علي خلاف استراتيجية مرشحي انتخابات الرئاسة الأمريكية، اختار المرشح الديمقراطي اليهودي بيرني ساندرز جواد الحقوق الفلسطينية، للرهان عليه في مارثون خلافة باراك أوباما، وفي المقابل كبح جماح التأييد الجارف لإسرائيل، وظهر تباين الموقف حول دعم الدولة العبرية مع منافسته هيلاري كلينتون، التي رأي القائمون علي حملتها الانتخابية أن إسرائيل ستكون الخلاف الجوهري مع ساندرز خلال المؤتمر الإقليمي للحزب الديمقراطي، المقرر نهاية يوليه بولاية فلادلفيا. ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مستشاري ساندرز، أن الأخير طلب تعديل بعض بنود فصل (إسرائيل والفلسطينيين) في حملته الانتخابية، وصياغته بسياسة أكثر توازناً، كما أوصي بالاعتراف الواضح بحقوق الشعب الفلسطيني، والتعهد بإرساء السلام. الأمر الذي أثار قلق المؤسسة الديمقراطية، وسخط الدوائر الداعمة لإسرائيل داخل الحزب، وزادت تلك التوجسات في أعقاب الإعلان عن أسماء الشخصيات التي عينها ساندرز لتمثيله في اللجنة المعنية بصياغة حملته الانتخابية، فمن بين الأماكن الخمسة المخصصة للمرشح الديمقراطي اليهودي في لجنة الصياغة، التي تضم 15 عضواً، حصلت 3 شخصيات علي مقاعد متقدمة، رغم ما يُعرف عن تلك الشخصيات من تحفظات عميقة سابقة علي إسرائيل وسياستها في منطقة الشرق الأوسط، لاسيما ما يتعلق منها بالفلسطينيين. وفي تعليقها حول ما رأته خطراً علي إسرائيل، نشرت صحيفة هاآرتس العبرية تقريراً، أظهرت فيه قلق اللوبي اليهودي في الولاياتالمتحدة إزاء تلك التطورات، مشيرة إلي أن أول شخصية عينها ساندرز لتمثيله في اللجنة التي يدور الحديث عنها، هي الفيلسوف الأفرو - أمريكي كورنال ويست، الذي أعرب في السابق عن دعمه لحركة مقاطعة إسرائيل المعروفة ب BDS، وإلي جانبه عين المرشح الديمقراطي في اللجنة ذاتها چيمس زوغبي، وهو محاضر وناشط في حقوق الإنسان، ومن أبرز قيادات اللوبي العربي - الأمريكي، الذي استخدم في السابق كلمة «المحرقة النازية» عند وصفه لعلاقة إسرائيل بسكان قطاع غزة. بالإضافة إلي هاتين الشخصيتين استكمل مرشح الرئاسة الديمقراطي المثير للجدل مثلث الشخصيات الأكثر إثارة، بتعيين عضو الكونجرس الأمريكي كيث أليسون، الذي يعد أول مسلم يحصل علي تلك العضوية، ورغم إعلانه في أكثر من مناسبة تأييده ودعمه لما يصفه بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لكنه في الوقت ذاته يأتي في طليعة الدوائر المناهضة لإسرائيل، ويعارض الدعم الأمريكي «الأعمي» بحسب وصفه للدولة العبرية، واعتبرت هاآرتس أن اختيار ساندرز لهذا الفريق، لايخدم فقط وجهات نظره السياسية حيال إسرائيل والفلسطينيين، وإنما يعكس أيضاً رأي نسبة كبيرة من جمهور ناخبي الحزب الديمقراطي. وقالت هاآرتس إن تلك المعطيات عكستها نتائج آخر استطلاعات الرأي، التي أجراها مركز «بيو» الأمريكي علي الناخبين الديمقراطيين الليبراليين، وأظهرت لأول مرة في التاريخ تأييداً جارفاً للفلسطينيين مقارنة بإسرائيل، إذ وصلت نسبة دعم حقوق الشعب الفلسطيني بين الناخبين الديمقراطيين من 21% عام 2014 إلي 40% حالياً، فيما انخفضت نسبة تأييد إسرائيل بين الكتلة التصويتية ذاتها من 39% خلال 2014 إلي 33% حالياً، أما ناخبو هيلاري كلينتون فيؤيدون إسرائيل بموجب استطلاع الرأي بنسبة 47% مقابل 27% للفلسطينيين. من جانبها قررت دبورا فسرمان شوليتس الأمين العام للحزب الديمقراطي السماح للمرشح ساندرز بتعيين الأسماء التي اختارها، رغم أنها خطوة هي الأولي من نوعها، في حين تحاول المؤسسة الحزبية وحملة هيلاري كلينتون إخماد صوت ساندرز وداعميه، للحيلولة دون خلق «أجواء فوضوية» في المؤتمر الإقليمي للحزب، الذي من المقرر أن تتوج فيه وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة بلقب مرشح الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الأمريكية.