اذا كان اختيار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لجيمس ماتيس وزيرا للدفاع يعطي مؤشرا علي اتجاه بوصلة السياسة الخارجية الامريكية في الشرق الاوسط، فمن المرجح ان تتبني الولاياتالمتحدة توجُه دول الخليج الساعي لإلحاق الهزيمة بتحالف جماعة الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح في اليمن. ويقول »تشارلز شميتز» الباحث بمركز دراسات الشرق الأوسط في واشنطن ان ادارة الرئيس السابق باراك اوباما كانت قد ابتعدت - جزئيا علي الاقل - عن الموقف الخليجي تجاه اليمن من خلال دفع مجلس التعاون لدول الخليج العربية وحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي تجاه التوصل إلي تسوية من خلال المفاوضات التي تتوسط فيها الأممالمتحدة. وكانت خطة وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري تتمحور حول تشكيل حكومة »وفاق وطني» في اليمن بالتزامن مع وقف التصعيد العسكري في البلاد. وترافق ذلك مع توقف واشنطن عن إمداد قوات التحالف العربي بالمزيد من الذخائر والعتاد العسكري وسحب فريق محدود من مستشاريها العسكريين الذين يساهمون في التخطيط للضربات العسكرية هناك. الخطة التي أعدها كيري تسببت في مغادرة الرئيس هادي لمقره في الرياض والعودة إلي مقر حكومته في عدن خوفا علي سلامته الشخصية. ويري الباحث الامريكي ان التطور النوعي الذي طرأ علي السياسة الامريكية مع تولي ادارة ترامب السلطة نجم عن أن الوزير ماتيس يشارك السيناتور الامريكي جون ماكين الاعتقاد بأن المشكلة الرئيسية في الشرق الاوسط هي إيران التي تمثل التيار المتشدد، وليس تنظيم »داعش» أو »القاعدة»، حيث يري الرجلان أن »داعش» يمثل تهديدا ثانويا مقارنةً بإيران. وقد انتقد وزير الدفاع الأمريكي الجديد ادارة اوباما السابقة ليس فقط بسبب اتفاق ايران النووي الذي يعتبره اتفاقا للحد من الأسلحة الاستراتيجية، وإنما للفشل في مواجهة النفوذ الايراني في المنطقة. وقد بدأ ماتيس عندما تولي منصب قائد القيادة المركزية الامريكية في عهد اوباما في الإلحاح علي ضرورة بذل جهد اكبر لاعتراض شحنات السلاح المتوجهة من ايران إلي المتمردين الحوثيين في اليمن. ويعتقد الباحث الامريكي انه من المرجح ان يتفق ماتيس مع المملكة العربية السعودية علي ان المشكلة الرئيسية في اليمن هي »النفوذ الايراني» وليس انهيار النظام السياسي هناك. ومؤخرا أحرز التحالف العربي الذي تدعمه المملكة العربية السعودية في اليمن بعض الانتصارات العسكرية، لكن لايزال من الصعب التحقق من قدرة الاستراتيجية العسكرية السعودية علي تحقيق الأمن علي المدي الطويل سواء لليمن أو للمملكة. وتواصل السعودية فرض ضغوط عسكرية علي تحالف الحوثيين وعلي عبد الله صالح من خلال فتح جبهة جديدة علي طول ساحل محافظة تعز ومواصلة القصف الجوي والمواجهة البرية في معقل الحوثيين في صعدة. كما أحرز التحالف الذي تدعمه السعودية بعض التقدم في إعادة بناء المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف العربي خاصة في جنوب اليمن. ويتم تدريب قوات محليه بمساعدة الإمارات والأردن والسعودية للحفاظ علي الامن الداخلي ضد عناصر »القاعدة» وغيرهم من الساعين لزعزعة الاستقرار في الجنوب اليمني. ويقول الباحث الأمريكي انه في الوقت الذي دشن فيه التحالف العربي مسارا نحو تحقيق الاستقرار في الجنوب اليمني وأحرز بعض التقدم في عدد قليل من الجبهات العسكرية المحدودة، غير انه لا يوجد ما يشير حتي الآن إلي ان التحالف العربي يستطيع تحقيق الاستقرار الكامل في ربوع الأراضي الخاضعة لسيطرة تحالف الحوثيين وعلي عبد الله صالح. ويبدو ان اقتراح كيري بإطلاق عملية سياسية وتشكيل حكومة »وفاق وطني» بالتوازي مع وقف الاشتباكات العسكرية لديه فرصة افضل لتحقيق استقرار فعلي في اليمن وإحلال السلام في دولة يتزايد فيها عدد النازحين واللاجئين جنبا إلي جنب مع ارتفاع معدلات سوء التغذية ووفاة الاطفال نتيجة لنقص المواد الضرورية. غير انه في ضوء وجهة نظر ماتيس الخاصة بايران، فمن المتوقع ان تعطي الولاياتالمتحدة تحت ادارة ترامب مزيدا من الدعم للاستراتيجية العسكرية السعودية ليتواصل الصراع بدون ان تلوح في الأفق بوادر أي تسوية سياسية واضحة.