سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
هنا .. إمبراطورية سوق الجمعة ! قرود .. أسود .. ثعابين .. عقارب .. وسلاحف للبيع في «السيدة عائشة»
جميع أنواع السلاح تباع في وضح النهار .. ومستلزمات «الخناقات» والبلطجة!
«مسروقاتك عندنا .. تعالي اشتريها » شعار البائعين وسط غياب أمني
عالم يكتظ بالبشر لا تستطيع وانت بداخله أن تميز بين الوجوه من كثرتها ،تجد به الأشخاص يتسابقون في الخطوات، فإن لم تنتبه لخطوات قدميك قد تتعثر ساقاك وتسقط أرضاً من شدة التدافع.. إنه «سوق الجمعة» الكائن بمنطقة السيدة عائشة ... تجد به ما لم تره عيناك من قبل وما لم يدر بخاطرك يوماً .. يُعرض السلاح هناك مثل الخبز في وضح النهار.. وتُباع الحيوانات المفترسة الحية وكأنها لعُب الأطفال.. وسوف تشاهد أيضاً طيوراً للهواة وتراثا يباع علي الأرصفة بثمن بخس .. وإن كان قد سُرق منك شئ ذات يوم فلا تضيع من وقتك كثيراً في البحث بل إذهب علي الفور إلي هناك ربما تجده يُباع فوق « فرشة» ما علي الأرض... في تلك الأزقة الضيقة المتشعبة من ذاك السوق ستشاهد حالات تحرش.. بلطجة.. إتاوات.. مشاجرات.. الشيء الوحيد الذي لن تجده بهذا المكان هو الأمن أو حتي بدلة «ميري» واحدة لعسكري حراسة.. الفوضي تعم المكان ينتابك شعور انك داخل « وكالة دون بواب» .. إنها إمبراطورية سوق الجمعة المستقلة. «الأخبار» قضت يوما في سوق الجمعة لتنقل صورة حية لعالم غريب مثير لا يمكن تخيله.. بكل شخص به سارح في ملكوته..يفعل ما يريد وقتما يشاء دون «ضابط.. أو رابط».. حقاً أنه مولد وصاحبه غايب.. ! علي بعد بضعة امتار من بداية السوق حين دققنا النظر في البضائع المعروضة علي جانبي الشارع شاهدنا أشياء حلزونية متعددة الألوان وحين حاولنا الاقتراب منها وجدنا رجلاً يرتدي جلبابا ويبدو علي وجهه نوع من الغموض، يمسك بين يديه «شوال» بلاستيك ويقوم البائع بوضع تلك الأشياء الحلزونية إلي داخل «الشوال» وكانت المفاجأة ان تلك الأشياء عبارة عن ثعابين ،نعم ثعابين بأحجام مختلفة. حاولنا السؤال عن نوعية الزبائن واسعار المعروضات لكن البائع نظر الينا بشك وبدأ يتمتم بكلمات غير مفهومة بصوت خفيض وبدأ ينتابه شعور بالخوف تجاهنا ثم أجابنا ومعه بعض الزبائن الأخرين حوله: «إحنا بنحب نربي تعابين.. ايه المشكلة ومش مهم تعرفي سعرها»، ولكن تلك الإجابة كانت غير مقنعة بالمرة بل أنها أثارت داخلنا العديد من التساؤلات.. لماذا هذا الخوف الذي بدا عليهم؟ وهل حقاً يشترونها من أجل تربيتها كهواية لديهم علي الرغم من ان مظهرهم لا يشير إلي رفاهيتهم إلي هذا الحد ؟ وماهي الأماكن التي يقومون بتربية هذه الثعابين بها ؟ الأرجم وابو السيور وبعد عدة محاولات قمنا بالتحدث مع أحد بائعي الثعابين بعد إقناعه بأننا زبائن حتي بدأ يسرد لنا العديد من المعلومات حول هذه الكائنات الخبيثة وقال: «أبيع جميع أنواع الثعابين و بعض الأنواع بالطلب ومن أشهر انواعها «الأرجم» الصحراوي ويترواح ثمنه من 100 جنيه و200 جنيهاً وهناك أرجم زراعي أي أنه ينمو في الأماكن التي بها زرع، وهناك نوع يُسمي «ابو السيور» ويتراوح ثمنه بين 35 جنيهاً حتي 60 جنيهاً، وهناك نوع آخر يُسمي « الطريشة « ويتميز بأنه يلف مثل الدودة ويطير ثم يلدغ». بتعور بس ..! وعن مدي خطورة هذه الثعابين يقول «الثعابين اللي عندي بتعور أخرها تخلي الجسم ينزف دم فقط بس مش بتموت»، وتابع: «أخطر ثلاثة أنواع هي كوبرا و طريشة والحية المقرنة لأن بها سما». وعن مصادر هذه الثعابين وطريقة صيدها أخبرنا قائلاً: «الثعابين لها موسم تظهر به ومع الخبرة في المهنة نعرف أن هناك نوعا يكثر بالشتاء وهناك نوع أخر يكثر بالصيف وأفضل أشخاص نأخذ منهم البضاعة هم البدو في الصحراء فهم أكثر خبرة في صيدهم مثلا الكُبرا يتم صيدها في الشتاء ولكن الصيف خطر صيدها لانها تكون نشطة، وهناك ثعابين صحراوية وثعابين الصخوروكذلك ثعابين الأشجارو يوجد ثعابين البرك والمستنقعات وأخيرا ثعابين البحار وهناك فرق بينها وبين الأفاعي حيث ان الأفاعي تمتلك أنياب عليا. سم الأفاعي بينما يكمل أحد الباعة القدامي للثعابين بالسوق والذي رفض ذكر اسمه قائلاً: «هناك فارق بين سم كل نوع فسم الثعابين نجده يدمر الجهاز العصبي ويؤدي إلي شلل ثم الاختناق، أما فيما يخص ويتعلق بالأفاعي فان سمها يقتل لأنه يدمر الأوعية الدموية». وحين تتعمق داخل ذاك السوق ستشاهد العجب فهناك من يُطعم عددا من الكلاب وأمامه علي الجانب الآخر تقف سيدة ترتدي «عباءة» سوداء وتحمل فوق كتفيها كلبين صغيرين كنوع من الدعاية لبيعهما، وأخرون يرقصون مع بعض القرود وحين سألنا أحدهما أخبرنا قائلاً: «تجارة القرود قديمة والواحد منا يشتري قردين صغيرين ويربيهما ثم بعد ذلك يبدأ يبيع أبناءهما واحد وراء الآخر ومن يعملون بتجارة القرود هنا مشهورون علي مستوي الجمهورية وبعض الناس تقبل علي شرائه بهدف لفت النظر لشيء ماء مثل وضعه في محل أو كافيتريا لجذب الزبائن أو وضعه في حديقة صغيرة خاصة بفيلا كي يفرح به الأطفال». تماسيح للبيع وعلي أحد الأرصفة وجدنا عدة « فتارين» زجاجية بها أنواع مختلفة من الزواحف بداية من التماسيح صغيرة الحجم و(الورل) النيلية التي يتم صيدها من بحيرة ناصر فقط والعقارب و» الحربايات» والخفافيش والقنافد، كما شاهدنا انتشار نوعين بعينهما إحداهما كان «الوطواط» والذي اندهشنا من طريقة التسويق له، حيث يخبر بائعه المارة بان «الوطواط» يُستخدم بمثابة أحد أدوات التجميل المستخدمة للسيدات وانه يقوم بإزالة الشعر الزائد مدي الحياه، وبعض الفئات تقبل علي شرائه للأطفال البنات عقب ولادتهم إعتقاداً بهذا الحديث». أما النوع الآخر الأكثر انتشاراً فكان يُطلق عليه «الضب» الجبلي والذي يشبه كثيراً في ظاهره شكل «السحلية» له ذيل شوكي ومن المعروف عنه أنه وجبة شهية بدول الخليج، ويقول محمد نبيل، بائع: «الضب يُشفي من الأمراض عند تناوله ويُعد من الحيوانات التي تعيش في المناطق البرية الواسعة والصحاري، والضَّبُ يشبه في شكله الخارجي التمساح، ويبلغ طوله قرابة 85 سم، ويعتبر لحم الضَّب من الأغذية الغنية