تراجع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن لهجة التصعيد تجاه موسكو عقب حادث إسقاط بلاده المقاتلة الروسية وبدأ يتودد إلي روسيا فيما يبدو تحت ضغط الإجراءات العقابية الروسية ولا سيما في جانبها الاقتصادي. وفي مسعي واضح لاحتواء تصاعد الأزمة الخطيرة في العلاقات بين البلدين، أعرب الرئيس اردوغان أمس عن حزنه لإسقاط المقاتلة الروسية متمنيا ألا يتكرر هذا الحادث. وقال في كلمة ألقاها خلال اجتماع في مدينة بالق أسير "لقد أحزننا هذا الحادث كثيرا، وآمل في أن لا يتكرر، وسنبحث هذه المسألة ونجد لها حلا". كما أعرب عن أمله في أن تشكل قمة المناخ الدولية المقررة غدا في باريس فرصة للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين و"ترميم العلاقات مع روسيا". وأضاف "المجابهات لن تعود بالفرحة علي أحد، إذ أن روسيا تحظي بالنسبة إلي بلادنا بنفس الأهمية التي تحظي بها بلادنا بالنسبة إليها، ولا يمكننا إزاحة بعضنا البعض من الأفق". ودعا اردوغان روسيا إلي "بحث هذه القضايا فيما بيننا، ضمن أطر حدودنا، لنجد الحل المناسب"، مشيرا إلي استمرار بلاده في "التعاون مع روسيا علي المستوي الدولي، وعبر القنوات الدبلوماسية". وفي خطوة جديدة لاحتواء التوتر بين موسكووأنقرة نصحت وزارة الخارجية التركية مواطنيها بعدم السفر إلي روسيا الا الضرورة. وقالت الوزارة في بيان إن مصاعب واجهت زوارا وسكانا أتراكا في روسيا ومن ثم فإنها تنصح الأتراك بتأجيل كل السفريات غير الضرورية، لكن في المقابل، أعلن وزير الثقافة الروسي فلاديمير ميدينسكي إن روسيا لا تعتزم إقامة مهرجان "سنة الثقافة والسياحة التركيتين" في روسيا عام 2017. وهي كذلك لا تخطط لإقامة مهرجان "سنة الثقافة والسياحة الروسيتين في تركيا "عام 2018. من جهة اخري، نفي مسئولان أمريكيان أن تكون بلادهما قد تلقت من روسيا معلومات حول خطة طيران طائرتها التي أسقطتها تركيا الثلاثاء الماضي علي الرغم من تأكيدات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عكس ذلك.وكان بوتين قد ألقي ببعض اللوم علي الولاياتالمتحدة في أعقاب حادث إسقاط الطائرة الروسية، بل ألمح إلي أن واشنطن ربما تقوم بإعطاء خطط العمليات الروسية بشكل مفصل لتركيا قبل موعدها. من جهتها، لم تعلق وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) بشكل فوري علي تصريحات بوتين ولكنها اعترفت في الماضي بأن روسيا قدمت معلومات للتحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة قبل بعض العمليات مثل إطلاق صاروخ كروز في 17 نوفمبر الجاري. وتهدف مثل هذه الاتصالات إلي منع حدوث اشتباك بطريق الخطأ بين العدوين السابقين خلال فترة الحرب الباردة أثناء تنفيذهما حملات قصف متوازية داخل سوريا. ولكن المسئولين الأمريكيين قالا إن الروس لم ينقلوا مثل هذا النوع من التفاصيل الدقيقة للعمليات التي أشار إليها بوتين في تصريحاته العلنية. ولم يعرف بشكل فوري حجم أي اتصالات بين القوات الروسية والأمريكية قبل أو بعد الحادث. علي صعيد اخر، كشف تحليل للبيانات أجرته وكالة رويترز ان الطائرات الروسية قصفت بكثافة مناطق للتركمان شمال غرب سوريا مما يساعد في تفسير زيادة حدة التوتر بين موسكووأنقرة خلال الأسابيع التي سبقت إسقاط تركيا للمقاتلة الروسية.ومثل الحادث الذي وقع يوم الثلاثاء الماضي أكبر مواجهة بين بلد عضو في حلف شمال الأطلنطي وروسيا منذ أكثر من نصف قرن ودفع الكرملين للتهديد باتخاذ إجراءات اقتصادية انتقامية. لكن قبل ذلك بكثير أدانت تركيا قصف بلدات وقري في محافظة تقول إنها تخضع لسيطرة تركمان سوريين ينحدرون من أصول تركية.وتظهر بيانات وزارة الدفاع الروسية التي جمعتها رويترز أن الغارات ضربت علي الأقل 17 موقعا محددا بالاسم في مناطق للتركمان منذ أمر بوتين ببدء الغارات الروسية في سوريا في 30 سبتمبر الماضي. ومن واقع البيانات فإن الصواريخ الروسية دمرت مخازن ذخيرة ونقاط قيادة ومصنعا لصنع المتفجرات للعمليات الانتحارية في مدن بينها سلمي وغمام وكسلادشوق غرب جبل العلويين في سوريا وهي مناطق تقول جماعات تعمل في مجال الإغاثة إن سكانها من التركمان.