هل أصبح متهمة بالخيانة العظمي إذا قلت إنني لم أكن أؤيد مطلب ثورة 52 يناير في رحيل مبارك في هذه الفترة العصيبة؟ هل سيتم التحقيق معي بتهمة الفساد إذا قلت إنه كان يجب تكريم الرئيس السابق والتحدث عنه بصورة أفضل مما يتم حالياً لاسباب منها أنه بطل من أبطال حرب أكتوبر وأنه قاد مصر في فترة لا تقل أهمية وخطورة عما نحن فيه الآن؟ نحن شعب وفيّ لابنائه، لا تتحكم في مشاعره شهوة الانتقام.. وهل سيضعني الشعب في قائمة سوداء لاعداء الثورة إذا قلت إنني مع التغيير ومحاربة الفساد والقضاء علي كل أذنابه، إلا أنني أريد أن انعم بالاستقرار والأمان ودفع عجلة التنمية حتي نشعر بأن مطالب الثورة بدأت في التحقيق، فقد طالبت ومازلت بعودة المحتجين والمعتصمين كل إلي مكان عمله ولنبدأ ثورتنا بالعمل. هل أكون من جيل تعود علي الظلم والسكوت عنه؟ إذا قلت إننا بدأنا مرحلة التشكيك في كل شيء وفي أي أحد.. أخشي أن يأتي علينا يوم يشكك الابن في أبيه والطالب في معلمه ونفقد الثقة في بعضنا وننتهي إلي فقد الثقة في مصرنا بكل من فيها. ما نواجهه حالياً أخطر كثيراً مما نتصور.. انقسمنا إلي حد العراك اللفظي.. السؤال السائد علي كل لسان وبعد أي مناقشة.. أنت مع الثورة أم ضدها.. أنت بتحب مبارك إذن أنت مع النظام الفاسد.. لم تواجه مصر علي مر العصور (التي عشتها) مثل ما أراه الآن.. طول عمري أقول إنني ناصرية الهوي ولا أنكر أن لهذه الحقبة اخطاء.. اعترف بفضل السادات في اتخاذ قرار الحرب وتحقيق النصر بعد هزيمة مرة، لكنني أسجل عليه كثيراً من الأخطاء.. أعلم جيداً أن مبارك قاد ضربة جوية كانت مفتاح النصر في أكتوبر.. أعلم أنه كان محل ثقة عبدالناصر والسادات.. ايضاً لنا كثير من التحفظات علي النظام الفاسد الذي نهب أموال الشعب، وقتل ابناءنا وخيره شبابنا قبل وأثناء الثورة. فإذا كانت الثورة الشعبية قد طالبت بعدالة اجتماعية والقضاء علي البطالة والفساد وتحقيق الديمقراطية والشفافية وإطلاق الحريات، بل وأسقطت النظام بأكمله.. فإنه لا يصح أن نطالب بحرية الرأي ونصادر بأنفسنا الرأي الآخر.. ليس هناك شيء اسمه من ليس معنا أصبح ضدنا. كل شيء قابل للمناقشة.. ولكل رأي ربما تعارض أو اتفق مع الآخر.. المهم ان نتقبل بعضنا ونعرف أن هناك رأيا وآراء أخري وعلينا احترامها حتي لو اختلفنا معها. تلك نقطة البداية فإذا صحت انطلقنا، وإن توقف كل علي رأيه واتهم الآخر سنبقي محلك قف.