بالبروتين، و يتغذي علي النباتات، والأعشاب وعلي أطراف السوق من جهة اليمين وجدنا بائعي السلاحف، والذين اخبرونا أن تلك السلاحف غير مصرية بل أن مصدرها هو «ليبيا» حيث يقوم بصيدها بدو صحاري ليبيا ويجمعونها ويأتون بها إلي مصر من أجل بيعها والأسعار تتراوح بين 130 جنيهاً إلي 170 جنيهاً. اللي حنط مامتش.. ! يعشق الاحتفاظ بالأشياء والعيش مع ذكرياتها ومتعة النظر إلي ملامحها حتي وإن كانت دون روح... فسار علي درب «الفراعنة» وأصبح «التحنيط» رسالته.. إنه خالد محمد، 50عاماً، قضي عمره في تحنيط الحيوانات، ويقول عم «خالد» احد ابرز وجوه سوق الجمعة: «كنت أعمل وأنا في شبابي كرسام أوتوكاد في المصانع الحربية ولكني خرجت «معاش مبكر»، وهذه المهنة ساعدتني كثيراً في طريقة الرسم والتجسيد، وجاءت لي فكرة التحنيط حين كنت أهوي صيد الطيور والحيوانات الغريبة منذ صغري، والطيور الجارحة وأول مرة قومت بتحنيط شيء كانت تحدياً. غزلان وأسود وتعالب يتحدث عم «خالد» أكثر عن مهنته ويشرح لنا بعض أسرار الطرق التي يستخدمها في التحنيط ويقول: هناك بعض المواد التي استخدمها «الفورمالدهيد السائل والزرنيخ بودرة» بالإضافة إلي نوع من أنواع الصبار ونوع معين من الملح وتُخلط كل المواد السابقة ثم توضع في جراكن بلاستيكية ويتم وضع الجلود بها لمدة أربعة أيام علي الاقل، وبعض أنواع الجلود يتم حقنها وبعض العظميات مثل السلاحف يتم عمل بها ثقوب، وفي الخطوة التالية يتم غسيلها جيداً ثم حشوها سواء بقشرة ناعمة أو نشارة مع قش ثم يتم تثبيت الشكل علي اسلاك معدنية وثم يدخل مرحلة الزخرفة والتزيين سواء في الوجه أو باقي الجسد. وعن أهم الحيوانات التي قام بتحنيطها، يقول: «حنطت العديد من الغزلان والنعام وقرود بمناظر طبيعية وهي تتسلق شجرة مثلاً، إلي جانب ثعالب وأسود وكلاب وجميع الطيور صقور ونسور وغير ذلك. شبك حمام «بخيوطه يشبكها ويأسرها في عش حمام ورا شبابيك».. إنه عمر فتحي، 25 سنة، صانع شبك الحمام، يقول: «أعمل بهذه المهنة منذ ان فتحت عيناي علي هذه الدنيا وقد ورثتها عن أجدادي، ويعمل معي إخواتي الثلاثة، وقرابة 25 فتاه حيث نتعاون جميعاً من أجل أن نخُرج منتجا جيدا لذلك زبائننا تقصدنا بالاسم». وتابع: «أقوم بشراء الخيط من رشيد ودمياط بكميات كبيرة، ثم أرسله للفتيات بحيث يقمن بغزل الخيط من أجل إخراج شكل شبكي يدوي دون تدخل اي مواد فهذه المهنة تعتمد علي الدقة والملاحظة والفن والمثل لدينا يقول: « الشاطرة تغزل برجل حمار»، ثم بعد ذلك أحمل الخيوط عقب غزلها إلي ورشة صغيرة بمنزلي كي يتم تثبيت الخيوط علي الخشب». سوق السلاح أزقة ضيقة متفرعة من السوق الرئيسي يعمها الهدوء ويقف علي بدايتها بعض الأفراد الذين يراقبون من يدخل ومن يخرج مما أثار دهشتنا فجعلنا ننظر بدقة ونتساءل ماهي البضائع التي تستحق هذا الكم من الحرص والتأمين، في ذاك المكان الذي تحيط جنباته بالمقابر من مختلف الجهات، ثم شاهدنا في بداية الشارع «براميل» دائرية الشكل يوضع بها أعداد من عصي الخيزران «الشوم» مختلفة الأحجام