أيا كانت نتيجة استفتاء الأمس فإنها لن تنهي الخلاف الذي يهلل له أعداء الثورة، والذي يهدد بانقسام القوي التي أشعلت الثورة والتي شاركت فيها، أو حتي التي التحقت بصفوفها بعد انهيار النظام السابق وتحاول الآن تصدر المشهد السياسي!! الخلاف أبعد من تعديل الدستور أو انتخاب البرلمان قبل الرئيس أو العكس، أو أن تتم الانتخابات بعد شهرين أو ثلاثة وبالرقم القومي أو فاتورة التليفون!! الخلاف الحقيقي هو هل تستمر الثورة في طريقها لتحقيق هدفها الاساسي في اقامة الدولة المدنية التي تقوم علي العدل والديمقراطية وكرامة الإنسان.. وما الخطوات التي ينبغي أن يتم التوافق عليها لتحقيق هذا الهدف وضمان عدم الانقلاب عليه؟! هذا هو جوهر الخلاف الذي ينبغي أن نواجهه جميعا بصدق وصراحة خاصة مع الظروف الاستثنائية التي مرت بها الثورة التي اشتعلت بلا قيادة موحدة، والتي ضمت في صفوفها كل تيارات العمل الوطني مع اختلاف الرؤي والأهداف، والتي احتفلت في 11 فبراير بالانتصار العظيم دون أن تتولي الحكم ودن أن تكون مهيأة لذلك!! وإذا كان انحياز القوات المسلحة للثورة هو الذي وضعها علي طريق الانتصار، فإن استلامها للسلطة كان هو الحل الذي أنقذ الوضع بعد الانهيار السريع للنظام السابق، وفي ظل فراغ أمني رهيب، وفراغ سياسي خلقه ضعف الأحزاب والتنظيمات القديمة وتشتت قوي الشباب التي أشعلت شرارة الثورة. والآن، ومع تأكيد قوات المسلحة علي إنهاء الفترة الانتقالية بسرعة، نجد أنفسنا أمام مشهد بالغ الخطورة.. فالنظام السابق مازال يقاوم بنفوذه وأمواله ومؤسساته وميليشياته و.. دستوره!! والقوي الجديدة التي أفرزتها الثورة لم تنظم صفوفها، وقوي التطرف تقول إنها ستقيم دولتها بقطع الأيدي والرؤوس!! وما رفضناه قبل مائة عام يراد فرضه علينا اليوم ليكون لدينا أحزاب للمسلمين وأخري للأقباط!! وبدلا من توحد كل قوي الثورة- بمن فيها التيار الديني المعتدل- لمواجهة الموقف، نجد أنفسنا أمام انقسام حقيقي بين من يؤمنون بضرورة استمرار الثورة التي تحقق أهدافها وتبني الدولة المدنية الحديثة بالعدل والديمقراطية، وبين من يرون أن الثورة أنجزت مهمتها، وأن السلطة طابت وحان قطافها!! وهذا هو جوهر الخلاف ومصدر الخطر.