أحني رأسي للذين أعادوا لشعب مصر كرامته وكبرياءه وهيبته أمام العالم. . لاأركب الموجة التي يتسابق المتسلقون الآن لركوبها ويدعون أنهم انتفضوا مع شباب الثورة. فأنا من جيل الصمت.. من الذين سكتوا عن الحق وارتضوا بأن تكمم أفواههم . يؤثرون السلامة.. وياليتها سلامة.. إنها خيبة وندامة وضعف وذل ومهانة. . مثلي ومعظم بني جيلي من الشياطين الخرس..اعتاد أن يسمع ويري ولايتكلم.. جيلي.. جيل الوسط لابصمة له علي أرض الكنانة وربوعها لانتشالها من آلامها وأوجاعها سوي السير في مواكب النفاق والرياء والجلوس علي موائد اللئام. سخر نفسه راضيا لما تمليه عليه السلطة . وليته لكي يسلم من الأذي ارتضي بأضعف الايمان واحتج بقلبه صامتا ساكنا. بل أطربته نغمة "بالروح بالدم نفديك ياريس". كثيرون من جيل الوسط ممن حبسواصرخاتهم بين ضلوعهم.. لم يكن أمامهم سوي الهروب بزعم أنهم يبحثون عن "لقمة عيش " توفر له حد أدني من الحياة الكريمة.. وأنا من هؤلاء. اقتدينا بابائنا.. وهم شيوخ تجاوزوا الآن الثمانين من العمر.. فقد ظلت ألسنة أحوالهم تقول لنا " اللي نعرفوا أحسن من اللي منعرفوش" . نصائحهم لنا: " إنت يابني حتغير الكون ".. "إمشي يابني جنب الحيط".. "" خلليك في حالك".. " دور علي مستقبلك". . كثيرون وليسوا قلة من جيل الوسط .. عملوا بنصائح الآباء.. فظلوا "محلك سر". . وكثيرون أيضا وليسوا قلة.. عملوا بنصائح الآباء ولكن طموحهم دفعهم إلي التسلق فوق أكتاف الآخرين. عرفوا "من أين تؤكل الكتف" .. فظهر طابور طويل يتزاحم علي مناصب لايبلغها إلا من يملك موهبة التسلق والنفاق ويرضي لنفسه أن يلعق حذاء من يشبع طمعه في المال والجاه والنفوذ.. لا أكذب ولا أتجمل. لن أدعي كذبا وأقول أني ناضلت وقلت لا وألف لا؟!.. كثيرون من بني جيلي .. حرص علي الحياة سالما فلم يجد سوي الفتات... أو النزوح خارج الحدود لكي يدخر ما يوفر ثمن الشقة والزواج وحفنة من الدراهم تقيه شر العوز. قلة قليلة .. قالت للأمر الواقع لا وألف لا.. فدفعت ثمنا غاليا.. جعل الكثيرين يؤثرون السلامة. . عشنا في مرارة .. ولايلهينا عن مرارتنا وجراحنا سوي أن نتذكر أننا الجيل الذي انتفض وقال في صباه مع الآباء: لا لنكسة 67 .. لاللهزيمة. وردد مع ناصر " لاصلح ولاتفاوض ولااعتراف بالذين اغتصبوا الأرض ". أحمد الله أن في حياة جيلي صفحة مضيئة ناصعة البياض مؤرخة بتاريخ السادس من أكتوبر 1973. . وهاهو شباب 25 يناير جيل الحاضر والمستقبل.. يكسر جدران صمتنا ويحطم سياج خوفنا ويعبر بمصر إلي عالم مشرق جديد.