لكنها حاولت منذ حكومة فيلي برانت إرساء سياسة التوازن أو التعامل العادل التي حاول السيد هانز ديتريش جينشر وزير خارجية ألمانيا الأسبق انتهاجها لكنها تعثرت بسبب تنامي التبعية الألمانية لأمريكا فلم نجد سياسة خارجية مقنعة تجاه الشرق الأوسط بل تحولت سياسة التوازن إلي العلاقة الخاصة مع إسرائيل، وإن كانت لم تشكل »‬ مجرد علاقة خاصة» وإن كانت هذه العلاقة علي حد قول فريدمان بوتنر »‬لم تدخل مجال اختصاص خبراء السياسة الخارجية بل كانت جزءاً لا يتجزأ من السلة الداخلية الألمانية »‬ ولقد هُدم جدار برلين لكن السياسة الخارجية لم تهَدم أسوارها بعد.
وفي ظل محاولة قراءة الماضي وتحمل تبعاته وقفت ألمانيا مواقف لم تنسجم مع الدور المنشود لها من قِبَل العرب، فقد دفعت المليارات من الماركات واليورات لإسرائيل تكفيراً عن ذنوبها لكن الذي لم يعد مقبولا هو التمادي في تحميل الأجيال القادمة هذا الذنب وتوريثه من بعد ولعل الحملة التي قامت ضد مارتن فالزر ليست بعيدة عن أذهاننا، كما أن هذه السياسة لم تُرض الطرفين فقد استمرأت إسرائيل المطالبة بالمزيد من المليارات والأسلحة والطقوس التكفيرية وفي اللحظة ذاتها يذكر رئيس الرابطة اليهودية بألمانيا »‬إنني ألماني لكنني غريب» ويوصي بدفنه في إسرائيل مخافة أن ينبش النازيون الجدد قبره - علي حد زعمه. ولم يرضَ العربُ بغياب واضح لألمانيا عن قضاياهم وقد بدت سياسة السيد / أوسكا فيشر وزير الخارجية الألمانية السابق طريقا نحو سداد هذا الفراغ فقد زار المنطقة أربع مرات وقد توافقت زيارته قبل الأخيرة للمنطقة بعد مذابح بيت لحم وقرية ريما محاولا إيقاف هذه المجازر وإن كانت علي استحياء؛ كما جاءت زيارته الأخيرة قبل سنوات قبيل اجتياح إسرائيل لمناطق السلطة الفلسطينية وما حدث من أهوال شبهها الأديب البرتغالي جوزيه ساراماجو - في أثناء زيارته لإسرائيل وفلسطين - بمعسكر أوشفتز النازي، ولعل هذا يحرك سواكن الألمان والعالم ! فهل ستحيي زيارة السيدة ميركل مبادرة فيشر لحل الصراع والتي تقوم علي انسحاب القوات الإسرائيلية من مناطق السلطة وتفكيك المستوطنات الإسرائيلية فيها أو أن ما جري في العالم العربي من تفكيك وصراع يجعل أمر هذه المبادرة نسيا منسيا؟.
النملة والأسد
جاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر لتهز العالم كله، إننا جميعاً ضد قتل الأبرياء، ومن العجب أن العالم ضد قتل المدنيين ومع قتل الجنود، فلماذا لم نجد إدانة واضحة من الأمم المتحدة ومجلس الأمن والبرلمانات العالمية لقتل الجنود المصريين بسيناء سواء أكانوا من الشرطة أم من الجيش المصري؟! لكن مجيء الثورات العربية وانقسام الفلسطينيين أضعف القضية الفلسطينية وجعلها في هوامش الاهتمام السياسي والإعلامي، ولكننا يجب أن نشجع الأصوات العادلة مثل المستشرق أودو اشتاينباخ الذي صرخ بمدينة العين في مؤتمر أعددتُه والزملاء بجامعة الإمارات العربية »‬ما حدث في الحادي عشر من سبتمبر يفرض علينا أن نفكر لماذا حدث، وأين الخطأ تحديدا؟ّ» ويمضي مطالباً »‬بإعادة النظر في علاقة أوربا بأمريكا وعلاقة أوربا بالإسلام» وإذا كان اشتاينباخ يدعو إلي إعادة النظر في علاقة أوربا بالإسلام فإنني أري أن مفتاح هذه العلاقة يكمن في حل جوهر الصراع العربي الإسرائيلي، وما لم تُحل قضية فلسطين حلاً عادلاً فستتسع هوة الخلاف بين العرب والغرب الأمريكي وتابعيه، ولن تكون أوربا بمأمن منه فما حدث في نيويورك وواشنطن يحدث في أية عاصمة أوربية أو غير أوربية. من الممكن لنملة أن تقض مضجع الأسد وأن تصيبه بالجنون؛ لكن قطيعاً من الأسود لن يقدر علي قتل نملة واحدة.
