يأتي رمضان هذ العام وقد استعاد الفانوس المصري عرشه، بعد سنوات ضاع فيها وسط الفوانيس الصينية المستوردة، وفرض التاريخ كلمته، وأقبل المصريون من جديد علي «الفانوس الصاج»، الذي أبدعه الأجداد، ونجحت الأنامل الذهبية في إعادة الروح إلي فانوس رمضان بكل أشكاله. تحولت منطقة»حي الربع» في منطقة باب الخلق، حيث توجد أشهر ورش صناعته إلي بستان كبير منير بأضواء وألوان الفانوس، وسط الأغاني الرمضانية الجميلة « حالو يا حالو» و« هاتوا الفوانيس يا ولاد « وغيرهما من الأغاني، حيث أغرق «الفانوس الصاج» السوق المصري، بأشكاله وأنواعه وأحجامه المختلفة، ويبدأ سعره من 20 جنيها ويصل إلي 2500 جنيه بحسب حجم الفانوس وشكله، فكلما كبر حجم الفانوس زاد ثمنه، مثل فوانيس البرج والمصحف والمشمشية للمطاعم والفيلات والقصور والمولات التجارية، و يتراوح سعرها ما بين 1000 جنيه و2500 جنيه. وداخل بساتين الفوانيس وجدنا الحاج محمد السني وشهرته «محمد بوسة»، وهو من أشهر صناع الفانوس في باب الخلق، وهو في حالة إرهاق شديدة، ويقول لنا: لم أتحرك من مقعدي هذا منذ يومين بسبب ضغط الشغل في موسم رمضان»، وكان يمسك بإحدي يديه، فانوسا قديما، أكله الصدأ، وفي يده الأخري مكواة لحام، وأمامه مستلزمات اللحام اللازمة لإعادة ذلك الفانوس إلي سابق تألقه القديم، ويوضح أن صناعة الفانوس الصاج صغير الحجم تستغرق منه نحو ساعتين ونحو يوم كامل للفانوس الكبير، .. ويقول: تربيت علي صنع الفانوس وتزيينه وإعادة تأهيله علي يد أبائي وأجدادي الذين أفنوا عمرهم في هذا المجال لأنهم عشقوا فن هذه المهنة وتعلموا منها الكثير ويضيف: « يكفيني النظر إلي فرحة طفل اشترت له والدته أو جدته الفانوس. ولا تكتفي ورش باب الخلق ببيع الفوانيس داخل مصر فقط، فهم يصدرونها إلي العديد من الدول العربية كالسعودية ولبنان والإمارات والكويت، ويقول الحاج محمد : تتصدر السعودية الشقيقة قائمة الدول المستوردة، ويشير «بوسة» إلي أن تجار حي الدرب الأحمر اتفقوا علي عدم التصدير إلي إحدي الدول لمواقفها المعادية لمصر، بحسب تعبيرهم ويقول :»وطننا أهم من الأرباح». ولم يسلم الفانوس من لعنة الدولار، وكما يقول حمادة صلاح 33 سنة صاحب محل لبيع الفوانيس، فقد ارتفعت أسعار الفوانيس بسبب ارتفاع تكلفة استيراد المواد الخام المستخدمة في التصنيع، ويؤكد أنه بالرغم من ذلك، لازال الفانوس الصاج والخيامية، هو الأرخص ثمنا مقارنة بالفوانيس الصيني المستوردة. ولا يختلف الأمر في المحافظات الأخري ومنها علي سبيل المثال الفيوم، حيث التقينا في شارع الورشة مع محمود عبد السلام أحد أشهر صناع الفانوس الفاطمي القديم، الذي ورث المهنة أبًا عن جد، ويقول لنا : « كنا نقوم في الخمسينيات والستينيات بتصنيع الفانوس الذي يوضع بداخله « لمبة جاز « لإضاءة الشوارع بالقري والمدن طوال العام وكان سعره 25 قرشا أما الآن وصلت قيمته إلي أكثر من 225 جنيها «، ويشير إلي أنه يتم تصنيع ما يقرب من 30 ألف فانوس صغير، ونحو 3 آلاف فانوس كبير ارتفاع 175 سم، ويأخذ عدة أشكال « الشمامة، البرميل، البرج، اللوتس، الشوبيس، البولات، النجمة، والمصحف «. محمود عمر - سارة أحمد - رضوي حسني