احترم الإسلام جميع الأديان السماوية، وأرسل الله تعالي سيدنا محمد »صلي الله عليه وسلم« خاتما للأنبياء والمرسلين، مصدقا لجميع الرسل الذين كانوا قبله، وأنزل الله تعالي علي رسوله القرآن الكريم تبيانا لكل شيء، ومصدقا لما بين يديه من الكتب ومهيمنا عليها وحارسا أمينا لها. وكان من عناصر الايمان: الايمان بجميع الرسل السابقين وبجميع الكتب السماوية، قال الله تعالي: »آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ« »البقرة 582«. بل ان ايمان المؤمن لا يكون صحيحا إلا إذا آمن بجميع الأنبياء السابقين، وآمن بما أنزل الله تعالي عليهم من الكتب السماوية الصحيحة، قال الله تعالي: »قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَي وَعِيسَي وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ« »البقرة 631«. وما دام كل مسلم مأمورا ان يؤمن بجميع الرسل السابقين وبجميع الكتب السماوية، فلا يكون لديه تعصب، ولا كراهية لدين آخر أو نبي أو رسول، ولا كراهية ولا حقد علي أحد من أتباع الأديان الأخري.. ووضح القرآن الكريم لاتباعه ما قضته الإرادة الالهية منذ الأزل، من اختلاف الناس في عقائدهم وأجناسهم وألونهم وذلك لحكمة يعلمها الحكيم الخبير، قال سبحانه: »وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ، إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ« »هود 811 و911«. وقال جل شأنه: »وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّي يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ« »يونس 99«. ولا يحجر الإسلام علي أحد، ولا يكره أحدا علي الدخول في عقيدته، قال الله تعالي: »لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ«. »من الآية 652 سورة البقرة«. موقف الإسلام من غير المسلمين من المعلوم ان الإسلام هو دين السلام، لا يأمر بالحرب إلا في الضرورة القصوي التي تستدعي الدفاع والجهاد في سبيل الله. ومع مشروعية الجهاد في سبيل الله، دفاعا عن الدين والعقيدة والأرض والعرض، فإن الحرب في الإسلام لها حدود وضوابط وللمسلمين اخلاقهم التي يتخلقون بها حتي في حربهم مع من يحاربهم من غير المسلمين. فأمر الإسلام بالحفاظ علي أموال الغير، وبترك الرهبان في صوامعهم دون التعرض لهم، ونهي الإسلام عن الخيانة والغدر والغلول، كما نهي عن التمثيل بالقتلي وعن قتل الأطفال والنساء والشيوخ وعن حرق النخيل والزروع وقطع الأشجار المثمرة. وأوصي أبوبكر الصديق رضي الله عنه أسامة بن زيد عندما وجهه إلي الشام بالوفاء بالعهد وعدم الغدر أو التمثيل، وعاهد خالد بن الوليد أهل الحيرة ألا يهدم لهم بيعة ولا كنيسة ولا قصرا ولا يمنعهم من أن يدقوا نواقيسهم أو ان يخرجوا صلبانهم في أيام أعيادهم. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه رحيما بغير المسلمين من أهل الكتاب، وكان ينصح سعد بن أبي وقاص عندما أرسله في حرب الفرس بأن يكون في حربه بعيدا عن أهل الذمة، وأوصاه ألا يأخذ منهم شيئا لان لهم ذمة وعهدا، كما أعطي عمر رضي الله عنه أهل ايلياء أمانا علي أموالهم وكنائسهم وصلبانهم وحذر من هدم كنائسهم. وأمر الإسلام بحسن معاملة الاسري واطعامهم، قال الله تعالي: »وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَي حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً« »الانسان 8«. بينما يعامل غير المسلمين أسري المسلمين معاملة سيئة، وفي أسري غزوة بدر الكبري عاملهم النبي »صلي الله عليه وسلم« خير معاملة فوزعهم علي الصحابة وأمرهم ان يحسنوا اليهم فكانوا يؤثرونهم علي أنفسهم في الطعام وفي الغذاء، ولما استشار أصحابه في شأن أسري بدر، وأشار البعض بقتلهم وأشار الآخرون بالفداء، وافق علي الفداء وجعل فداء الذين يكتبون منهم أن يعلم كل واحد منهم عشرة من أبناء المسلمين القراءة والكتابة، وكان هذا أول اجراء لمحو الأمية. ولم يقبل الرسول ان يمثل بأحد من أعدائه في الحروب مهما كان أمره، ولما أشير عليه أن يمثل بسهيل بن عمرو لانه كان يحرض علي حرب المسلمين وعلي قتالهم فأشير عليه ان ينزع سنتيه السفليتين حتي لا يستطيع الخطابة بعد ذلك، لم يوافق النبي »صلي الله عليه وسلم« علي ذلك بل رفض قائلا: »لا أمثل به فيمثل الله بي وان كنت نبيا«، وعندما حقق الله تعالي لرسوله »صلي الله عليه وسلم« أمنيته بفتح مكةالمكرمة ودخلها فاتحاً منتصراً ظافراً قال لقريش: ما تظنون اني فاعل بكم؟« قالوا: خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم. فقال »صلي الله عليه وسلم« اذهبوا فأنتم الطلقاء لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لي ولكم« ومن توجيهات الإسلام للمسلمين في الحرب: 1- ان يكون القتال في سبيل الله. 2- أن يكون القتال لمن يقاتلون المسلمين. 3- عدم الاعتداء. قال الله تعالي: »وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ المُعْتَدِينَ« »البقرة 091«. فالذين يعتدون علي المسلمين ويقاتلونهم أمر المسلمون ان يقاتلوهم، ولكنه قتال عادل بمعني ألا يمثلوا بأحد وبلا تعذيب حيث قال الله تعالي: »الشَّهْرُ الحَرَامُ بِالشَّهْرِ الحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَي عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَي عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ المُتَّقِينَ« »البقرة 491« وهذا فيمن يقاتلون المسلمين . أما الذين لا يقاتلون من غير المسلمين فكان النبي »صلي الله عليه وسلم« ينهي عن قتالهم،عن أنس رضي الله عنه ان رسول الله »صلي الله عليه وسلم« قال: »انطلقوا باسم الله وبالله وعلي ملة رسول الله لا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلا صغيرا ولا امرأة« »رواه أبوداود«. وفي حديث آخر »سيروا باسم الله وفي سبيل الله قاتلوا من كفر بالله ولا تمثلوا ولا تغدروا ولا تغلوا وتقتلوا وليد«. »رواه ابن ماجه«.. كما كان ينهي »صلي الله عليه وسلم« عن التعرض للرهبان وأصحاب الصوامع وعن التمثيل والغلول، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: »كان رسول الله »صلي الله عليه وسلم« إذا بعث جيوشه قال: »اخرجوا باسم الله، قاتلوا في سبيل الله من كفر بالله لا تعتدوا ولا تغلوا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع«. »رواه ابن ماجه«.