امتعاض البعض في وزارة العدل من تصرفات، وتعليقات، وقرارات، الوزيرة »رشيدة داتي« لم يشكل ضغطاً عليها بشكل أو بآخر. فهي كما تبدو عادة قوية. متماسكة. واثقة في نفسها. و واثقة أكثر في »حظوتها« لدي الرئيس الفرنسي. فهي واحدة من قلة معدودة يجتمع معهم »ساركوزي« مرة في الأسبوع علي الأقل لمناقشة أهم الموضوعات والقضايا المطروحة علي الساحة الداخلية والخارجية، لتحديد المواقف وتكليف الحكومة بتنفيذ ما يقوم المجلس المصغر برئاسة »ساركوزي« بالاتفاق عليه. حصول »رشيدة داتي« علي مقعدها في هذا المجلس المصغر كان أهم بالنسبة لها من مقعدها في وزارة العدل! فهو المجلس الذي وصفه المحللون بأنه »عين« و»لسان« رئيس الجمهورية في إدارة البلاد.. مما يُكسب الأعضاء و»رشيدة« من بينهم ثقلاً، ونفوذاً، إضافيين. وسابقت أجهزة الإعلام في تضخيم قدرات المقربين جداً من الرئيس، وأذكر أن »رشيدة داتي« رشحها البعض لتولي رئاسة الحكومة بدلاً من رئيسها الحالي، بزعم أن العلاقة بينه وبين رئيس الجمهورية لم تعد علي ما يرام! ولأن »دوام الحال من المحال« كما يقولون فوجيء أنصار »رشيدة داتي« قبل خصومها بشدة الهجوم الذي تتعرض له، ليس فقط من المعارضة وإنما أولاً من الحزب الحاكم، ومن بعض كبار المسئولين المحسوبين علي قصر الإليزيه. وازدادت الدهشة المصحوبة بالهلع عندما لاحظوا غياب »رشيدة« عن اجتماعات القصر، فربطوا بين التغيب وبين قرارات أصدرتها الوزيرة وعارضها القصر وانتقدها مجلس الوزراء! وتأكد أفول نجم »رشيدة داتي« عندما تسربت أنباء منشورة ومسموعة عن تكليف رئيس الحكومة بإجراء تعديل وزاري محدود، وصرحت مصادر مسئولة بأن التعديل سيشمل إقصاء »رشيدة«. ومن جانبها أكدت أول وزيرة عدل في التاريخ الفرنسي خبر إبعادها، والاتفاق علي ترشيح الحزب الحاكم لها بتوجيه من الرئيس ساركوزي في الانتخابات الأوروبية كإحدي ممثلات الدولة الفرنسية في البرلمان الأوروبي. وهو ما حدث بالفعل. وكأمر طبيعي، متكرر، اختفت أخبار وتصريحات »رشيدة داتي« بمجرد ابتعادها عن منصبها، وبعد أن كانت ملء السمع والبصر، أصبح ما يكتب عنها مقصوراً علي »حالتها النفسية السيئة«، أو عن »عدم مواظبتها علي حضور جلسات البرلمان الأوروبي التي وصفت عضويتها فيه بالملل الذي لا تطيقه، مما دفعها إلي التقدم بطلب عضوية نقابة المحامين الفرنسيين لتزاول المهنة، وقتلاً للفراغ الذي لم تتعود عليه طوال حياتها! خصوم »رشيدة داتي« لم يطمئنوا رغم إبعادها وليس ابتعادها التام، والنهائي، عن الرئيس ساركوزي الذي قيل إنه »لم يعد يطيق رؤيتها أو سماع اسمها«! فمن رأي الخصوم أن »رشيدة« مثل الهرّة وُهبت 7 أرواح! فإذا كانت فقدت واحدة اليوم، فما يزال لديها ست أرواح تعويضية! ولا يستبعد البعض أن يفاجأوا غداً، أو بعد غد، بإنهاء الحظر المفروض عليها، ويستقبلها »ساركوزي« وقد يختارها لتشكيل الوزارة القادمة.. مثلاً! هذا الهلع من إعادة الروح ل »رشيدة« جعل بعض خصومها الحاليين وكلهم من زملائها السابقين في الحكومة، والحزب، والإليزيه يقررون بذل كل ما في وسعهم من أجل القضاء عليها نهائياً، لدرجة حرمانها من حقها الإنساني في تذوّق البقية الباقية من »حلاوة الروح« ! بعد طول تفكير.. توصل اثنان حددتهما »رشيدة« بالاسم .. فيما بعد إلي السلاح الباتر الذي سيطعنان »أم سبع أرواح« به، وهو سلاح »النميمة« الذي لا يُقهر.. ولا يغلبه غلاب. فجأة بدون مناسبة تاريخية، أو حتي قومية تناقل الناس في طول البلاد وعرضها.. من شمالها إلي جنوبها شائعة غريبة تزعم وجود علاقة حميمة جداً بين »كارلا بروني ساركوزي« وأحد العازفين الموسيقيين(..) . ولم تكتف الشائعة بالتشهير بزوجة الرئيس الفرنسي، وإنما أضافت إليه زعماً مشابهاً يقول إن »نيكولا ساركوزي« علي علم بخيانة زوجته، واضطر إلي البحث عن مواساة نفسه بين ذراعي إحدي وزيرات الحكومة الحالية(..). النميمتان اللاذعتان انتشرتا بسرعة البرق داخل فرنسا، وانتقل صداهما العنيف ليتصدر الصفحات الأولي في صحف الإثارة في العاصمة البريطانية: لندن. .. البقية غداً.