أحيانا تكون الصورة أقوي من أي كلام ولا تحتاج إلي تعليق، وقد تبقي الصورة في أذهاننا لسنوات ولا يمكن محوها، وقد تهز مشاعر وتوقظ ضمائر تعودت علي الاسترخاء وتنير بصيرة لا تري إلا مصالحها.. هذا ما فعلته صورة الطفل السوري الغريق ايلان كردي الذي جرفت الأمواج جثته إلي السواحل التركية وهو ممدد علي بطنه فاردا ذراعيه الصغيرتين وكأنه نائم وهذا ما أكده أبوه في حديثه الحزين لأحد البرامج التليفزيونية وهو يروي رحلة الموت التي قام بها مع أحد سماسرة الموت مقابل 200 يورو لكل شخص ورغم ذلك حمل القارب بأكثر من ضعف حمولته ولما اعترضوا أجابهم أنها مجرد خمس دقائق ويصلون سالمين إلي أحدي الجزر اليونانية حيث ينعمون بالأمن الذي افتقدوه في بلادهم وروي الأب وهو الناجي الوحيد كيف فقد أسرته كلها زوجته وولديه بعد انقلاب القارب وقفز منه صاحبه وعاد سابحا إلي شاطيء بلده تاركا الركاب يواجهون مصيرهم المظلم وسط أمواج عاتية لا ترحم كبيرا ولا صغيرا حتي ذلك الطفل ايلان ذا السنوات الثلاث الذي تحول موته إلي رسالة إلي ضمير العالم الذي أصم أذنيه وأغمض عينيه عن مأساة اللاجئين خاصة السوريين والعراقيين الذين فروا بحياتهم بحثا عن مكان آمن، واستطاعت صورة الطفل أن تبكي وزراء في أوربا وكندا وقرروا فتح باب استقبال اللاجئين كما دعا رجل أعمال مصري لتخصيص جزيرة للاجئين تسمي باسم الطفل ايلان الذي هز مشاعر العالم كله.. أخيرا قرر العالم أن يكون ايجابيا وأكثر إنسانية تجاه اللاجئين ليعاملهم علي أنهم بشر ولهم الحق في الحياة الآمنة بعيدا عن الحروب التي نشبت منذ سنوات وستستمر دون غالب أو مغلوب لأن هذا ما تريده الدول الكبري التي تطبق شعار: فرق تسد.. حكاية الملاك الصغير الذي مات غريقا قبل أن يدرك ما هي الحياة هي حكاية العديد من الأطفال الذين لا نعرف عددهم ويفقدون حياتهم بطرق مختلفة في معسكرات اللاجئين.. وكانت مصر وستظل هي الأخت الكبري التي تفتح أبوابها للعرب ليشاركونا بلادنا وأرزاقنا ومنهم السوريون وهم شعب متحضر منتج افتتحوا المطاعم ومحلات الملابس والتاجر السوري يعرف كيف يكسب زبائنه بأدبه ومهارته في البيع ومع ترحيبنا بهم لكننا نتمني أن تنتهي الحرب ويعودوا لبلادهم وأن تظل مصر بعيدة عن الانقسام والحروب الأهلية وتظل القلب الكبير المعطاء لكل من يطلب الأمان.