الدور الثقافي
لقد أنتج لنا تلاقح الحضارات ثنائية جوته Goethe ومحمد إقبال كما كان للأدب الألماني القديم تأثير في الأدب العربي الحديث، ففاوست جوته مثلا حوكيت في أكثر من عشرين عملا وتُرجمت أكثر من ثماني ترجمات للعربية، ومسرحيات بريخت نالت شهرة كبيرة في العالم العربي وعُرضت عشرات المرات وتأثر المسرح العربي بها أيما تأثير بينما لا نجد للأدب الألماني المعاصر تأثيرا قويا في الأدب العربي المعاصر والعكس من الممكن أن يُقال أيضاً، لقد كان حضور الفلسفة الألمانية قويا في الفلسفة العربية وكذلك العكس وإن جمهوراً كبيرا من العرب من عشاق الموسيقي الكلاسيكية الألمانية، لعل هذا يجعلنا نفكر معا نحو مستقبل لغتينا وأدبينا وعالمنا وحاجتنا إلي الحوار والفهم والتقارب.
مع الرئيس الألماني
شرفتُ بمقابلة الرئيس الألماني السابق بقصر الرئاسة الألمانية مرتين بدعوة من سيادته بعد حصولي علي منحة همبولت Humboldt العالمية، وهي أعلي جائزة ألمانية عالمية تُمنح للعلماء ويطلقون عليها نوبل أورُبَّا، وفي كل مرة كان يبدي احترامه وتقديره لمصر، وتطلَّعه الدائم لزيارة مصر والتمتع بمشاهدة شعبها ومعابدها، ولفت نظري أنه قدّم شعبها علي معابدها وأهراماتها، وتحدث عن جمال مصر في المخيَّلة الأوربية، وكيف أنه درس التاريخ المصري في المناهج التدريسية، وأنه يتوق لزيارة مصر. وهذا ما لمسته من تقدير واحترام لمصر من قِبل السيد يوليوس لوي، سفير ألمانيا بالقاهرة في غداء عمل بعوامة بالنيل بقنا عندما زار الصعيد الشهر الماضي، وكيف أنه مستمتع بالإقامة بمصر وبشعبها وبحضارتها.
ويبدو أن شغف الألمان بمصر عظيم، فقد صرح وزير ألمانيا الأسبق ومهندس الوحدة الألمانية هانز ديتريش جنشر لأهم صحيفة ألمانية »‬إنني أعيش في زقاق المدق» إشارة إلي أنه كان يقرأ رواية نجيب محفوظ »‬زقاق المدق» التي تُرجمت إلي الألمانية، وهناك حضور قوي لروايات جمال الغيطاني وأشعار محمود درويش، وقد تركنا ترجمة أدبنا العربي لهم فقط دون أن يكون للجامعة العربية أي دور في ترجمة الأدب العربي إلي اللغات الحية، ولو فعلت ذلك لكان لها دور مشهود.
جونتر جراس: لن أظل صامتا
أثارت قصيدة الأديب الألماني الراحل Guenter Grass جونتر جراس الحاصل علي جائزة نوبل 1999 كثيرا من العواصف؛ منذ نشرها في أبريل 2012 لأنها ألقت أحجارا في الكلام المسكوت عنه؛ وابتدأ الإعلام الغربي يناقش القصيدة من منطلق المضمون السياسي ونسي هؤلاء حرية المبدع والإبداع.
يبدأ قصيدته:
»‬لماذا أنا صامتٌ،
ولماذا صمتُّ كثيرا كثيرا
عما هو واضح،
عما يمارس كألعاب تماثل الواقع
وفي نهايتها نكونُ نحن الناجين»...
ثم يمضي
»‬ولكن لماذا أمنع نفسي من تسمية ذلك البلد الآخر
الذي يمتلك منذ سنوات، ولكن في سرية، قدرات نووية تتزايد
لكنها خارج نطاق المراقبة؛ لأنه لا يُسمح لأحد بإجراء تفتيش عليها؟
... أنا لن أظل صامتا لأنني سئمت النفاق الغربي»
جوته والتأرجح بين العالميْن
»‬مَن يعرف نفسه وغيره، سيعرف هنا أيضاً أن الشرق والغرب لن يفترقا أبداً، وأتمني أن أتأرجح بفكر متفتح بين هذين العالميْن، فالتّحرك بين الشرق والغرب هو الأفضل».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.