مهن كثيرة كانت ملء السمع والبصر في مصر اختفي بعضها، ومازال البعض الآخر يحارب من أجل البقاء، ومن أشهر هذه المهن «مكوجي الرجل» تلك المهنة التي شهدت رواجا لفترات طويلة، إلا انها بدأت في الاندثار، فيما يتمسك بها عدد محدود جدا من بينهم أقدم مكوجي رجل في بني سويف، والذي يرفض ترك عالمه الخاص الذي عاش فيه سنوات عمره التي تقترب من ال60 عاما، ولا يزال يمسك بمكواته الحديدية ثقيلة الوزن ذات الذراع الطويلة المنحنية لكي يزاول مهنته التي انقرضت فعليا في مصر ولم يعد يعمل بها سوي أفراد قليلين، ومع اطلالة كل صباح منذ 50 عاما يفتح عم سيد ربيع محله الصغير بأحد الشوارع المتفرعة من شارع الجبالي بمدينة بني سويف، يحني نصفه الأعلي ويرفع ساقه اليسري علي «المكواة» لكي يمارس كي الملابس خاصة الصوفية منها ولا يضع قدمه عنها الا مع رفع أذان المغرب. بدأت رحلة عم سيد في عالم كي الملابس منذ ان كان عمره 7 سنوات عندما نال قسطا بسيطا من التعليم ثم ترك الدراسة لمساعدة أسرته، وقرر العمل مع عمه «مكوجي الرجل» وتعلم أصول الصنعة علي يديه ويقول : أحببتها فأحبتني وأحبني زبونها ولازال سيد يتذكر أول يومية تقاضاها وكانت «قرش صاغ» ثم «شلن» أي خمسة قروش ثم «بريزة» 10 قروش أما اليوم فالدنيا بحسب تعبيره اتغيرت وكل حاجة غليت. آلاف القطع من الملابس وضعها عم سيد أسفل قدمه لتحمل علامة الجودة من مكواته، وبالرغم من مرور السنوات وانتشار المكواة الكهربائية وقلة الاقبال علي تلك المكواة التقليدية الا انه لايزال متمسكا بمكواته الحديدية حتي اليوم مؤكدا انه مصدر دخله الوحيد رغم أنها مهنة شاقة، ولم يستطع أن يغيرها ويقول لنا «امتلك مكوتين وزن المكواة الواحدة 25 كيلو جراما اشتريتهما من القاهرة في بداية الخمسينات اضع واحدة في الفرن والأخري استعملها وتستغرق عملية التسخين نحو ربع الساعة الي ثلث الساعة لتكون جاهزة للكي، وعندما اقوم برفعها اضع المكواة الثانية للتسخين وتستمر عملية التبادل بين المكوتين حتي إنتهاء اليوم. وفي النهاية يعرب عم سيد عن أسفه لأن هذه المهنة سوف تنقرض نهائيا في المستقبل خاصة ان العاملين بها يمكن ان يتعدوا علي أصابع اليد، وهم من كبار السن، ولا يوجد أحد من الشباب الآن يتقنها أو يمارسها علشان كده أنا ناوي اعلم أحمد ابني المهنة». بني سويف حمدي علي