فجأة خرجت نقابة الأطباء ببيان صادم، أكدت فيه أن هناك عملية تجريف تجري للتأمين الصحي، وتجعل أطباءه مضطرين لهجرته حتي أن أقساما كاملة بمستشفياته أصبحت مغلقة لعدم وجود أطباء! البيان الذي حمل عنوان «انقذوا التأمين الصحي» لفت الأنظار إلي أزمة بالغة الخطورة، تهدد الكيان المسئول عن علاج 53 مليون مواطن، أي أكثر من نصف عدد سكان مصر. حاورت «الأخبار» عددا من أطراف المشكلة، فأكدوا أن القطاع يعاني من سلبيات لا يمكن إنكارها، منها التفاوت الحاد بين أطباء التأمين ونظرائهم بالوزارة، لدرجة أن قنا أصبحت لا تضم إلا طبيب تأمين صحي واحدا معينا بعد أن هرب الجميع ! الغريب أن الأطراف كلها أجمعت أن ميزانية إصلاح منظومة التأمين متوافرة، وتبلغ ملياري جنيه حصلتها وزارة المالية لهذا الهدف كضرائب علي السجائر. ورغم تأكيد الجميع علي وجود أزمة إلا أن إجراءات التعامل معها لا تتحرك خطوة إلي الأمام، وهو ما جعل النقابة تنتقل من مرحلة التفاوض إلي حرب البيانات ! حل الأزمة يوضح د. إيهاب الطاهر أمين عام نقابة الأطباء أن البيان جاء بعد محاولات عديدة لحل الأزمة لم تسفر عن أي نتيجة، مما أدي إلي تفاقمها، وبدأ الأطباء يهجرون مستشفيات التأمين الصحي ويهربون منها، وامتد الأمر إلي التمريض، ويقول: يحدث هذا في الوقت الذي ننادي فيه بزيادة عدد الأطباء لتقديم خدمة صحية أفضل، خاصة أننا مقبلون علي تطبيق التأمين الصحي الشامل علي المواطنين. ولكي يوضح مدي التفاوت في الأجور يشير إلي أن الطبيب حديث التخرج الذي يعمل في التأمين الصحي يتقاضي ألف جنيه شهريا وهو أقل من الحد الأدني للأجور بل أنه أقل من راتب عامل النظافة، في حين يحصل زميله حديث في مستشفيات الوزارة علي 2000 جنيه، وهو الأمر الذي أدي إلي عدم التحاق الأطباء الجدد بالعمل في التأمين الصحي وهروب الأطباء القدامي سواء بالحصول علي إجازات طويلة أو الاستقالة، ويؤكد أن الأزمة تتفاقم لدرجة أن مدينة مثل قنا لم يعد يعمل فيها سوي طبيب تأمين صحي واحد والباقون بالتعاقد، ويري أنه من باب أولي إعطاء الأطباء حقوقهم بدلا من عمل تعاقدات خارجية، خاصة أن التمويل لهذا الأمر متوافر بالفعل، حيث قامت وزارة المالية بتحصيل مليار جنيه كضرائب علي التبغ لصالح هيئة التأمين الصحي، ولكنها لم توردها له. المطالب المشروعة ويؤكد أن حل هذه الأزمة يكمن في تحقيق المطالب المشروعة بتوريد أموال الضرائب لهيئة التأمين الصحي، لكي تستطيع تحسين الأجور بجزء منها وتحسين الخدمة المقدمة للمرضي بالجزء الآخر. ويشير إلي أن هناك تعنتا في تنفيذ المطالب، حيث قام ممثلو النقابة بمقابلة رئيس هيئة التأمين الصحي ووزير الصحة ورئيس الوزراء السابق، وأرسلوا خطابات إلي رئيس الوزراء الحالي ورئيس الجمهورية لشرح الأزمة، وإلي الآن لم يحدث أي تقدم، ويقول : حل هذه الأزمة لن يتم إلا بتدخل رئيس الجمهورية، خاصة أن الوضع في مستشفيات التأمين الصحي يقترب من الانفجار. لا ينكر د. علي محروس مدير مستشفي التأمين الصحي بمدينة نصر هروب الأطباء من العمل في التأمين، ويبرر طلباتهم إلغاء انتدابهم بأنهم لم يخضعوا لكادر الأطباء مثل زملائهم بوزارة الصحة، بحجة أن هيئة التأمين الصحي تعد هيئة مستقلة، وهو الأمر الذي جعل الفارق كبيرا بين ما يتقضاه طبيب التأمين الصحي بالمقارنة بنظيره في الوزارة، علي الرغم من أن أطباء التأمين يتحملون أعباء أكبر في العمل، حيث يقع تحت مظلة التأمين الصحي حوالي 53 مليون مريض، ويري محروس أن حل هذه الأزمة واستعادة الأطباء للعمل بالتأمين يتطلب المساواة بينهم وبين أقرانهم في الوزارة، خاصة أن التمويل متوافر بالفعل من حصيلة ضرائب السجائر. ويري د. خالد عبد الغفار المتحدث الرسمي لوزارة الصحة أن حل الأزمة سيتم من خلال وزارة المالية، لأن الأموال المخصصة للهيئة بحوزتها، ويشير إلي انه رغم الأزمة التي يمر بها أطباء التأمين الصحي إلا أنهم لا ينظمون وقفات احتجاجية، لأنهم يضعون مصلحة المريض نصب أعينهم.