جاء إعلان السيد عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية دعوته لجماعة الإخوان المسلمين للمشاركة في الحوار الوطني الهادف لتحقيق المطالب الشعبية تأكيدا علي رغبة النظام في طي صفحة الماضي، والانفتاح علي كل القوي السياسية من جانب، كما جاء تعبيرا عن قوة جماعة الإخوان في الشارع، سواء اتفقنا أو اختلفنا عليها، من جانب آخر. الدكتور عصام العريان عضو مكتب إرشاد الإخوان يتحدث عن آخر تطورات الحوار الوطني، وحدود تطلعات الجماعة في المشهد السياسي الجاري تشكيله.. (الأخبار) تنقل رؤية القيادي الإخواني البارز - بألفاظه ونص حديثه- للتعبير عن موقف جماعته التي كانت "المحظورة" قبل أيام، كما يفجر مفاجأة سياسية في السطور التالية. ما آخر ما توصلت إليه جلسات الحوار الوطني؟ لم يسفر الحوار الوطني عن أية نتائج إيجابية حتي الآن، وأعلنا في البيان الرسمي الصادر عن الإخوان المسلمين أن هذه الجولة من الحوار لم تستجب للمطلب الرئيسي الذي طالب به الثوار من الشباب والشعب وهو تغيير النظام وتنحي الرئيس مبارك عن السلطة، وكان سقف مطالب المتحاورين أعلي بكثير مما خرج به بيان الجولة الأولي من الحوار، لذلك فالبيان الذي أصدره النظام لم نتوافق عليه ولم نوقع عليه، لأننا نري أن ما تضمنه البيان هو عبارة عن مجموعة من الإصلاحات الجزئية لا ترقي أبدًا لمستوي تطلعات الشعب، وحتي هذه الإصلاحات لم يتحقق معظمها علي أرض الواقع. ونحن حين دخلنا جولة الحوار فإنما أردنا أن نحمل إلي المسئولين المطالب الشعبية المشروعة، مع الاستمرار في الثورة وحق الشعب في التظاهر السلمي دون تعرض لهم حتي تتحقق هذه المطالب، وإننا نعيد تقييم الموقف من كافة جوانبه باستمرار، لتحديد موقفنا من هذا الحوار. وهل هناك أحاديث دارت في الغرف المغلقة بينكم وبين رموز النظام بخلاف ما تم إعلانه؟ أنا لم أحضر جلسات الحوار الوطني، فقد حضرها عن الإخوان د. محمد سعد الكتاتني ود. محمد مرسي عضوا مكتب الإرشاد، لكن الإخوان اعتادوا أن الحوار في الغرف المغلقة لا يختلف عما يخرج إلي العلن، فنحن حريصون أن يكون الحوار في إطار الجماعة الوطنية ككل، وسنظل نراقب الأداء وتقييم الموقف باستمرار، إلا أننا لمسنا أن المناخ لا يزال مسمما، ولا يشجع علي استمرار الحوار، بل إن هناك من يتصرف وكأنه لا يريد حوارا، بدليل استمرار الاعتقالات في صفوف الشباب الثوار والمواطنين الشرفاء ومنهم عدد من الإخوان، بعضهم تعرض للتعذيب في المنصورة، كما أن أجهزة الإعلام الرسمية لا تزال تشن حربا شرسة وتبث أكاذيب وأفكارا مشوهة ومغلوطة عن الإخوان. هل كانت هناك صفقة بالفعل مقابل موافقتكم علي المشاركة في الحوار؟ كل ما يتردد حول قبول الإخوان المشاركة في الحوار الوطني لعقد صفقة أو تحقيق مغنم خاص غير صحيح علي الإطلاق ولا أساس له من الصحة، وكل تلك الأقاويل الباطلة استمرار لمحاولة تشويه صورة الجماعة أمام الشعب، وأقول علي مسئوليتي الشخصية إن الأخوان لم يعرضوا في الجلسة الأولي من الحوار الوطني أية مطالب خاصة، بل عرضنا مطالب الشباب كاملة، وطالبنا بحرية التظاهر السلمي، وحماية المتظاهرين من التعقب الأمني وضمان عدم التعرض لهم، وذهبنا للتعرف علي جدية المسئولين عن إنجاح الحوار الوطني والخروج بالبلاد من تلك اللحظة الحرجة الراهنة. كيف يمكن أن تستثمروا الفرصة الذهبية التي منحها لكم النظام لإضفاء المشروعية علي الجماعة التي كانت توصف حتي أسابيع قليلة ب "المحظورة"؟ الإخوان المسلمون جماعة مشروعة منذ نشأتها عام 1928 حتي عام 1948 عندما أصدر النقراشي قرارا بحلها، كما عادت إليها مشروعيتها ومنذ عام 1952 حتي عام، 1954 وخلاصة الأمر أن الشرعية لا تمنح ولا تمنع، فلا يفرضها قانون ولا يلغيها قرار، إنما تستمد من الشارع، ومهما صدر من قرارات ضد الجماعة، ومهما وصفوها ب "المحظورة" فذلك لا يشكك في شرعية وجودها علي أرض الواقع، ومن يقول غير ذلك يكون كمن يريد دفن رأسه في الرمال. تطالبون بتنحي الرئيس مبارك عن السلطة، رغم المصاعب الدستورية التي تحول دون ذلك.. كيف؟ إن هذه الثورة الشعبية أسقطت النظام ومن ثم لا بد أن يرحل، ويتمثل ذلك في ضرورة تنحي السيد رئيس الجمهورية، وهو المطلب الأول والأكبر الذي تنادي به الجماهير، وإذا كانت هناك معضلات دستورية وضعها ترزية الدساتير والقوانين، فعلي فقهاء القانون الدستوري إيجاد حل لها ومخرج منها، فالنظام وحده يتحمل مسئولية هذا التشويه للدستور، كما يتحمل أيضا تزوير الانتخابات وخروج المعارضة من البرلمان إلي الشارع، فلو كانت أجريت انتخابات برلمانية نزيهة تعبر عن إرادة الشعب، لكانت المطالب التي خرجت بها المظاهرات تناقش الآن تحت قبة البرلمان وليس في ميدان التحرير. لماذا يتهمكم البعض ب (ركوب الموجة) والقفز علي ثورة الشباب؟ للإنصاف وللتاريخ، نحن لسنا قادة تلك الثورة الشعبية، ولم نصنعها.. ولم نكن أول من دعا إليها، وهذا شرف لا ندعيه لأنفسنا، فالثورة فجرها الشباب واستجاب لهم الشعب، ونحن جزء من هذا الشعب، ولكنني أريد تذكير الجميع أننا كنا مع هذه الثورة منذ يومها الأول، فقد شاركنا يوم 25 يناير بمجموعة من نواب الكتلة البرلمانية للإخوان، وتزايد أعداد شباب الإخوان المشاركين في المظاهرات في (جمعة الغضب)، وكان من الطبيعي أن يزيد حجم المشاركة مع تفاعل جماهير الشعب بالمظاهرات.. نحن مر علينا ما مر علي جموع الشعب المصري من تفاعل تصاعدي بالأحداث انعكس علي أعداد المشاركين منهم في المظاهرات، وبالتالي فمن العيب بعد كل تلك التضحيات التي قدمها الإخوان من معتقلين وسجناء رأي، وبعد النضال الدستوري السلمي الذي اتخذوه منهجا لهم طوال الفترة الماضية أن يتهمهم أحد بالسطو علي تلك الثورة النبيلة، بل هم جزء منها.. تفاعلوا معها كما تفاعل معها جموع الشعب المصري. لكن هناك مجموعة من شباب الإخوان ترفض مشاركتكم في الحوار الوطني، وعزز هذا الاتجاه داخل الصف تصريحات القيادي د. عبد المنعم أبو الفتوح التي انتقد فيها موافقة مكتب الإرشاد علي الحوار مع النظام؟ مع تقديرنا لكل الإخوان المسلمين، شبابهم وكبارهم، فقرار الموافقة علي المشاركة في الحوار الوطني صدر عن مكتب الإرشاد، والقرارات المهمة دائما تصدر عن مكتب الإرشاد، وإذا احتاج المكتب إلي المزيد من المشورة نعود إلي مجلس شوري الجماعة، والأصل في الإخوان الثقة في قيادتهم، وأؤكد أنه لا توجد أزمة، وحتي إن كان هناك بعض الأصوات من شباب الإخوان يعترضون علي ذلك، فإن القرار يوافق رأي الأغلبية. لماذا بادرتم بالإعلان عن عدم ترشحكم لرئاسة الجمهورية في الانتخابات المقبلة؟ إعلان الإخوان المسلمين عدم تسمية مرشح لهم في انتخابات الرئاسة المقبلة قرار حكيم وعاقل ولاقي ترحيبا كبيرا في الوسط السياسي المصري، وقد جاء هذا القرار كرسالة طمأنة للذين كانوا يخشون من وصول الإخوان إلي كرسي الحكم، سواء في الداخل أو الخارج، وأكد زيف الاتهامات الموجهة للإخوان بأنهم لا يسعون إلا للسلطة، واتضح عمليا أنهم أول من أعلنوا عدم رغبتهم في خوض ذلك السباق الرئاسي.... أقاطعه: لكن البعض يذهب إلي أنكم رفضتم رئاسة الجمهورية باليمين.. للانقضاض علي رئاسة الحكومة بالشمال؟ يرد: ولا حتي تشكيل الحكومة.. وبالنسبة للانتخابات البرلمانية المقبلة، فقد تعهدنا أيضا أننا لن نشارك بعدد من المرشحين يحقق لنا الأغلبية التي تمكننا من تشكيل الحكومة، فقد سار همس بعدما نال الحزب الوطني من سخط شعبي جارف أن الأغلبية ستضيع منه في أقرب انتخابات برلمانية، خاصة في حال إجرائها وفقا للضوابط النزيهة وتحت الإشراف القضائي، وذلك سيتيح للإخوان باعتبارها أكبر قوة سياسية علي الساحة أن تنتزع الأغلبية وتشكل الحكومة، لكن الإخوان أيضا من منطلق حرصهم علي المصلحة الوطنية وتأكيدا علي مبدأ "المشاركة لا المغالبة" تعهدوا بعدم خوض الانتخابات بعدد من المرشحين علي مستوي الجمهورية، يحقق حال فوزهم جميعا النسبة القانونية التي تكفل لهم تشكيل الحكومة، وسنقدر العدد المناسب من المرشحين بالتنسيق مع بقية الأحزاب والقوي الوطنية الأخري قدر المستطاع.