بدء تدفق القوات الروسية على سوريا، فهل تشتعل المنطقة؟ منذ بدء الازمة السورية والعالم يعرف جيدا اين يقف الدب الروسي واي فريق يدعم سياسيا وعسكريا. واذا كنا نتحدث عن ازمة مر عليها اربع سنوات فنحن نعرف يقينا أن أمريكا تعلم وأوروبا تعلم ان روسيا تتواجد في سوريا بقوة وتقدم دعما عسكريا غير محدود لنظام الرئيس بشار الاسد مثلما يعرفون جيدا ان هذا التواجد الروسي هو احد اهم الاسباب التي حالت دون سقوط نظام الاسد حتي الآن. إذن فما الجديد اذا كانت المعلومة قديمة من عمر الثورة السورية وان صح القول من عمر النظام البعثي في سوريا ؟ فالتحالف بين موسكو ودمشق يرجع تاريخه لعام 1955 عندما عقد الاتحاد السوفيتي اولي صفقاته العسكرية مع سوريا ومنذ ذلك الحين تعد روسيا المصدر الرئيسي للتسليح في الجيش السوري حيث ساعدت روسيا في بناء هذا الجيش بعد حربي 67 و73. ويوجد في سوريا قاعدة طرطوس العسكرية البحرية وهي القاعدة الروسية الوحيدة في البحر المتوسط. ومنذ بداية الثورة السورية لم تقدم روسيا دعما عسكريا فقط لنظام بشار الاسد بل كانت صخرة ثابتة تحطمت عليها كل قرارات الأممالمتحدة التي تدين النظام السوري. لكن دلالات الاعلان الروسي الرسمي عن هذا التواجد الآن هو التطور اللافت الذي يستحق التدقيق ، كما هو الحال بالنسبة لأمريكا التي ترصد وبدقة التوغل الروسي في سوريا منذ سنوات ولكنها قررت الآن ان ترسل تهديدا وتحذيرا مباشرا لروسيا وهذا يدعونا للتساؤل : هل يعني هذا التصعيد ان الفريقين يعدون لمواجهة قريبة علي الأرض السورية؟ البداية كانت اعلانا روسيا رسميا عن التواجد في سوريا اعقبه تحذير امريكي والتأكيد علي أن روسيا تواصل حشد تعزيزاتها العسكرية في سوريا وأن موسكو أرسلت عربات جنود مصفحة وسفنا تحمل دبابات وكتيبة صغيرة من الجنود إلي مطار باسل الأسد الدولي جنوب مدينة اللاذقية، وفي القاعدة البحرية الروسية في طرطوس. كما وصلت طائرة شحن عسكرية وسفينتان حاملتان للدبابات إلي ميناء طرطوس، وأكثر من عشر حاملات جنود مدرعة إلي مطار باسل الأسد. هذا التشكيل الهجومي دفع المحللين لابداء الآراء في اسباب وجود هذه التعزيزات الروسية والتي خلصت إلي وجود وجهتي نظر : الاولي تري ان روسيا تريد الانضمام للتحالف الدولي لمحاربة داعش كي تضع امريكا في موقف حرج اذا رفضت التواجد الروسي من اجل هذا الغرض. وقطعا سيزيد الامر صعوبة إذا امسكت روسيا بزمام الامور في الحرب ضد داعش. اما وجهة النظر الاخري فهي تتحدث عما قد يحدث اذا سقط نظام الاسد الذي يسيطر علي ربع البلاد فقط وان روسيا ستعمل علي حماية مصالحها ووجودها التاريخي في المنطقة عبر دعم العلويين بانشاء دولتهم علي امتداد الساحل السوري. وبينما يعكف المسئولون الامريكيون لدراسة الدوافع الروسية من زيادة التحركات الروسية العسكرية داخل سوريا وما اذا كانت لضرب داعش ام لضرب الثوار ام لحماية مصالحها بعد سقوط بشار؟. يسير المسئولون الروس علي» موضة محاربة الارهاب الدولية» ويعلنون انهم يعززون من تواجدهم لمحاربة تنظيمي داعش والقاعدة خاصة بعد سقوط اخر معسكرات النظام السوري في ادلب علي يد تنظيم جبهة النصرة الذي ينتمي للقاعدة..وبعد استيلاء داعش علي قاعدة للدفاع الجوي قرب مطار دير الزور العسكري آخر معقل للنظام شرقي البلاد. ولكن هذه الاسباب لم تكن مقنعة لأمريكا التي حذرت علي لسان خبرائها من ان تحدث مواجهات عسكرية بين القوات الروسية والقوات الدولية التي تحارب داعش بقيادة أمريكا. وطلبت أمريكا مؤخرا من اليونان وبلغاريا حظر تحليق الطائرات الروسية عبر مجالها الجوي وقد استجابت بلغاريا للمطلب الامريكي بينما نددت روسيا بالقرار واتهمت امريكا بعرقلة وصول مساعدات انسانية لسوريا كانت علي متن طائراتها. ورغم الضغوط التي تمارسها امريكا لاستمرار العزلة الروسية عن العالم في أعقاب الازمة الأوكرانية نجحت موسكو حتي الآن في الافلات من قبضة الناتو وامريكا عبر تعزيز علاقاتها في أسيا والشرق الأوسط ولم يأبه بوتين كثيرا بتحذيرات أوباما واستمر في ابرام الاتفاقيات العسكرية والتجارية مع الدول الصديقة. ولكن تظل المعادلة السورية هي الاصعب والتي يغيب عنها المنطق امام روسيا التي تدعم بشار الأسد وامريكا التي تقف مع المعارضة اذن فالنتيجة الطبيعية هي مواجهة حتمية بين روسياوأمريكا وفي نفس الوقت تأتي إضافة داعش إلي المعادلة بنتيجة عكسية تعني تحالفا وشيكا بين الطرفين وتقاربا روسيا اوروبيا محتملا. ولكن في النهاية هي حقيقة واحدة لا تتغير في العلاقة بين روسياوأمريكا..إذا تضاربت المصالح ستسمعون طبول الحرب وإذا إلتقت المصالح سيعزفون معا لحن الصداقة الابدية..ولا عزاء للعرب.