اسمحوا لي أن أحني رأسي لقواتنا المسلحة وهي تكشف عن أنيابها في مواجهة البلطجة وترويع أمن البلاد فلأول مرة نسمع عن عقوبة الاعدام لكل من تسول له نفسه أن يقوم بترويع أمن المواطنين وتخويفهم بالبلطجة أو إثارة الفوضي في البلاد .. لقد كنا متعطشين الي مثل هذه القرارات لاستقرار الأمن وإحساسنا بالأمان في أعقاب ثورة نجحت ولكننا لم نفهم المعني الجميل لرسالة الجيش للشعب .. فرحنا بالجيش وهو يحرس ثورتنا واستقبلنا دباباته ومدرعاته بالاحضان والتقطنا الصور التذكارية فوق أسلحته في ميدان الثوار.. ولأن قواته كانت سلمية رغم شغب الشارع .. فقد تصورنا ان قيادته اعطت التعليمات بعدم التعامل مع المتظاهرين حتي ولو كانت هناك تجاوزات .. وقد كان لنا حق في هذا المفهوم لأن من يقرأ بيانات المجلس الاعلي للقوات المسلحة يفهم منها جيداً أن القوات المسلحة أيدت حق الشعب في التظاهرات وليس في الفوضي .. أيدت حق التعبير عن الرأي وليس في التخريب.. بهذا المفهوم تعاملت القوات المسلحة مع الشارع .. وللأسف لم نفهم المعني الجميل للروح السلمية التي كان يتعامل بها أفراد القوات المسلحة مع الشارع المصري .. ومع ذلك كانت قواته تتعرض لنقد من الناس في البيوت الذين كانوا يصرخون ويلطمون الخدود علي الانفلات الامني في البلاد .. كنا ساخطين متذمرين بعد انتشار ظاهرة البلطجية الذين كانوا يوقفون الآمنين وهم في الطريق .. وتحت تهديد السلاح يسحبون منهم سياراتهم وما بحوزتهم .. لقد عانينا من حوادث الابتزاز والسطو علناً وفي وضح النهار ولم يعد أحد آمناً علي بيته وعلي اولاده. للأسف تصورنا ان الجيش سيصمت طويلاً مع ان قواته كانت تغلي في داخلها .. قياداته كظمت غيظها فتحملت ما لا يتحمله بشر من أجل نجاح اولادها الثوار.. حتي يتحقق الامن والامان لهذا البلد. لكن سرعان ما خرج هؤلاء القادة عن سياستهم وكشفوا عن العين الحمراء عندما استشعروا بأن الوطن يتعرض لخطر وهو خطر الفتنة الطائفية .. وظاهرة البلطجة وترويع أمن المواطنين .. قادة الجيش كانوا يأملون في قوات الامن ان تاخذ مكانها في الشارع المصري لأن الامن الداخلي هو شرعيتها.. أما المكان الطبيعي لقواتنا المسلحة هو تأمين حدودنا وليس تأمين الجبهة الداخلية .. صحيح أن الثورة فرضت أعباء علي قواتنا المسلحة فوق طاقتها فوجدت نفسها مسئولة عن تأمين الجبهة الداخلية في مواجهة الفوضي .. وتأمين الحدود المصرية من العدو في توقيت واحد .. ونحمد الله أن مستواهم وتدريباتهم العالية أهلتهم للقيام بهاتين المهمتين في الداخل والخارج .. لكن لكل شئ حدود .. فلا يعقل أن تستمر قواتنا المسلحة هي الحارس لجبهتنا الداخلية وعندنا جهاز أمني المفروض أن ينزل بكامل قواته الي الشارع المصري .. ليست مشكلتنا أنه انكسر أمام المواطن المصري .. لأن تجاوزاته مع المواطنين هي التي وضعته في هذا الموقف وهي التي كانت سببا في إبداء مخاوفه من التعامل مع الشارع المصري .. لا أحد يقر بأن يفقد الأمن هيبته لأن هيبة الأمن من هيبة الدولة .. فنحن نريد لرجل الأمن أن يمارس عمله في قوة ورجولة .. نحن معه ضد البلطجة .. نحن معه ضد الفوضي .. رجل الأمن له احترامه الكامل من الوطن والمواطن .. لا نريده أن يكون ضعيفاً أو متهاونا لا مع أي انفلات مروري أو انفلات أمني .. نريد منه أن يكون سنداً لنا في استغاثتنا .. - أعترف أن غياب الأمن كان سبباً في الظاهرة الجديدة التي حلت علي البلاد والتي لم تشهدها من قبل وهي ظاهرة الفتنة الطائفية التي قادها مجموعة من البلطجية ضد المسلمين والمسيحيين .. نحن نعيش في وطن واحد لا نصنف الأشخاص علي أن هذا مسلم .. وهذا مسيحي .. كلنا مصريون .. لنا رب واحد يحمينا .. وكون أن يندس بين إخواننا الأقباط من يعكر صفو العلاقات الأخوية .. يجب بتره بالاعدام .. ولذلك كان قرار المجلس الأعلي للقوات المسلحة حاسماً مع الخسة والبلطجة والاجرام ومروجي الفتنة والاشاعات .. فكون أن تظهر »العين الحمرا« بقرار الاعدام فهذا مطلب شرعي أثلج صدور المصريين .. واستحق من كل مصري أن يحني رأسه لقواتنا المسلحة لكونها تكشف عن أنيابها ضد أي انفلات .. المهم أن نشعر بالطمأنينة ويعود الانضباط .. أمن الشارع وأمن البيت المصري أمانة في رقبة المشير طنطاوي ..