انا من المعجبين بالدكتور أحمد زويل لأسباب عديدة، منها أنه أحد العلماء العباقرة الذين لمعوا في سماء العصر الحديث.. ومنها أنه مصري ابن مصري، ولد ونشأ وشب في مدينة دمنهور، ولعب في حواريها، وتعلم في مدارسها، واختلط دمه بترابها.. وكان من الطبيعي أن تستقبله مصر بكل الحفاوة والترحيب والتقدير، بعد حصوله علي جائزة نوبل في الكيمياء عام 9991، وأن يمنحه رئيسها قلادة النيل العظمي، التي تعتبر أعلي درجة تكريم مصرية. والدكتور أحمد زويل جاء الي مصر بعد أيام من نجاح ثورة الخامس والعشرين من يناير، وانهيار نظام الحكم الذي استمر أكثر من ثلاثين عاما، والإطاحة بعصابة اللصوص وأساطين الفساد، الذين كانوا يتحكمون في أرزاق الشعب الطيب، ويسرقون أمواله، وينهبون خيراته.. الدكتور جاء من أمريكا، كما جاء الدكتور محمد البرادعي من فرنسا، والدكتور يوسف القرضاوي من دولة قطر.. ولعلهم جاءوا للمشاركة في الثورة -بعد أن تأكدوا من استقرارها- أو لتقدم صفوفها، أو لركوب الموجة والفوز بنصيب من »الفطيرة«.. غير أن الدكتور العالم استأثر بقدر كبير من الحفاوة -أكثر من غيره- ربما لأن البعض قد تصور انه قد جاء ليشارك بأبحاثه وعلمه في إعادة بناء مصر الجديدة.. مصر ما بعد 52 يناير.. وربما لتكريمه بمناسبة إعلان المتحدث باسم البيت الأبيض الأمريكي أن الرئيس باراك اوباما قد اختاره ضمن مجلسه الاستشاري للعلوم والتكنولوجيا، ووصفه بأنه شخصية علمية رائدة، تحظي باحترام واسع، ليس بسبب علمه فقط، ولكن لأنه »صوت للعقل« في الشرق الأوسط!! وأنا أعرف أن الادارة الامريكية لا تضفي وصف »صوت العقل« الا علي من ينادي من العرب بالتطبيع مع الكيان الصهيوني، ويقوم بزيارات علنية وغير علنية لإسرائيل، ويؤمن بالسلام معها بالشروط التي يحددها نتنياهو وليبرمان!! بعد أيام من وصول الدكتور الي القاهرة وقيام »الست« المذيعة اياها -التي تخصصت في ترشيح بعض الشخصيات لرئاسة الجمهورية- باستضافته في برنامجها الشهير.. شاهدته علي شاشة إحدي القنوات التليفزيونية الخاصة، اثناء لقائه مع مجموعة من شباب ثورة 52 يناير.. قال لهم إن الأمم لا تنهض الا بالعلم، وأن ذلك لا يمكن أن يتحقق في مصر إلا بعد اجراء تغيير شامل لجميع مناهج التعليم.. ثم أضاف بأن اسرائيل قد فعلت ذلك، وعلينا أن نقتدي بها!.. اسرائيل تاني؟! من حق الدكتور العالم أن يكون شديد الإعجاب بإسرائيل وبمناهج التعليم الموجودة فيها.. وبأي شيء آخر فيها. فهو علي اتصال مستمر بعدد من الهيئات والمعاهد العلمية في اسرائيل.. وليس سرا أنه تسلم جائزة اسرائيلية رفيعة، عندما قام بزيارة تل ابيب عام 3991، وألقي كلمة في البرلمان الاسرائيلي »الكنيست«، بعد تسلمه تلك الجائزة، قال فيها أن الجزيئات والذرات الموجودة في المواد، تتجاذب وتتآلف مع بعضها، لكي تتكون منها مركبات جديدة.. والعلاقة بين البلاد العربية واسرائيل يجب أن تكون كذلك!! والزيارة التي قام بها الدكتور العالم لدولة اسرائيل عام 3991، ليست الزيارة الوحيدة.. هناك زيارات أخري تمت قبلها وبعدها، قام خلالها بإلقاء محاضرات في عدد من الجامعات والمراكز البحثية.. وإحدي تلك الزيارات استمرت لأكثر من ثلاثة أشهر، قام اثناءها بمشاركة مجموعة من الخبراء اليهود في معهد وايزمان في مدينة حيفا، بتطوير منظومة صواريخ تعمل بالليزر. وعندما جاء الي القاهرة بعد حصوله علي جائزة نوبل، حضر ندوة أقامتها احدي الجامعات المصرية احتفاء به.. وفي تلك الندوة سأله الخبير المصري الاستراتيجي المعروف، المرحوم اللواء صلاح سليم -وكان حاضرا- عن سر الود الذي يكنه لإسرائيل فقال له، إن العلم لا وطن له.. وأنه يؤمن بأن لا سياسة في العلم، ولا علم في السياسة!! وإذا كان اللواء الدكتور صلاح سليم -رحمه الله- قد عبر عن دهشته للدكتور زويل من الود الزائد الذي يحتفظ به لاسرائيل ومؤسساتها العلمية.. فأنا غير مندهش لسببين، أولهما لأن الدكتور العالم واحد من »عقلاء الشرق الأوسط« الذين يؤمنون بضرورة التطبيع الكامل مع اسرائيل، واتخاذها قدوة لهم.. وثانيهما لأنه- رغم مولده في مدينة دمنهور المصرية- يحمل الآن جنسية الولاياتالمتحدةالامريكية، ولابد له أن يحب ما تحبه، ويعادي من تعاديه.. أقول ذلك ردا علي ما تروجه »الست« المذيعة إياها التي لا تزال تصر علي اعتباره من أصلح المرشحين لرئاسة الجمهورية!!