إن الازمة الحالية لحقوق الانسان التي تجسدها الانتهاكات المتزايدة التي ترتكبها الحكومات والافراد تؤثر علي الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية لمختلف الدول، الامر الذي ينذر بالخطر علي السلم والامن الدوليين، وترجع المشكلة الي ان التنمية وحقوق الانسان امران متكاملان فالتنمية البشرية المستدامة تعد استراتيجية هامة للوصول الي التحقيق المطرد لحقوق الانسان مثل الحاق الاضرار بالبيئة فإنها تعتبر في الواقع تنمية مضادة معاكسة، ولذلك حدد ميثاق الاممالمتحدة ثلاثة اهداف مترابطة متمثلة في السلام والتنمية وحقوق الانسان فبدون السلام لا يمكن بالقطع ان تكون هناك تنمية،. كما ان الانتهاك المستمر لحقوق الانسان يؤدي بالضرورة الي نشوب الصراعات والقضاء علي السلام والاستقرار أو تعريضهما للخطر لاسيما في ظل السياق الحالي للعولمة الاقتصادية السريعة فأهمية حماية هذه الحقوق اليوم تظهر في تحكمها في عملية التنمية في العالم الذي تزيد فيه العولمة لأن طريقة تطبيقها من خلال الخصصة الكاملة وعدم الانضباط وزيادة الانتهاك والواضح يؤدي الي ظهور مشكلات علي مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية مما يدفع الي التأكيد علي الحقوق وتفعيل حمايتها. جاءت نصوص ميثاق الاممالمتحدة بعد النضال المتعاقب للانسان في مجال الدفاع من اجل حقوقه وحرياته الاساسية كما ورد ديباجه الميثاق وما نصت عليه المادة »55« من ان تعمل الاممالمتحدة علي تشجيع احترام هذه الحقوق والحريات للجميع في العالم ومراعاتها فعلا، ولاهمية ذلك نصت المادة »65« علي ان يقوم جميع الاعضاء منفردين او مشتركين بما يجب عليهم من عمل بالتعاون مع المنظمة الدولية لادراك المقاصد المنصوص عليها في المادة »55«. كما ورد في الفصل العاشر المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي ان من بين وظائف تقديم العامة »الاعلان العالمي لحقوق الانسان« وعلي الرغم من انه صدر في شكل توجيه يتضمن اهدافا ومباديء عامة تلتزم الدول بها اخلاقيا او ادبيا وليس قانونيا بالمحافظة عليها والسعي لبلوغها فإنه مع ذلك يعد وثيقة ملزمة للدول اعضاء الاممالمتحدة استنادا الي النصوص المشار اليها والمادة »13« من الميثاق التي تشير الي انه من بين مهام الجمعية العامة الاعانة علي تحقيق حقوق الانسان وحرياته الاساسية للناس جميعا دون تمييز وعلي ذلك فالاعلان لا يخلو من قيمة قانونية لانه تذكير لالتزامات الدول في هذا الشأن وتحديد للحقوق الحريات والواجب حمايتها ذلك ان فكرة اعلان وثيقة دولية للحقوق وكانت واردة عندما اقترحها البعض اثناء اعداد وثيقة الاممالمتحدة ولكن كان الامر يحتاج الي مزيد من التفصيلات بشأن تحديد هذه الحقوق.. ومع ان الاعلان لا يعد معاهدة دولية فلا ينشئ التزاما قانونيا مباشرا الا انه يكتسب احتراما في المجتمع الدولي يجعله بمثابة قاعدة عرفية ملزمة للدول الاعضاء وفقا لنصوص الميثاق ونتيجة للاستناد الي الاعلان باعتباره الاساس في الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان وعلي رأسها العهدين الدوليين للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وللحقوق السياسية والطفل والعجزة والتفرقة العنصرية وغيرها ودساتير عدد من الدول وتشريعاتها المحلية وأحكام المحاكمة الوطنية ومحكمة العدل الدولية ومجلس الامن بل انه يستشهد بهذا الاعلان عند انتهاك الدول للحقوق الواردة فيه حتي بعد ابرام اتفاقيات حقوق الانسان الامر الذي يجعله ركنا من اركان النظام العام الدولي حيث ان هناك حالات كثيرة يذكر فيها الاعلان او بعض بنوده كمستوي للسلوك وقياس للمستويات الدولية لحقوق الانسان أو مدي الالتزام بها. ولقد حدد العرف الدولي شروطا لتوافر المسئولية الدولية فاستلزم وجود رابطة قانونية بين الدول التي اخلت بالالتزام »بمعني ارتكابها عمل غير مشروع« وبين ما حدث الاخلال في مواجهته اي الدول التي تراضت معه علي انشاء القاعدة القانونية التي فرضت هذا الالتزام.. وبتطبيق ذلك علي حالة حقوق مشروع« وبين ما حدث الاخلال في مواجهته اي الدول التي تراضت معه علي انشاء القاعدة القانونية التي فرضت هذا الالتزام، وبتطبيق ذلك علي حالة حقوق الانسان يكون انتهاك الدولة لتعهدها الوارد بالمادة »65« في حالة ثبوت خطئها قد الحق اضرارا بالمجتمع الدولي ككل ومن ثم يحق له ان يطلب التعويض عن هذه الاضرار. وقد يتخذ هذا التعويض شكل الغاء الاجراء المنافي لحقوق الانسان او دفع تعويضات مالية ذلك انه وفق مبادئ القانون الدولي والمفهوم العام للقانون يستوجب اي خرق للتعهدات الوفاء بالتعويض اللازم، ومع ذلك فليس هناك ما يدعو للتفاؤل بتطبيق القواعد العامة للمسئولية الدولية خصوصا فيما يتعلق بقضية حقوق الانسان وحداثة دخولها مجال الالتزامات الدولية لان حماية حقوق الانسان تتصل بالنظام السياسي والمفاهيم والاوضاع الثقافية لكل دولة وتمس مبدأ السيادة وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدولة والمنصوص عليها في الفقرتين الاولي والسابعة من المادة »2« من ميثاق الاممالمتحدة ضمن المبادئ التي تقوم عليها المنظمة الدولية بالاضافة الي ان الدول ذهبت مذاهب مختلف في تحديد حقوق الانسان بما يتفق مع مصالحها بين الدول والكتل الرئيسية في العالم. واذا كانت فكرة »السلطة« التي تمارس توقيع الجزاء ليست موجودة في ظل القانون الدولي وانما ترتبط بفكرة المصلحة الدولية الحالة والاحتمالية والتي يتمخض عنها انصياع الاشخاص القانونية الدولية لحكم القواعد التي تراضوا علي الخضوع لها بارادتهم فإنه قد آن الاوان بعد زيادة حالات انتهاكات حقوق الانسان وبعد ان اصبحت هذه القضية حجر الزاوية في النظام الدولي الجديد لانشاء محاكم دولية خاصة تنظر في الدعاوي المتعلقة بحقوق الانسان تكون فرعا من فروع الاممالمتحدة أو مستقلة عنها أو انشاء غرفة خاصة بمحكمة العدل الدولية تنظر في الجرائم الدولية المرتكبة ضد حقوق الانسان.