المظاهرات لم تهدأ فى آيسلندا بعد انكشاف الفضيحة ركزت تسريبات فضيحة اوراق بنما الاضواء علي شركة موساك فونسيكا للخدمات القانونية والتي تتخذ من بنما مقرًا لها ومن أهم خدماتها لعملائها تأسيس وإدارة شركات وهمية Offshore Companies في جُزر ومناطق لا تخضع للقوانين الضريبية التي تفرضها الدول عادة او تبيض اموالا لتجاوز الرقابة او تمرير معاملات غير قانونية كالرشاوي وتحصل موساك فونسيكا في مقابل ذلك علي أجر سنوي. عمل الشركة الحقيقي هو إدارة الأموال التي تصلها وتحويلها من مصدرٍ إلي آخر مع إخفاء هوية مالكي الأموال الفعليين وتسجيل كافة الأوراق والمراسلات بأسماء القائمين علي إدارة الشركة. وتُعد موساك فونسيكا الشركة بطلة هذه التسريبات رابع أكبر شركة في العالم لتوفير خدمات الشركات الوهمية حيث أسست وأدارت أكثر من 300 ألف شركة، وتدير أعمالها في كل أنحاء العالم عن طريق 500 موظف يعملون في 42 دولة وفروعًا في دول توفر ملاذات ضريبية مثل سويسرا وقبرص وجزر الكاريبي والجزر البريطانية وهي اماكن تنشط فيها عمليات غسيل الأموال وإخفاء الثروات والمستفيدين منها والتهرب من الرقابة علي التربح من الوظائف الرسمية أو العلاقات بالسياسيين والشخصيات الدولية. قام بتأسيس شركة موساك فونسيكا رجلان جاءا معا من عصر عدم اليقين السياسي والاقتصادي في بنما الاول مهاجر ألماني يدعي يورجن موساك خدم والده في الجناح العسكري للحزب النازي والثاني رامون فونيسكا. ولد موساك في ألمانيا عام 1948 وانتقلت اسرته إلي بنما في الستينات حيث عرض والده التجسس لصالح المخابرات الامريكية.. كان موساك يفضل الابتعاد علنا وكان منشغلا في عمله. أما شريكه الثاني فهو البنمي رامون فونسيكا. في الوقت الذي كانت تعيش فيه بنما تحت سيطرة الجنرال مانويل نورييغا اسس الرجلان عام 1986شركة قانونية صغيرة تقوم بأعمال مصرفية للنخبة وعلي مدي العقود الثلاثة الماضية قام يورجن موساك ورامون فونسيكا بعرض خبراتهما علي عملاء من أثرياء العالم وهي خبرة تتجلي بتقديم السبل الكفيلة بحماية أموالهم من الالتهام الضريبي واستثمارها في قطاعات صناعية وتجارية وتسويقية مدرة للأرباح. وضمت قائمة عملائهما شخصيات قوية وشهيرة وأحيانا سيئة السمعة.. ففي يناير الماضي وصف مدعي عام يحقيق في الفساد المتغول في البرازيل شركة موساك بانها شركة تبييض أموال ضخمة بعد ان ارتبط اسم الشركة بالرشاوي التي تدفع للسياسيين من قبل شركات تتعامل مع شركة النفط المملوكة للدولة. ورغم ان الشركة وفرت خصوصية شديدة لعملائها. لكن عملياتها تكشفت هذا الأسبوع بعد تسرب ملايين الوثائق ساعدت علي فضح انتشار شركات وهمية وملاذات ضريبية لأغنياء العالم. دفعت رئيس وزراء أيسلندا علي الاستقالة واجراء تحقيقات جنائية في قارتين علي الأقل. وأدي التسرب أيضا إلي مزيد من التدقيق في القطاعات المالية والقانونية في بنما في الوقت كانت تحاول الحكومة تنظيف سمعتها المعروفة بكونها ملاذا للمجرمين والاموال الفاسدة. ففي فبراير تم رفع بنما من قائمة المراقبة التي تقوم بها الوكالة الدولية التي تضع معايير لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لكنها ظلت تحت المراقبة لكونها ملاذا للمتهربين من الضرائب. وقد تعهد رئيس بنما بالتعاون مع أية تحقيقات قضائية تتعلق بالمعلومات التي تم تسريبها خاصة وان احد مالكي الشركة صاحبة الفضيحة كان مستشاره السابق. وقد نفت موساك فونسيكا ارتكابها أي مخالفات وأعلن فونسيكا براءة شركته وأنه التحق بالسياسة لاصلاح سجل بلاده في مجال حقوق الإنسان. رغم أن الشركة كانت تقدم خدماتها لجميع منتهكي حقوق الإنسان سيئة السمعة مثل القذافي وموغابي والأسد وبوتين.. ومن بين الوثائق المسربة بريد إلكتروني حصل عليه الاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين اكد ان مؤسسي الشركة تعاملوا لسنوات مع عملاء من إيران رغم انها كانت مدرجة علي قائمة العقوبات الامريكية والدولية. التسريبات اثارت مخاوف القطاعات القانونية والمصرفية في بنما والتي تلعب دورا كبيرا في اقتصاد البلاد ومخاوف رجال الأعمال هناك. حيث انبرت نقابة المحامين بالدفاع عن الشركة قائلة ان التسريب يسيء إلي سمعة البلاد. المشكلة ان التسريب وضع بنما التي تعتمد بشكل كبير علي الصناعات القانونية والخدمات المالية علي حافة الخطر. وقد وضعت حركة الشفافية الدولية اجراءات للحد من هذه العمليات علي مدي العقد الماضي لكن بنما اعتادت لفترة طويلة عدم الامتثال. وفي عام 2014 وضعت مجموعة العمل المالي بنما علي قائمة الدول التي تفتقر إلي نظم الشفافية والمساءلة المالي ولكن تحركت بنما بسرعة وتم رفع اسمها من القائمة في فبراير الماضي اللافت للنظر ان صعود شركة موساك فونسيكا تزامن مع ظهور بنما كعاصمة للصناعات المصرفية عالميا. فالتدفق المتزايد لرأس المال العالمي عبر الحدود خلال السبعينات والثمانينات خلق سوقا للمحامين والمحاسبين القادرين علي ابتداع وسائل مريبة لحماية المال.. واستفادت بنما من هذه الطفرة في بداية التسعينيات واصبحت محطة للتجارة والشحن- عند تقاطع قارتين وعند التقاء المحيط الهادي والبحر الكاريبي - واصبحت من افضل الاماكن لتهريب الاموال في الخارج. وقامت السفن الدولية بوضع علم بنما علي سفنها للاستفادة من نظامها الضريبي ويقول بعض الخبراء ان نظامها مستنسخ تقريبا من ولاية ديلاوير الامريكية. وإن فونسيكا هي مجرد واحدة من الشركات لا تعد ولا تحصي في جميع أنحاء العالم التي تحمي تريليونات الدولارات وتحرم الدول من الحصول علي عائدات ضرائب سنويا تقدر بحوالي200 مليار دولار!!