والأشكال للبيع، وحين تصادف الأمر وقمنا بالرد علي الهاتف، وجدنا علي الفور جميع الأنظار تتجه نحونا ثم جاء إلينا بعض الأشخاص وهم يقولون: «تليفون ده ولا كاميرا ها ممنوع هنا التصوير او التسجيل عشان بس نبقي علي نور». وفوق صندوق خشبي موضوع علي حامل حديدي يتصل بعجلات صغيرة، يسهل طيه في حالة وصول أمن للمكان تتراص بداخله مجموعة من «الطلقات النارية» إلي جانب عدد من «فرد الخرطوش» وبعض الأسلحة النارية ويقف أمامه رجل طويل القامة وعلي بعد عدة أمتار تقف امرأة ترتدي «عباءة» سمراء وتتحدث مع بعض الزبائن بصوت منخفض ثم يعلو صوتها للحظات وهي تمزح معهم قائلة: «أي خناقة إحنا سدادين»، وعقب خروجنا من ذاك الشارع تقابلنا مع أحد بائعي حيوانات الزينة، والذي قال: «لا تندهشوا كثيراً هذا هو سوق السلاح والجميع يعلم ذلك، وللأسف الناس الشرفاء مثلنا يعانون أقصي معاناه لعدم وجود أمن وسيطرة بعض البلطجية علينا فرضهم إتاوات علي بعضنا وبيعهم للسلاح في «عز الظهر» امام الجميع، هنا يوجد جميع أنواع الأسلحة بداية من الأسلحة البيضاء «مطواه، سكاكين، سيوف» وعصا «الشوم» إلي أسلحة نارية «خرطوش وبنادق ومسدسات» لكن كل ما يكون الطلب تقيل كلما تعمقت أكثر في داخل السوق باتجاهك للمقابر». «إحنا قبل أي خناقة بنيجي نتسوق من هنا خرطوش تلاقي.. مطواه تلاقي كله موجود والأسعار حنينة».. هذا ما قاله لنا شاب عشريني بصوت يملأه التفاخر بالخطأ، دون خوف، واستطرد قائلاً « المطواة قرن الغزال ب 35 جنيها والسوستة الخفيفة ب 20جنيها وفي مطواه نوع نضيف ب 70 جنيها والخنجر ب60 جنيها، والسنجة يتراوح سعرهامن 150جنيها إلي 200 جنيه، أما عصا الخيزران فيوجد نوعان «سادة» وبداخها سيف وهذه تكون أغلي في الثمن»، وهناك سلاح صوت بنستخدمه في الأفراح أحياناً وسلاح خرطوش وفي ناري وكل شيء ثمنه يختلف حسب حالته وهل هو قديم أم جديد». مسروقاتك عندنا.. ! من الإبرة للصاروخ.. كل ما تريده موجود والثمن « علي قد الإيد» فقط في أكبر أسواق للمسروقات والبضائع المسُتعملة داخل منطقة الإمام الشافعي.. أثاث.. ملابس.. أدوات منزلية والكل يتساوي علي الرصيف ! يقول محمد محمود، تاجر بالسوق: «الناس تأتي لسوق الجمعة لرخص البضائع التي تباع به فإذا كانت قطعة خردة تباع في الخارج ب100 فنحن نبيعها في السوق بما لا يزيد علي 40 جنيهًا فقط، والغسالة من 80 إلي 120 جنيهًا». وتابع محمود الببلاوي، بائع روبابيكيا: «روبابيكيا هذه هي كلمة السر في شغلي يعني اسمع أي بيت يقولها اذهب إليه علي الفور وتعطي لي ربة المنزل بعض ملابس الاسرة المستعملة وانا امنحها بدلاً منها طبق غسيل بلاستيك أو أدوات مطبخ اومنظفات، يعني الفكرة كلها تقوم علي تبادل السلع وليس النقود. بينما يروي ممدوح حسن، إحدي الوقائع التي مر بها بسبب المسروقات ويقول: «إن في بداية زواجي تم سرقة شقتي وحين ذهبت إلي سوق الجمعة كي أشتري أي شيء أنام فوقه، وجدت بالصدفة مراتب السرير الجديدة تُباع علي الرصيف وقمت بشرائها من جديد تجنباً لأي مشاكل قد تحدث».