انتابتني أحاسيس متناقضة وأنا أتابع ثورة أعظم ما أنجبت مصر من أجيال، فقد شعرت بأن قامتي ترتفع إلي السماء وأن مصر الشعب العملاق الذي دخل في سبات شتوي طويل قد انتفض وعيون العالم أجمع تنتظر ردود فعل هذا المارد العظيم ولكن في الوقت نفسه حزنت حزن غرائب الابل علي الثورة التي قامت والتغيير الذي هب علي الديار المصرية وليس معنا ساخر الأمة الأكبر أبويا الجميل محمود السعدني وكاتبنا الأعظم أحمد بهاء الدين ففي آخر لقاء جمع بينهما وكان من حسن حظي أن أحضره سأل السعدني العم أحمد بهاء الدين.. احنا رايحين علي فين ياعم بهاء.. فأجابه قائلا.. العالم العربي كله يامحمود راكب طيارة مخطوفة ومش عارف وجهتها علي فين!! واليوم وبعد الثورة التونسية الأم انتقل الفيروس إلي عالمنا العربي الكبير وبدا أن الشعب تمرد علي خاطفيه وانه قرر أن يتولي تحديد المصير بيده لا بيدي عمرو وبالصراحة اللي في زماننا قليلة اسمحوا لي أن أقول لحضراتكم انني لم أتصور أن ما حدث في تونس يمكن أن يحدث في مصر فالنظرة العامة علي شباب هذه الأيام كانت محصورة في أمرين شباب دخل عالم التوهان بفضل الهيروين والكوكايين وجميع أنواع المغيبات والمكيفات وآخرين أدمنوا الانترنت وكان ظني ان النوع الأخير من الشبان جرفهم النت إلي المواقع المشخلعة التي تتعري فيها البنات حيث كل شيء علي عينيك ياتاجر ولم أتصور أن هناك شابا مهتما بما يجري علي أرض مصر أو هموما بما جري لها وعليها ولكن في يوم الخامس والعشرين من يناير تبين ولله الحمد أن كل ظني.. أنا وغيري هو من الاثم فقد أثبت هذا الشباب ان مصر مثل الأرض الطيبة قد يصيبها المرض ولكنها لا تعقم أبدا وقد شاهدت هذا الولد المعجز وائل غنيم وانشكح قلبي طربا بأفكاره وأحلامه وأمانيه واصراره وجلده وشجاعته وانكساره العاطفي عندما تذكر شهداء الثورة من الشباب المصري لقد بكينا جميعا مع وائل علي هؤلاء الأبرار الذين لقوا حتفهم من أجل الفجر الجديد الذي ارتفع برأس أهل مصر جميعا في أنحاء المعمورة.. بارك الله فيكم ياشباب هذه الأمة وسدد علي طريق العزة والكرامة خطاكم.. أثبتم أن مصر لاتزال بخير وأن الدماء لاتزال تتفجر في شرايين هذا الوطن.. المجد لشهداء الثورة والخزي والعار لمن تطاول عليكم بالسلاح والمولوتوف والخيول والابل.. سطرتم أنصع صفحات التاريخ المصري علي الاطلاق وأجمل ما فيكم ان الدافع الذي حرك مشاعر الغضب داخلكم كان ذاتيا فلم يكن لأحد فضل عليكم لا اخواننا المسلمون ولا أحزاب التجمع أو الوفد أو الناصري ولا مايسمي بقادة المعارضة، ولذلك فليس من حق أي أحد علي الاطلاق أن ينسب لنفسه الفضل.. فالفضل كل الفضل والعرفان والاعتراف بالجميل هو لكم أنتم.. أنتم فقط ولا أحد سواكم أيها الجيل الأنبل والأعظم والأفضل في تاريخ كل أجيال مصر جيل الولد العبقري البسيط العنيد المتماسك الأعصاب القوي الإرادة الفاهم الواعي الثائر بلا جعجعة وبدون ضجيج وائل غنيم.. اسمح لي أيها العزيز الغالي أنت ومن معك أن أنحني لكم تقديرا للبطولة واعترافا بقدرات خلاقة وتعبيرا عن خالص شكرنا وعميق احترامنا فقد بعثتم فينا الروح من جديد!! وللحديث بقية.